الذهب عند أقل مستوى في 5 سنوات.. هل تغيرت عقيدة المستثمرين بشأن الملاذات الآمنة؟

الصين قللت حيازتها من المعدن النفيس بنسب أقل من توقعات المحللين

الذهب عند أقل مستوى في 5 سنوات.. هل تغيرت عقيدة المستثمرين بشأن الملاذات الآمنة؟
TT

الذهب عند أقل مستوى في 5 سنوات.. هل تغيرت عقيدة المستثمرين بشأن الملاذات الآمنة؟

الذهب عند أقل مستوى في 5 سنوات.. هل تغيرت عقيدة المستثمرين بشأن الملاذات الآمنة؟

بالنسبة إلى ديانا ميتوفيتش، مديرة صندوق استثماري لدى «غلوبال أسيتس»، التي تدير استثمارات تقدر بنحو 4 مليارات دولار في أسواق الأسهم والسلع، لم يعد الذهب الخيار المفضل لدى لعملائها كملاذ آمن في أوقات تشهد الأسواق العالمية تقلبات حادة ما بين أزمة في الصين وأخرى باليونان.
ولطالما سال لعاب المستثمرين على شراء الذهب الذي ينظر إليه كأداة تحوط هامة في أوقات الأزمات حين يدور الحديث عن مخاطر جيوسياسية أو مؤشرات اقتصادية سلبية، إلا أن ما يحدث بالوقت الحالي من تراجع حاد لأسعار الذهب يطرح مجموعة من التساؤلات حول تغير جذري في العادات الشرائية للمستثمرين بأوقات الأزمات.
تقول ميتوفيتش لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر يتعلق هنا بتغير تام في النمط الشرائي للمستثمرين بأوقات الأزمات.. ففي أوج أزمة طاحنة بأسواق الأسهم الصينية واليونانية لم يكن الإقبال على الذهب كما هو معتاد عليه في أوقات الأزمات». وتتابع: «كانت سندات الملاذ الآمن كالسندات الأميركية واليابانية صاحبة الإقبال الأكبر في وقت كان البعض يقبل على شراء الذهب على استحياء تام».
ويوم الاثنين الماضي فقدَ الذهب نحو 4 في المائة بأكبر وتيرة هبوط يومية منذ 2010، لتتفاقم خسائره منذ مطلع الشهر الحالي فقط إلى نحو 6 في المائة. ومنذ مطلع العام الحالي فقدَ الذهب من قيمته نحو 12 في المائة.
تضيف ميتوفيتش أن «البعض يعتقد أن السبب الرئيسي في هبوط الذهب هو اقتراب موعد رفع أسعار الفائدة الأميركية فقط... من وجهة نظري أن هذا هو الجانب المشرق من القصة. أما الجانب الآخر فيتمثل في تغير جذري في طريقة تعامل المستثمرين مع ملاذات الأصول الآمنة».
وفي تقرير لمجلس الذهب العالمي حول اتجاهات شراء المعدن خلال الربع الأول من العام الحالي، قال إن إجمالي الطلب على المعدن النفيس بالربع الأول من العام الحالي قد انخفض بنسبة بلغت نحو 1 في المائة مع تراجع في الطلب على صناعة الحلي.
أضاف المجلس في تقريره الفصلي أن نمو الطلب في الولايات المتحدة والهند لم يستطع أن يجنب آثار تراجع الطلب على صناعة الحلي لينخفض الطلب العالمي بالربع الأول من العام الحالي إلى مستوى 1079.3 طن مقابل 1089.9 طن في الربع المقابل من 2014.
وفي تلك الأثناء، يظهر على الساحة عنصر هام آخر يؤثر على أسعار المعدن النفيس وهي صناديق المؤشرات (ETF) التي تستحوذ على كميات كبيرة من المعدن تجعلها لاعبا هاما في حركة الأسعار صعودا وهبوطا.
وصناديق مؤشرات الذهب هي نوع من أنواع الصناديق الاستثمارية تمكن المستثمرين من الاستفادة من تحركات أسعار الذهب دون حيازة المعدن ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 2003، حيث يجري تصنيف المعدن كورقة مالية.
وكانت شركة بنشمارك لإدارة الاستثمارات في الهند أول دولة تطلق هذا النوع من الصناديق في مارس (آذار) 2003. ومنذ مطلع العام الحالي وحتى الآن عمدت تلك الصناديق إلى تقليل حيازتها من الذهب ما يعكس توجها استثماريا بالتخارج من ذلك النوع من الأصول.
وعمدت «الشرق الأوسط» إلى تدقيق البيانات على نحو 19 صندوقا استثماريا للمؤشرات أظهرت معظمها تخارجا من المعدن النفيس منذ مطلع العام الحالي. وبلغ عدد صناديق المؤشرات التي قللت حيازتها من المعدن نحو 11 صندوقا، يتصدرهم صندوق «3X Long Gold» الذي قلل حيازته من المعدن بنحو 16.4 في المائة منذ مطلع العام لتبلغ نحو 135.11 طن بنهاية تعاملات الخميس الماضي.
ولصندوق آخر كبير وهو «SPDR Gold Trust» الذي تبلغ أصوله الاستثمارية من الذهب 25.7 مليار دولار، لم يكن الوضع بأفضل حالا، حيث قلل الصندوق حيازته من الذهب نحو 5 في المائة منذ مطلع العام الحالي، بينما سجل صندوق «x Inverse Gold ETN»، الذي تبلغ أصوله الاستثمارية بالذهب نحو 8.8 مليار دولار، أكثر الصناديق زيادة في نسبة حيازة الذهب بلغت نحو 6.92 في المائة.
وقال خبير أسواق السلع لدى «ستاندرد تشارترد»، أباه أوفن، لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يتخارج من الذهب بالوقت الحالي هناك حالة عزوف عن المعدن على الرغم من اضطرابات الأسواق سواء في منطقة اليورو والصين أو حتى الولايات المتحدة التي تقترب بشدة من رفع أسعار الفائدة».
وفي شهادة جانيت يلين، محافظ الفيدرالي الأميركي، أمام الكونغرس الشهر الحالي، أشارت إلى اقتراب رفع أسعار الفائدة المنتظر للمرة الأولى منذ نحو 9 سنوات.
ويقول تقرير حديث صادر عن «ميتال فوكس» إن أسعار الذهب قد تجد لها قاعا في العام الحالي وصولا إلى مستوى 1000 دولار للأوقية على أن تعاود الأسعار الصعود في العام المقبل حول مستوى 1200 دولار للأوقية.
ويضيف التقرير أن «أسعار الذهب كانت على مدار العاميين الماضيين تحت ضغط شديد من احتمالات إقبال الفيدرالي الأميركي على رفع أسعار الفائدة وهو الأمر الذي كبح جماح صعود المعدن في أي أوقات متعلقة بالأزمات الاقتصادية»، بينما يرى تقرير آخر صادر عن بنك ستاندرد تشارترد أن قرار الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة يظل هو المتحكم الرئيسي في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، وحتى إقرار الزيادة، حيث رجح أن يتراجع التأثير تدريجيا مع انتهاء الدورة الاقتصادية الأولى وبعد ذلك سيجد المعدن متنفسا للصعود.
ويتوقع التقرير أن يبلغ متوسط سعر الأوقية خلال العام الحالي 1190 دولارا وأن تنخفض إلى 1080 دولارا بعد إقرار برنامج التيسير الكمي.
يقول أرون ليسيل، خبير السلع لدى «سينشيري فايننشيال»، لـ«الشرق الأوسط»: «انظر حتى إلى الصين التي كنا نعتقد أنها تخزن كميات هائلة من الذهب. عزفت هي الأخرى عن شراء المعدن هناك تغير في الأنماط الاستهلاكية للمستثمرين».
ويوم الجمعة الماضي أعلن المركزي الصيني عن حيازته من الذهب للمرة الأولى منذ نحو ست سنوات والتي جاءت دون توقعات المستثمرين والشركات البحثية. وقال البنك إن حيازته من المعدن النفيس قد بلغت نحو 1658 طنا فقط، بينما كانت تشير توقعات إلى تخطيها حاجز 3 آلاف طن.
يتابع ليسيل: «الدولار القوي يبقى لاعبا هاما في هبوط أسعار المعدن على المدى المتوسط والبعيد. لن تجد الأسعار قاعا لها في المدى القريب على ما أعتقد».
وعادة ما يؤثر الدولار الأميركي على الذهب، لأنه يخفف من حدة جاذبية المعدن كأصل بديل ويجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
وتقول مذكرة بحثية صادرة باركليز، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «لم يعد الذهب ذلك الملاذ الآمن الذي يسعى المستثمرون إلى حيازته مع ارتفاع نسبة الإقبال على المخاطرة على الرغم من المخاطر التي تحدق بالنمو العالمي».



الحكومة السعودية توجّه بإشراك القطاع الخاص لتعظيم أثر تقارير «رؤية 2030»

مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة السعودية توجّه بإشراك القطاع الخاص لتعظيم أثر تقارير «رؤية 2030»

مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)
مركز الملك عبد الله المالي بالرياض (الشرق الأوسط)

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة السعودية وجّهت بإشراك القطاع الخاص، والاستماع إلى مرئيات الشركات والمؤسسات في محتوى التواصل والتقارير الخاصة بـ«رؤية المملكة»، لتعظيم الأثر من التقارير السنوية لـ«رؤية 2030»، مشيرة إلى أهمية الارتقاء بتطوير التقارير القادمة لتصبح شاملة وتتصل بشكل مباشر بقطاع الأعمال.

وتدرك «رؤية السعودية 2030» أهمية العمل المشترك بين القطاع العام، والخاص، وغير الربحي، والشركاء الدوليين، لتحقيق طموحاتها، وإذ يمثل تحقيق «اقتصاد مزدهر»، إحدى ركائزها الأساسية الثلاثة، إذ تركز الرؤية على تنويع الاقتصاد، ودعم المحتوى المحلي، وتطوير فرص مبتكرة للمستقبل، من خلال خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية.

وأوضحت المصادر أن مكتب الإدارة الاستراتيجية في الديوان الملكي السعودي وجّه القطاع الخاص للاطلاع على التقرير السنوي لـ«رؤية 2030»، لرفع الوعي بإنجازات الحكومة في هذا الإطار، مطالباً الشركات والمؤسسات بإبداء مرئياتهم لتصبح التقارير ذات أثر وقيمة لجميع المتلقين والقارئين.

مستوى الشفافية

من خلال المرئيات، طالبت الحكومة بمعرفة ما إذا كان التنظيم الحالي للتقرير يهدف للوصول إلى المعلومات ذات الصلة بقطاع الأعمال، والتوازن بين الإنجازات العامة والتفاصيل المتخصصة بالقطاعات المختلفة، وأكثر الفئات المستفيدة من التقارير السنوية.

وتطرق التوجيه إلى مستوى الشفافية في التقرير من خلال استعراض التقدم والإنجاز، ومدى أهمية ذلك بالنسبة لصاحب المنشأة، والجوانب المقترحة بالتركيز عليها في الإصدارات المقبلة للوصول إلى أكبر شريحة من التجار مستقبلاً، إلى جانب التحسينات المطلوبة للتقرير ليكون أكثر توافقاً مع اهتمامات القطاع الخاص.

وطالبت الحكومة بمعرفة المهام المطلوبة من الفريق الإعلامي للرؤية لتحسين التعاون مع الغرف التجارية السعودية لنقل تقدم وإنجازات «رؤية 2030»، وتقييم التقرير في التنمية الوطنية، علاوة على ذلك أهمية إضافة أمثلة عملية من قصص النجاح لمؤسسات في تحقيق المستهدفات.

إزالة التحديات

سعت «رؤية 2030» منذ انطلاقها إلى معرفة التحديات التي تواجه الشركات والمؤسسات، وبذلت جهوداً مشتركة لإزالة العقبات من أمامه، لتضمن أن القطاع الخاص يلعب دوره الحيوي في دفع عجلة الاقتصاد.

وفي هذا الإطار، نُفذت العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي سهّلت بيئة الأعمال، ورفعت من جودة الخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص، وكفاءتها، ورقمنتها، إضافة إلى إنشاء العديد من البرامج، والمبادرات، وصناديق التمويل، وحاضنات ومسرعات الأعمال.

مستوى أداء البرامج

كان التقرير السنوي لـ«رؤية 2030» لعام 2023 قد سلط الضوء على أداء البرامج، إذ تعد 87 في المائة من المبادرات البالغة 1064 للعام الماضي مكتملة، أو تسير على المسار الصحيح، في حين قدرت مؤشرات الأداء الرئيسة بـ243 مؤشراً، حقق 81 في المائة من مؤشرات الأداء للمستوى الثالث مستهدفاتها، فيما تخطت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية لعامي 2024 - 2025.

وطبقاً للتقرير، وصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1889 مليار ريال، مقارنة بخط الأساس البالغ 1519 مليار ريال، ويبلغ مستهدف العام 1934 مليار ريال، والمستهدف العام للرؤية 4970 مليار ريال، فيما بلغت مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي 45 في المائة، محققاً مستهدف العام البالغ 45 في المائة، ومقارنة بخط الأساس البالغ 40.3 في المائة، فيما يصل مستهدف الرؤية العام 65 في المائة.