شعيل وأصيل وعبد الواحد يحيون ليلة فنية آسرة في «ليالي الدرعية»

وسط نخيل الدرعية وهوائها العليل انطلقت أولى جلسات «ليالي الدرعية» بمشاركة ثلاثة من نجوم الغناء
وسط نخيل الدرعية وهوائها العليل انطلقت أولى جلسات «ليالي الدرعية» بمشاركة ثلاثة من نجوم الغناء
TT

شعيل وأصيل وعبد الواحد يحيون ليلة فنية آسرة في «ليالي الدرعية»

وسط نخيل الدرعية وهوائها العليل انطلقت أولى جلسات «ليالي الدرعية» بمشاركة ثلاثة من نجوم الغناء
وسط نخيل الدرعية وهوائها العليل انطلقت أولى جلسات «ليالي الدرعية» بمشاركة ثلاثة من نجوم الغناء

وسط نخيل الدرعية، وهوائها العليل، انطلقت أولى جلسات «ليالي الدرعية»، بمشاركة ثلاثة من نجوم الغناء العربي، صنعوا ليلة فنية سخية بالغناء العذب واللحن والطرب، وازدانت ليالي المنطقة التاريخية العريقة بلحظات آسرة، واستمتع الجمهور بأجواء شتوية وتجربة استثنائية غير عادية.
بدأ الجمهور في التوافد على المكان المجهَّز بأحدث التجهيزات محفوفاً بترحيب المنظّمين وضيافتهم على الطريقة السعودية الأصيلة، وبدأ ينتظم في الجلوس يلفّه البرد الناعم، وسط دوحة التاريخ، وعلى ناحية من وادي الذكريات، استعداداً لانطلاق السهرة الفنية المرتقبة التي شارك فيها فؤاد عبد الواحد ونبيل شعيل وأصيل أبو بكر.
بوصول الفنان فؤاد عبد الواحد، استهلّت «ليالي الدرعية» أولى جلساتها الفنية، وبدأت رحلة من الطرب الراقي والفن الأصيل، وغنّى «تعلّم ما تعيش إلا على القمّة»، ووضع جمهور مساء الدرعية على قمة الطرب والإمتاع.

رحّب الفنان عبد الواحد ببعض الأسماء السعودية، مثل الشاعر تركي والشاعرة العالية، ممن غنّى لهم خلال الأمسية، وشارك معهم في بناء تجربة غنائية نُحتت لها الكلمات، وابتُكرت الألحان، وصدح بها الفنان مرسولاً للحب والشوق والعتب.
استغرق عبد الواحد ما يكفي من وقت لبدء سهرة مكتملة الجمال، ومهّد لوصول الفنان نبيل شعيل، الذي بدأ بالترحيب بالحضور، وحيّا فيه التفاعل، وهو الأمر الذي تعوده في كل مرة يزور الرياض، التي أصبحت وجهة مفضلة لعائلته لقضاء عطلاتهم الرسمية والاستمتاع بالمواسم الترفيهية ومناسبات الفرح التي لا تتوقف عن عاصمة الفرح.

وأخذ شعيل في الغناء حسب قائمته، وخلالها لبّى بعض طلبات الجمهور، وصدح شادياً ببعض العناوين التي ضاعفت من متعة جمهور متفاعل ومستمتع بالتفاصيل، وفي نهاية وصلته، غنّى كلمات في حب السعودية كتبها الشاعر أحمد الصانع، وعبّر فيها عن علاقة حب ووفاء بين الكويت والسعودية.
أجواء مختلفة، باردة، تشهدها الدرعية، بدخول الساعات المتأخرة من ليل لا يطويه الملل، وتبدأ معه وصلة الفنان أصيل أبو بكر، وأبدع في شق «درب المحبة»، مع جمهوره، ويبحث شمس المتعة التي تدفئ ليل الدرعية، وتبدد قسوة البرد الذي يلفّ المكان.
‏وتشهد منطقة الدرعية تجربة استثنائية، وتحولت إلى وجهة سياحية مكتملة العناصر تلبي اهتمامات الفن والرياضة والذائقة، وعلى مسافة قصيرة من صوت التاريخ الساكن في جدرانها.
وأحيا «موسم الدرعية» ذاكرة المكان الذي ازدهر بباقة من الفعاليات التي يؤمها الجمهور على مدار الوقت، مستمتعين بالتفاصيل التاريخية الغنيّة ولحظات غير عادية يمكن قضاؤها في الدرعية.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».