رؤية فنية تستدعي الأساطير المنسيّة في الرياض

التشكيلية السعودية مهدية آل طالب تختزل موروث الرمان والهدهد والحوريات في 40 عملاً

التشكيلية مهدية آل طالب أمام أعمالها في المعرض (الشرق الأوسط)
التشكيلية مهدية آل طالب أمام أعمالها في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

رؤية فنية تستدعي الأساطير المنسيّة في الرياض

التشكيلية مهدية آل طالب أمام أعمالها في المعرض (الشرق الأوسط)
التشكيلية مهدية آل طالب أمام أعمالها في المعرض (الشرق الأوسط)

تظهر ثمرة الرمان في التاريخ، وفي الأساطير، وفي الفن، والدين، وفي التراث الشعبي، بكل ما تتضمنه هذه الثمرة، باعتبارها رمزاً للخلود والوفرة والخصوبة والحظ الحسن، وهو ما استوقف التشكيلية السعودية مهدية آل طالب، لتستلهم من هذه الثمرة وأيقونات أسطورية أخرى؛ أعمال معرضها «رسائل أمي»، الذي يقام حالياً بمدينة الرياض، ويستمر إلى 26 من الشهر الحالي.
تحكي آل طالب لـ«الشرق الأوسط» رؤيتها الفنية حيال ذلك، بالقول «تعلّقت بثمرة الرمان مذ كنت طفلة، وبعمر أربع سنوات كنت أتأملها وتصيبني الدهشة والاستغراب، حول كيفية صفّها بهذا الشكل الأخاذ وإقفالها بقشرة سميكة بدقة وإحكام». وتوضح، أن ذلك قادها لطرح الأسئلة الوجودية التي كانت تجيب عليها والدتها بعفوية، حول الخلق والخالق، لتكبر معها هذه الأسئلة، وتترجم هذا كله في طرحها الفني البعيد عن النمطية.

الثمرة المقدسة
تشير الفنانة إلى أنها انطلقت في رحلة البحث حول تاريخ الرمان في الحضارات القديمة، لتكتشف أن الحضارتين الآشورية والرومانية يجدان في الرمان رمزاً لفكرة الخلود، علاوة على صلة هذه الثمرة بالدم والقلب. وفي الحضارة الإسلامية، تشير الفنانة إلى ذكر الرمان في القرآن الكريم باعتباره من ثمار الجنة، عبر الآية 68 من سورة الرحمن «فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ»، بما يجعل الرمان في سياق مُستقل بذاته عن بقية أصناف الفواكه الأخرى، بحسب تعبيرها.
وتكمل مهدية آل طالب بالقول «وجدت ذلك أيضاً في رحلاتي وأسفاري، ففي تركيا - مثلاً - لمست اهتمام الأتراك بثمرة الرمان، في الأكل والمشروبات والفن والثقافة والموروث العام». وتضيف «ساقني ذلك لاختيار الرمان المقدس في معرضي السابق كدلالة، وهو ما أكملته في معرضي الحالي».
بسؤالها عن علاقة ذلك باسم المعرض «رسائل أمي»، تقول «كانت والدتي تُشبّه أسنان الطفل اللبنية المصفوفة بحبيبات الرمان»، مبينة، أن ذلك جعلها تمزج ما بين الرمان وأفكارها التي تنطلق أيضاً من وصف المرأة بالرمانة في الشعر العربي، وتتابع «في إحدى لوحاتي رسمت الرمان المجفف؛ لأن الرمان حين يتم تجفيفه، يُصدر صوتاً بعد تحريكه يشبه صوت الموسيقى».

الرموز الأسطورية
لم يكن الرمان وحده الحاضر في أعمال مهدية آل طالب، حيث تقدم في معرضها أكثر من 40 عملاً فنياً، يظهر فيها أيضاً طائر الهدهد والحوريات ورموز الحكايات الأسطورية التي اختزلتها من ذكريات طفولتها، وهنا تقول «حين نبحث عن كل رمز ودلالته، نجد أنه يرمز لشيء معين في حضارات عدة، بشكل مختلف أحياناً، وحين نفكك رموز ذلك تتجلى فكرة أعمال المعرض».

الأمومة في الفن
وفي حين تبرز صورة الأمومة كقضية ملحة في هذا الطرح الفني، عبر مزيج من الفقد والحنين، كما تصفه آل طالب، فإنها تقول «أسميت معرضي (رسائل أمي) لأني أرغب في إهداء هذه الأعمال إلى والدتي التي توفت قبل نحو 3 أعوام، فهي ليست رسائل ورقية تقليدية، بل رسائل فنية تختزل طفولتي ونشأتي وما استقيته من والدتي من توصيات وتوجيهات ورعاية».
وتضيف «حاولت استرجاع كل ذلك عبر أعمال المعرض، خاصة أن والدتي كانت مريضة في أيامها الأخيرة، وكنت أرعاها مع إخوتي، والفكرة برمتها نبعت من جملة قالتها لي يوماً ما (مهدية هل ترسميني؟)، أتذكر طلبها هذا وهي متعبة، ولم آخذه بالحسبان حينها، لكن بعد وفاتها وفقدها؛ عاد كلامها يرنّ في أذني، لتلهمني برسم المرأة الحانية والممتلئة والمليئة بالعطاء».

تجسيد المرأة
لم تكن هذه قصة مهدية آل طالب الأولى في التعاطي الفني تجاه المرأة؛ إذ تقول «المرأة رافقت أعمالي منذ بداياتي، على مدى 10 سنوات مضت، فأنا مهتمة بالمرأة، إلا أني أردت تجسيد شكل وروح أمي وبعضاً من كلماتها البسيطة وكثيراً من ذكريات طفولتي في هذا المعرض... فكل لوحة هي تحمل قصة أو جملة قيلت من باب التوجيه أو العطف والحنان».
يذكر، أن مهدية آل طالب هي فنانة تشكيلية ونحاتة سعودية من محافظة القطيف، مواليد 1970، وقدمت العديد من المعارض الفردية والجماعية والدورات التدريبية للفنانين وأصحاب الهمم. كما حصلت على جوائز فنية عدة، محلية وعالمية، علاوة على أن أعمالها تم اقتناؤها من قبل العديد من الجهات المرموقة على مستوى العالم، منها جامعة إليزابيث في لندن لعمل فني باسم «إبحار قارب».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.