فرنسا وإسبانيا توقعان معاهدة الصداقة والتعاون

تركز على الهجرة والدفاع والطاقة والشباب

ماكرون وسانشيز بعد التوقيع على المعاهدة في برشلونة أمس (إ.ب.أ)
ماكرون وسانشيز بعد التوقيع على المعاهدة في برشلونة أمس (إ.ب.أ)
TT

فرنسا وإسبانيا توقعان معاهدة الصداقة والتعاون

ماكرون وسانشيز بعد التوقيع على المعاهدة في برشلونة أمس (إ.ب.أ)
ماكرون وسانشيز بعد التوقيع على المعاهدة في برشلونة أمس (إ.ب.أ)

72 ساعة فقط ستفصل بين القمة الفرنسية - الإسبانية التي التأمت أمس في مدينة برشلونة الكاتالونية من أجل التوقيع على «معاهدة الصداقة والتعاون»، بين البلدين عن القمة الفرنسية - الألمانية التي يستضيفها قصر الإليزيه الأحد المقبل، بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع معاهدة الصداقة بين باريس وبرلين، التي قلبت صفحة الحرب بين الجارين اللدودين، وفتحت الباب لإنشاء التجمع الأوروبي الذي تحول لاحقاً إلى الاتحاد الأوروبي.
والمفارقة أن «البرودة» التي تلف حاليا العلاقات الفرنسية - الألمانية، والعلاقة الشخصية بين الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، هي أحد الأسباب التي تدفع باريس للبحث عن شركاء جدد، بعد أن شكل تعاونها الوثيق مع برلين وعلاقاتهما الخاصة «القاطرة» التي دفعت الاتحاد الأوروبي طيلة عقود إلى الأمام.
وتجدر الإشارة إلى أن المعاهدة الجديدة هي الثالثة من نوعها التي توقعها فرنسا، بعد الأولى مع ألمانيا، والثانية مع إيطاليا التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني)، المسماة «معاهدة كيرينال»، وهو اسم القصر الرئاسي في روما.
بعد الخلافات التي برزت بين باريس وبرلين بشأن مسائل رئيسية؛ مثل الدفاع الأوروبي، وكيفية مواجهة أزمة الطاقة وشراء الغاز، ومواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا، ودعم الشركات الأوروبية لتمكينها من التنافس المتكافئ مع الشركات الأميركية، سعت فرنسا لتوطيد صلاتها مع شركاء جدد، ووقع خيارها بداية على إيطاليا ثم إسبانيا، إلا أن وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في روما شكل نكسة للمساعي الفرنسية. بالمقابل، فإن العلاقات بين مدريد وباريس، وبين ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز «لا تشوبها شائبة»؛ وفق المصادر الفرنسية التي قدمت عرضاً للزيارة وأبعادها قبل يومين من حصولها.
وقال ماكرون في مقابلة مع صحيفة «إل باييس» الإسبانية: «ما سنفعله في برشلونة مهم جداً، لأن الحياة اللغوية والثقافية والاقتصادية (بين البلدين) كانت متقدمة جداً على الهيكل السياسي. لدينا علاقة صداقة حقيقية مع سانشيز. والآن، سنعمل على وضع إطار لها».
ويأتي التوقيع على المعاهدة الجديدة، التي اعتبرها ماكرون، في حديثه لصحيفة إسبانية، أنها ترتدي «رمزية كبيرة»، بعد أن تغلب الطرفان منذ ثلاثة أشهر على خلاف بشأن إنشاء خط «أنابيب» لنقل الغاز «ميدكات» من إسبانيا إلى فرنسا يمر تحت جبال البيرينيه، الأمر الذي عارضته باريس، واستعيض عنه بمشروع آخر يقوم على بناء خط ينقل الهيدروجين الأخضر من برشلونة إلى مدينة مرسيليا الفرنسية الساحلية، ومنه صعودا نحو أوروبا الشمالية. ولن يصبح الأنبوب الجديد فاعلا إلا بعد عدة سنوات.
كان يمكن للعلاقات الفرنسية - الإسبانية أن تتطور من غير المعاهدة، إلا أن أهميتها، كما يرى الإليزيه، أنها توجد «إطارا أو هيكلا للتعاون بين الطرفين»، وأنها تدفع لتوثيق العلاقات بشأن كافة مواضيع التعاون، وعلى رأسها ملفات الهجرة والدفاع والطاقة والشباب والاقتصاد.
ولم يذهب ماكرون منفردا إلى برشلونة، بل اصطحب معه ثلثي وزراء حكومته (الخارجية، والدفاع، والمالية، والثقافة...)، فيما بقيت في باريس رئيسة الحكومة إليزابيت بورن ووزير العمل أوليفييه دوسو، لمواكبة الحركة الاحتجاجية التي شهدتها فرنسا أمس، رفضا لخطة الحكومة بتعديل قانون التقاعد. وتم توقيع المعاهدة تحت قبة متحف الفنون الوطني في العاصمة الكاتالونية. وبالتوازي مع التوقيع على المعاهدة، حصل الكثير من الاجتماعات بين الوزراء الفرنسيين والإسبانيين، فيما نقاط التلاقي بين الطرفين كثيرة. وتبدو باريس ومدريد عازمتين على تعاون أوثق في إطار الاتحاد الأوروبي، الذي كان الكيدان النفضل لتعاون باريس مع برلين.
وقالت المصادر الفرنسية إن ماكرون يدعو إلى تكريس «نهج مشترك مع مدريد» بشأن الاستجابة الأوروبية لقانون خفض التضخم، وهو مشروع استثماري كبير في مجال تحول الطاقة قدّمه الرئيس الأميركي جو بايدن. ويسعى الرئيس الفرنسي إلى تأليب الأوروبيين للرد على الخطة الأميركية لتقديم مساعدات ضخمة للشركات الأميركية، ما من شأنه أن يضر بالتنافس العادل بينها وبين الشركات الأوروبية. وسبق لماكرون أن وصف الخطة الأميركية التي تباحث بشأنها إبان زيارة الدولة التي قام بها إلى واشنطن نهاية نوفمبر الماضي، مع الرئيس بايدن، بأنها «شرسة للغاية»، معربا عن خشيته من تعريضها للخطر مشاريع أوروبا في مجال الطاقة النظيفة والانتعاش الصناعي.
لكن لا يبدو أن مدريد جاهزة حتى اليوم للسير في الركاب الفرنسي، وهي بذلك تحذو حذو ألمانيا، التي تبدي حذرا في الابتعاد عن الولايات المتحدة على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا والحاجة الأساسية للمظلة الأميركية - الأطلسية.
ويأمل الرئيس الفرنسي أن تساعد قمة باريس، الأحد المقبل، في تنقية العلاقات بين الجارين الفرنسي والألماني، لمعاودة البحث في المساعدات الأميركية، وفي شكل الخطة الأوروبية الجماعية التي يسعى ماكرون للترويج لها.
ورافقت قمة برشلونة احتجاجات من التيار الاستقلالي الكاتالوني. وقد اختار الجانب الإسباني برشلونة كونها نقطة الانطلاق لمشروع الهيدروجين الأخضر، بيد أن آلافا من الانفصاليين الكاتالونيين تظاهروا صباح أمس قرب مكان انعقاد القمة؛ احتجاجاً على عقدها، مرددين: «لا فرنسا لا إسبانيا».


مقالات ذات صلة

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن الدول واستقرارها». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

سجّل الإنفاق العسكري في أوروبا عام 2022 ارتفاعاً بوتيرة سريعة غير مسبوقة، حيث وصل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مستويات لم تشهدها القارة منذ الحرب الباردة، وفق ما أفاد باحثون في مجال الأمن العالمي. وأوردت دراسة لـ«معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» أن ارتفاع الإنفاق الأوروبي على الجيوش ساهم بتسجيل الإنفاق العسكري العالمي رقماً قياسياً للمرة الثامنة توالياً حيث بلغ 2.24 تريليون دولار، أو 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعززت أوروبا انفاقها على جيوشها عام 2022 بنسبة 13 في المائة أكثر مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، في عام طغى عليه الغزو الروسي لأوكرانيا. وهذه الزيادة هي الأكبر م

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.