هل تتذكرون كيف كان إيدي هاو قبل عقد من الزمان؟ هل ما زلتم تتذكرون كم كان يبدو لطيفا، بخدوده الحمراء وشعره الأشقر، وكيف كان يبدو كنجم سينمائي أو تلفزيوني أكثر من كونه مديراً فنياً؟ هل تتذكرون أداءه المقنع والجذاب في المقابلات الشخصية، والبراعة، والكاريزما التي بدت وكأنها تؤكد على لطفه ولباقته؟
عندما كان لاعبا، لم يكن يرغب في الرحيل عن بورنموث، وحتى عندما رحل إلى بورتسموث لم يلعب سوى مباراتين فقط وسرعان ما عاد إلى النادي الذي يعشقه. كونه مديرا فنيا، لم يكن بيرنلي يبدو أبداً خياراً مناسباً له، لذلك عاد من جديد إلى بورنموث وقدم معه كرة قدم ممتعة وجذابة للغاية، جعلت المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا يشيد بما يقدمه مع الفريق. ومع ذلك، كانت شباك الفريق تهتز بمعدل 66 هدفا في الموسم، وتمكن من البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز بأعجوبة. وكان بورنموث يلعب كرة قدم مثيرة للإعجاب، لكنها لم تكن قادرة على تهديد الفرق المنافسة، فضلا عن أن دفاع الفريق كان سيئا وغير منظم بالمرة.
لكن الوضع اختلف تماما الآن، وأصبح هاو يقود فريقا يمكنه الدفاع بكل قوة وشراسة وتنظيم، ويلعب بطريقة أقل جمالا وإبهارا، ويسعى لتحقيق النتائج الجيدة في المقامين الأول والأخير. ويمكن القول، في هذا العصر الذي يسهل الجدل فيه على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه من الممكن أن يكون هناك أمران صحيحان في نفس الوقت. فلم يكن من الممكن أن يرتقي نيوكاسل، ويصل إلى هذا المستوى من دون الأموال السعودية، التي سمحت للنادي بدفع الرسوم والأجور اللازمة، وجعلت اللاعبين يؤمنون بأنهم يمكن أن يكونوا جزءا من مشروع متنام قد ينتهي به المطاف باللعب في المسابقات الأوروبية والحصول على البطولات والألقاب، بدلاً من مجرد احتلال مركز متوسط في جدول الترتيب أو القتال من أجل تجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى. وفي الوقت نفسه، قام هاو بعمل جيد للغاية، من خلال مساعدة اللاعبين الجدد على التأقلم والاندماج بسرعة مع الفريق، وتحسين وتطوير قدرات اللاعبين الموجودين بالفعل.
والآن، يمتلك نيوكاسل أقوى خط دفاع في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث لم تهتز شباك الفريق سوى 11 مرة في 19 مباراة. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن نيتو لاعب بورنموث هو حارس المرمى الوحيد في المسابقة الذي أنقذ تسديدات أكثر من حارس مرمى نيوكاسل، نيك بوب، هذا الموسم، لكن نيوكاسل يحتل المركز الرابع في الإحصائية المتعلقة بالأهداف المتوقعة، ومن الملاحظ للجميع أن مستوى الفريق يتحسن بمرور الوقت. ولم تهتز شباك الفريق سوى مرتين فقط في آخر تسع مباريات بالدوري. وتعد أندية مانشستر سيتي وليفربول وشيفيلد وينزداي هي الوحيدة التي سجلت في شباك نيوكاسل أكثر من هدف هذا الموسم.
وعلاوة على ذلك، تألق عدد من لاعبي الفريق بشكل واضح. قد لا يكون سفين بوتمان هو الأكثر جذبا للأنظار والانتباه منذ الاستحواذ السعودي على النادي، لكن اللاعب البالغ من العمر 22 عاما يقدم مستويات استثنائية منذ قدومه من ليل مقابل 35 مليون جنيه إسترليني الصيف الماضي. إن التمركز الرائع لبوتمان داخل المستطيل الأخضر ساعد فابيان شير على الظهور بشكل أفضل بكثير مما كان عليه الموسم الماضي أو حتى مع منتخب سويسرا في كأس العالم. لعب بوتمان 18 مباراة مع نيوكاسل، وكان الخروج من كأس الاتحاد الإنجليزي أمام شيفيلد وينزداي هو الخسارة الوحيدة لهذا اللاعب مع فريقه الجديد.
ربما يكون كيران تريبيير هو الظهير الأيمن الأكثر ثباتا في المستوى في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث صنع أربعة أهداف وأحرز هدفا، بالإضافة إلى أنه يأتي ضمن أفضل 25 لاعبا في المسابقة من حيث قطع الكرات في كل مباراة. وبدا دان بيرن في البداية وكأنه صفقة غير جيدة، لكنه يقدم أداء رائعا ويمتلك لمسة سحرية، ويمكن القول إنه يجسد الروح الجديدة لنيوكاسل.
لكن الدفاع لا يتعلق أبدا بخط الدفاع فقط، حيث يلعب الفريق كوحدة واحدة، وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن هاو يرى أن برونو غيماريش ومن حوله شون لونغستاف وجو ويلوك هم أفضل الخيارات في خط الوسط. ويعني هذا أن جويلينتون، بعد أن أُعيد اكتشافه كلاعب محور ارتكاز، عاد إلى خط الهجوم، لكن مع الالتزام بالقيام بالواجبات الدفاعية، والدليل على ذلك أنه يمتلك معدلا رائعا في استخلاص الكرات وإفساد الهجمات يصل إلى 4.1 في كل مباراة في المتوسط.
وعلى الرغم من أن ويلوك أسهم في استعادة الكرة في المتوسط 2.4 مرة لكل مباراة، فإن أهم مميزاته تتمثل في التمركز الدفاعي الرائع، وهو الأمر الذي يصعب تحديده من خلال الأرقام والإحصاءات. وأمام آرسنال، على سبيل المثال، كان من الملاحظ أنه بمجرد أن يتسلم صانع ألعاب المدفعجية مارتن أوديغارد الكرة، فإن ويلوك كان يقوم على الفور بإغلاق زوايا التمرير بشكل رائع. ونتيجة لذلك، انخفض معدل التمريرات الصحيحة لأوديغارد ليصل إلى 66.7 في المائة، مقابل 81.8 في المائة في المتوسط خلال الموسم.
هذا هو الجانب الإيجابي للأشياء. إن المستويات الرائعة التي يقدمها نيوكاسل حاليا تجعلنا نطرح الكثير من التساؤلات بشأن الفترة التي قضاها هاو مع بورنموث، هل لاعبو بورنموث لم يكونوا جيدين بالدرجة التي تجعلهم يدافعون بهذه الطريقة الجيدة، أم أن هاو هو الذي تعلم مؤخرا كيفية التنظيم بهذه الطريقة؟ وهل السبب في هذا التطور هو طاقمه التدريبي أم محللو المباريات بالفيديو؟ مهما كان السبب، فإن الشيء المؤكد هو أن نيوكاسل يدافع بشكل جيد للغاية.
صحيح أن نيوكاسل منظم بشكل جيد للغاية، لكنه بارع جدا في إبطاء وتيرة اللعب والتحكم في سرعة ورتم المباراة. وسواء كان ميكيل أرتيتا محقا أم لا في غضبه العارم خلال المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين نيوكاسل وآرسنال، فإن المدير الفني الإسباني لم يكن المدير الفني الوحيد الذي عبر عن إحباطه من الطريقة التي يلعب بها نيوكاسل. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن المدة الفعلية للعب الكرة في مباريات نيوكاسل هذا الموسم تصل إلى 51 دقيقة و36 ثانية فقط، مقابل 54 دقيقة و53 ثانية في المتوسط في مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. ويعد ليدز يونايتد هو الفريق الوحيد الذي تقل المدة الفعلية للعب خلال مبارياته عن المدة الفعلية للعب خلال مباريات نيوكاسل.
وعندما تعادل نيوكاسل سلبيا على ملعبه أمام ليدز يونايتد الشهر الماضي، كان من الواضح أن هاو غاضب من الطريقة التي «كانوا يضيعون بها الوقت، ويفعلون كل ما في وسعهم لتعطيل سير المباراة» (كان ذلك ثاني أقل وقت للعب الفعلي للكرة في جميع مباريات نيوكاسل هذا الموسم، خلف المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي أمام برايتون، في حين تأتي مباراة آرسنال في المرتبة السابعة في القائمة). وتعد هذه علامة أخرى على التطور الذي طرأ على شخصية هاو، فمعظم أفضل المديرين الفنيين بارعون في النفاق!
لم يعد هاو تلك الشخصية الملائكية التي كان عليها خلال سنوات الذروة مع بورنموث، كما أصبح أقل اهتماما بتقديم كرة قدم جميلة وممتعة، وأصبح يبحث عن تحقيق النتائج الجيدة في المقام الأول. وبالتالي، فإن نيوكاسل يونايتد تحت قيادة هاو ربما لا يكون فريقا ممتعا، لكنه قد يكون قادرا على الفوز بالبطولات والألقاب!
كيف حول إيدي هاو نيوكاسل من فريق يكافح للبقاء إلى منافس على الألقاب؟
كيف حول إيدي هاو نيوكاسل من فريق يكافح للبقاء إلى منافس على الألقاب؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة