عشية اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية، بدا أن التحالف الغربي الذي يقدم الدعم لكييف في طريقه لاتخاذ قرارات، اعتبر البعض أنها ستغير المشهد العسكري برمته. ورغم «الاختلافات» التي عدّت «شكلية» بين أطراف التحالف، حول تسليم الدبابات الثقيلة، عبّر كثير من المسؤولين الأميركيين والغربيين عن تفاؤلهم باتخاذ هذا القرار، في ظل تحذيرات من أن روسيا تستعد لتنفيذ هجوم كبير في بداية الربيع. ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الولايات المتحدة تعتزم إرسال ما يقرب من 100 مركبة قتالية من طراز «سترايكر» إلى أوكرانيا، في إطار شحنة أسلحة ومعدات بقيمة 2.5 مليار دولار، من المتوقع الإعلان عنها في اجتماع للحلفاء في ألمانيا، اليوم (الجمعة). وستشمل الحزمة الأميركية أيضاً مزيداً من مركبات «برادلي» وذخيرة لمنظومة صواريخ «هيمارس» وقذائف مدفعية من عيار 155 مليمتراً و105 مليمترات، ومركبات أخرى وأنظمة دفاع جوي.
- نافذة ضيقة قبل هجوم الربيع
ويخشى المسؤولون الغربيون من أن أوكرانيا ليس لديها سوى نافذة ضيقة قبل هجوم الربيع الروسي المتوقع، ويعملون بسرعة لمنح كييف أسلحة متطورة، كانوا قد أحجموا عن تسليمها بسبب مخاوف من استفزاز موسكو. ويأتي قرار إرسال «سترايكرز»، وهي مركبة قتال ثقيلة تصنعها كندا، لأن تسليمها ممكن في غضون أسابيع، وبعد أيام فقط من التزام بريطانيا بإرسال 14 دبابة ثقيلة من طراز «تشالنجر» إلى أوكرانيا، بعدما وافقت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا على إرسال عشرات المركبات القتالية المدرعة للمشاة، بما في ذلك 50 مركبة «برادلي» القتالية. وتعرضت ألمانيا أيضاً لضغوط للسماح بتسليم دبابات القتال «ليوبارد» الثقيلة إلى أوكرانيا. وقال مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى، في إحاطة صحافية: «لقد عملنا مع ألمانيا عن كثب منذ بداية هذه الأزمة. وتركز الولايات المتحدة حقاً الآن على التأكد من أن أوكرانيا لديها ما تحتاجه للتعامل مع ما تواجهه مباشرة». وقال المسؤول: «من المهم حقاً في هذه المرحلة هو تزويد أوكرانيا بقدرات مدرعة، وعلى وجه الخصوص قدرات دروع المناورة». وأضاف: «لكنهم بحاجة إلى مزيد، لقد عملنا بالفعل مع الأوكرانيين على دبابات (تي 72) ودبابات أخرى من الحقبة السوفياتية، ما يواجههم هو الخطوة التالية. ولهذا السبب ننظر إلى قدرات مدرعة ميكانيكية حديثة. وهذا هو السبب في التركيز على الدبابات، وألمانيا هي مفتاح هذه القدرة».
وتعتبر دبابة «ليوبارد» الألمانية أكثر الدبابات التي يمكن الوصول إليها واستخدامها على الفور. وتتميز بالتحكم الرقمي في نيرانها، وهي مزودة بأجهزة تحديد المدى بالليزر، وبمدفع رئيسي من عيار 120 مليمتراً مستقر بالكامل، يمكنه إطلاق النار أثناء التنقل على أرض وعرة، وبمعدات رؤية ليلية متطورة. وقال المسؤول إن عدداً من الدول الأوروبية، أبرزها بولندا وفنلندا، صرحت علناً عن استعدادها لتقديم «ليوبارد» إلى أوكرانيا. وقال: «إنهم مستعدون للتبرع بها... إنهم بحاجة إلى موافقة ألمانيا... وهذا ما يعمل عليه الوزير أوستن لفكّ هذا القرار». وتوقع المسؤول الأميركي إحراز تقدم في هذه القضية. وقال إن أحد الجوانب المشجعة هو أن «10 دول، والعدد يتزايد» ستعقد اجتماعاً على هامش اجتماع مجموعة الاتصال، يركز بشكل خاص على مسألة حصول أوكرانيا على دبابات «ليوبارد». وأضاف المسؤول: «إننا نشهد وعياً عاماً بين أعضاء المجموعة بشأن أهمية ذلك، والاستعداد لإيجاد سبل للعمل معاً، وبالتنسيق سنتصدى لهذه الحاجة الملحة».
وكان وكيل وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية كولين كال، قد أعلن الأربعاء أن أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من مركبات المشاة الآلية والناقلات المدرعة لاختراق الدفاعات الروسية شديدة التحصين. وقال: «الروس يحفرون حقاً، إنهم يحفرون الخنادق ويضعون الحواجز الحديدية ويزرعون الألغام». وأضاف: «لتمكين الأوكرانيين من اختراق الدفاعات الروسية، تم تحويل التركيز إلى تمكينهم من الجمع بين إطلاق النار والمناورة بطريقة ستثبت أنها أكثر فاعلية».
- التلويح بضرب القرم
وفيما كشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» أن إدارة الرئيس بايدن تدرس إرسال أسلحة لكييف لمساعدتها على ضرب شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014، قال محللون إن الهدف من هذا الكشف هو تركيز الضغط في اتجاهين؛ أولاً ضد روسيا، وثانياً تجاه «الحلفاء المترددين»، بما يزيل التحفظات، ويلغي «الخطوط الحمر»، التي كانت واشنطن تراعيها في المواجهة مع موسكو. وأصرت الولايات المتحدة لسنوات على أن القرم لا تزال جزءاً من أوكرانيا. ومع ذلك، فقد التزمت إدارة بايدن بخط صارم في هذا الشأن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث رفضت تزويد كييف بالأسلحة التي تحتاجها لاستهداف شبه الجزيرة، التي تستخدمها روسيا قاعدة لشن ضربات مدمرة على أوكرانيا، ونفذت منها هجماتها على جنوب البلاد. لكن هذا الأمر بدأ يتغير أخيراً، وفقاً لتقرير الصحيفة. فبعد أشهر من المناقشات مع المسؤولين الأوكرانيين، بدأت إدارة بايدن أخيراً الاعتراف بأن كييف قد تحتاج إلى القوة لضرب هذا الملاذ الروسي، حتى لو كانت هذه الخطوة ستزيد من خطر التصعيد. وقال مسؤولون أميركيون إن الإدارة توصلت إلى الاعتقاد بأنه إذا تمكن الجيش الأوكراني من تهديد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، فإن ذلك سيعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية. وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الأميركيين يناقشون مع نظرائهم الأوكرانيين استخدام الأسلحة التي زوّدتهم بها الولايات المتحدة، من أنظمة صواريخ «هيمارس» إلى مركبات «برادلي» القتالية، من أجل استهداف سيطرة بوتين على جسر بري، يعمل كطريق إمداد حرج يربط شبه الجزيرة بروسيا عبر مدينتي ميليتوبول وماريوبول التي تحتلها روسيا.
- 125 مليون دولار لدعم الطاقة
من جهة أخرى، وبالتوازي مع المساعدات العسكرية، أعلنت إدارة الرئيس بايدن أنها ستعمل مع الكونغرس لتقديم 125 مليون دولار من التمويل الإضافي لدعم صمود شبكة الطاقة والكهرباء في أوكرانيا في وجه هجمات روسيا المتواصلة ضد المرافق والبنية التحتية المدنية الأخرى. وسيتم سحب هذا التمويل بموجب قانون الاعتمادات التكميلية الإضافية لأوكرانيا للعام 2023 الذي تم اعتماده مؤخراً. وقال وزير الخارجية الأميركي، في بيان، إن هذا التمويل الإضافي البالغ 125 مليون دولار سيستخدم لتوفير معدات صناعية أساسية للحفاظ على إمدادات المياه وأنظمة التدفئة في كييف وحولها. ويضاف هذا التمويل إلى مبالغ كبيرة تم تقديمها إلى أوكرانيا، مع غيرها من أشكال الدعم، للحفاظ على شبكة الطاقة والكهرباء في مختلف أنحاء البلاد ضد الحرب الروسية الوحشية وغير القانونية.