فولكر بيرتس: التسوية في السودان تسير ببطء نحو الاتجاه الصحيح

الأمم المتحدة تبدي تفاؤلها بالوصول إلى اتفاق نهائي

فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان رئيس «يونيتامس» (حسابه على تويتر)
فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان رئيس «يونيتامس» (حسابه على تويتر)
TT

فولكر بيرتس: التسوية في السودان تسير ببطء نحو الاتجاه الصحيح

فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان رئيس «يونيتامس» (حسابه على تويتر)
فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان رئيس «يونيتامس» (حسابه على تويتر)

أبدت الأمم المتحدة تفاؤلها بوصول العملية السياسية في السودان لاتفاق نهائي بين المدنيين والعسكريين ينهي الأزمة التي تعيشها البلاد، منذ سنوات، قائلة إن مباحثات معالجة الأزمة السياسية تسير في الاتجاه الصحيح رغم البطء الذي يلازم مناقشة القضايا المؤجلة من الاتفاق الإطاري. وكشفت عن إبداء أطراف جديدة رغبتها للحاق بالعملية السياسية الجارية في البلاد.
وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية المعروفة اختصاراً بـ«يونيتامس»، UNITAMSفولكر بيرتس، إن المباحثات بين أطراف الأزمة السياسية تسير في الاتجاه الصحيح، رغم البطء الذي لازم مناقشات قضايا المرحلة النهائية، وأشار إلى أطراف جديدة أبدت رغبتها في الانضمام للعملية السياسية.
وأبدى بيرتس في حوار أجراه معه موقع الأمم المتحدة الإعلامي أمس، تفاؤله بتوصل الأطراف السودانية إلى اتفاق نهائي بعد إطلاق مباحثات المرحلة النهائية، وقال إن أكثر من 60 في المائة من المشاركين بورشة تقييم وتقويم تجربة لجنة تفكيك نظام 30 يونيو (حزيران) 1989 جاءوا من غير الموقعين على الاتفاق الإطاري.
واعترف بيرتس بوجود ما أطلق عليه «أزمة ثقة» بين الأطراف المتحاورة من جهة بين المدنيين والعسكريين، والمدنيين والمدنيين، والعسكريين والعسكريين، لكنه اعتبرها «تباينات» طبيعية في سياق الصراع السياسي الذي تشهده البلاد، وأنها «غير مقلقة».
وتوقع أن تستعيد الأطراف الثقة فيما بينها أثناء العملية السياسية بإيجاد حلول مشتركة للقضايا موضوعات الخلاف، مشددا على أهمية اتخاذ الأطراف كافة إجراءات تساعد على بناء الثقة من قبل السلطات، مثل التنسيق بين الشرطة والمتظاهرين السلميين ووقف العنف ضدهم، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وحمل بيرتس الدولة المسؤولية عن حماية المدنيين من العنف، وقال إن بعثته ينحصر دورها في تقديم المساعدات الفنية وتدريب الشرطة، وقال: «حماية المواطنين تتوقف على وجود دولة ذات مصداقية في كل مناطق البلد».
واستبعد بيرتس ارتفاع حدة المعارضة للاتفاق الإطاري كما يزعم البعض، وقال إن الاتفاق يحظى بتزايد قبوله بين القوى السياسية والمدنية، بقوله: «رأينا في الأسابيع الأخيرة أن عدداً متزايداً من القوى السياسية والمدنية اتصلت بنا، وأبدت رغبة في توقيع هذا الاتفاق»، وتابع: «وهذا يعني أن القبول يتزايد أكثر».
وتعليقاً على تصريحات رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو غير الموقعة على اتفاق السلام، قال بيرتس إن الرجل نقل لأطراف دولية ترعى المفاوضات استعداده لاستئناف التفاوض من أجل اتفاق سلام، إذا ما توصلت التسوية السياسية الجارية لإنهاء الانقلاب وتشكيل حكومة مدنية، وقال: «تصريح الحلو مهم، لأنه يثبت أن إحدى الحركات المهمة غير الموقعة على اتفاق السلام، تنظر إلى العملية الجارية بشكل إيجابي»، وتعهد بتيسير مفاوضات سلام بين الحكومة المدنية المنتظرة وحركة الحلو.
ووقع في الخرطوم 5 ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) الماضي اتفاق إطاري بين العسكريين والمدنيين، نص على تكوين حكومة مدنية متكاملة وخروج العسكريين من الحكم، وأعقب ذلك شروع الموقعين في مباحثات لمناقشة قضايا «الإصلاح الأمني والعسكري، العدالة الانتقالية، تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989. مراجعة اتفاق السلام، وأوضاع في شرق السودان»، استهلتها الأسبوع الماضي بورشة تفكيك نظام الإنقاذ.
وكانت قوى سياسية جديدة قد أبدت رغبتها في الانضمام للاتفاق الإطاري، ومن بينها حركة القوى الجديدة – اختصاراً «حركة حق» - والحزب الوحدوي الناصري، وهو ما أشار إليه بيرتس بقوله إن الاتفاق يكسب عناصر جديدة.
ومن جهة أخرى، قال المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف في تصريحات عقب اجتماع عقد من الآلية الدولية الثلاثية مع موقعي الاتفاق أمس، إن أطراف العملية السياسية ستواصل التباحث حول تصورات مجموعات العمل «قضايا اتفاقية السلام، وقضية شرق السودان، وقضية العدالة والعدالة الانتقالية»، لإجازتها قبل تنظيم ورش متخصصة تناقشها بتعمق ابتداء من الأسبوع المقبل.
ووفقاً ليوسف واصلت لجنة صياغة توصيات خارطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو عملها، وعقدت اجتماعاً أول من أمس بمقر الاتحاد الأفريقي، من أجل إحكام صياغة توصيات المؤتمر قبل إعلانها وتحويلها لمقترحات نصوص تضمن في الاتفاق النهائي، وخارطة طريق تجديد العملية خلال المرحلة الانتقالية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

القاهرة تستضيف مؤتمراً إغاثياً لغزة بمشاركة «الأونروا»

رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
TT

القاهرة تستضيف مؤتمراً إغاثياً لغزة بمشاركة «الأونروا»

رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)

أزمة إنسانية طاحنة يشهدها قطاع غزة، تترقب استضافة مصرية لمؤتمر وزاري إغاثي بمشاركة «الأونروا»، بعد حظر إسرائيلي لها، في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات براً لتفادي حدوث مجاعة، خصوصاً في شمال القطاع.

المؤتمر الإغاثي، الذي تستضيفه مصر الشهر المقبل، كما ذكر دبلوماسي مصري الخميس، عدّه خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» آلية مصرية جديدة ضمن مسارات القاهرة لدخول نتائجه حيز التنفيذ حال إبرام صفقة تبادل رهائن في ظل أزمة إنسانية كبيرة بالقطاع بسبب «قيود وعراقيل إسرائيل»، وأكدوا أن «مشاركة (الأونروا) بالمؤتمر محاولة لتمكين وترسيخ للوكالة الإغاثية بوجه الحظر الإسرائيلي، وتحدٍ له حتى تتراجع إسرائيل عن قرارها المرفوض أممياً وعربياً».

وخلال جلسة بـ«المنتدى الحضري العالمي» في القاهرة، الذي بدأ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويختتم الجمعة، أعلن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون المتعددة الأطراف والأمن، السفير عمرو الجويلي، الخميس، أن «مصر سوف تستضيف الشهر المقبل مؤتمراً وزارياً لحشد المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بمشاركة جميع وكالات الأمم المتحدة، ومن بينها (الأونروا)»، وفق ما نقلته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر.

هذا التحرك بحسب الدبلوماسي المصري ضمن «الثوابت المصرية، ويتضمن 3 مسارات، الأول هو المسار الأمني حيث تبذل مصر قصارى جهدها للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة، والمسار الإنساني لنفاذ المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي المحتلة، والمسار الثالث هو المسار السياسي حيث يتم العمل وفقاً للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبقية الأدوات القانونية للمنظمة، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، حتى يكون ناتجها الرئيسي هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

فلسطيني يحمل طفلاً بعد أن تعرضت مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)

وتغلق إسرائيل منذ أشهر معبر رفح البري، فيما تغلق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل منذ ما يزيد على شهرين، وهو الذي كان مخصصاً لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان جنوب قطاع غزة. وبحسب «برنامج الأغذية العالمي»، فإنه «لم يتم تسليم سوى 5 آلاف طن متري من الغذاء إلى غزة طوال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي ما يعادل 20 في المائة فقط من المساعدات الغذائية الأساسية المطلوبة لـ1.1 مليون شخص، يقطنون في جنوب قطاع غزة».

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة التنمية الاجتماعية، التابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله، التي تشرف على توزيع بعض المساعدات بغزة، لـ«الشرق الأوسط»، قبل أيام، بأن الشهر الماضي حقّق «نتيجة صفرية» في دخول المساعدات، ما انعكس سلباً على قدرة جميع الجهات الدولية والعربية والفلسطينية على تقديم الدعم للنازحين وغيرهم، لافتاً إلى أن «معدل ما دخل نهاية الشهر الماضي فقط لا يتعدى 5 في المائة فقط من احتياجات السكان، واقتصر على إدخال كميات محدودة جداً من الدقيق الأبيض (الطحين)».

ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، تقريراً حول واقع الظروف في قطاع غزة، وخاصة شماله، وقالت إن قطاع غزة «يعيش في 3 دوائر من الحصار الإسرائيلي تخضع لقيود مختلفة»، ونقلت الصحيفة العبرية عن مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في قطاع غزة، يورغوس بترويولوس، تأكيداً منه بأن هناك «استخداماً واضحاً للمساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين شمال القطاع»، وحذّر من «كارثة حقيقية تهدد سكان شمال القطاع».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أن «المبادرة المصرية جاءت في وقتها، خاصة في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفوز دونالد ترمب، للدفع باتجاه إيجاد آليات تسهم في خلق آلية تواجه مناخ الحرب الدائرة في قطاع غزة وفي لبنان».

وسوف يجذب هذا المؤتمر «كثيراً من الأطراف الدولية، وخاصة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، التي تتابع عن كثب تدهور القطاع والمعاناة المتزايدة والحاجة إلى المسارعة في توفير كافة الآليات اللازمة لنجدة الشعب الفلسطيني، بمجرد التوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب»، وفق الحفني.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن القاهرة تعمل على منع حدوث مجاعة بالقطاع منذ انطلاق الحرب، وجهودها مقدرة في هذا الاتجاه، وترفض حظر إسرائيل لنشاط «الأونروا».

وهذا المؤتمر يضاف إلى جهود مصرية كبيرة لإدخال المساعدات لغزة، أبرزها مسعى تشكيل «لجنة لإدارة قطاع غزة» بالتوافق بين حركتي «حماس» و«فتح»، وذلك خلال محادثات شهدتها القاهرة أخيراً، بحسب الرقب، الذي لفت إلى أن المؤتمر سيناقش بالتأكيد آليات إدخال المساعدات و«تجاوز العراقيل الإسرائيلية».

رجل فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وكان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني، دعا، الأربعاء، العالم إلى إنقاذ الوكالة من حظر إسرائيلي قد تكون له «عواقب كارثية» على ملايين الأشخاص العالقين في الحرب في غزة، داعياً الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، إلى «ضرورة اتخاذ إجراءات لمنع إسرائيل من تنفيذ تشريع يمنع عمليات الوكالة في الأراضي الفلسطينية».

وبموجب قانون جديد، أنهت إسرائيل اتفاقية تعاون أُبرمت عام 1967 مع «الأونروا» كانت تغطي جوانب حماية الوكالة وتنقلاتها وحصانتها الدبلوماسية، ويحظر القانون عمليات «الأونروا» في إسرائيل اعتباراً من أواخر يناير (كانون الثاني) المقبل، وقالت الوكالة إن عملياتها في غزة والضفة الغربية أصبحت الآن معرضة لخطر الانهيار، ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في غضون 3 أشهر.

وتأسست «الأونروا» لمساعدة ما يقدَّر بنحو 700 ألف فلسطيني فرّوا أو طُردوا من إسرائيل خلال حرب عام 1948، التي تلت إعلان دولة إسرائيل. وهي تقدم الآن الدعم للاجئين وأحفادهم، الذين يبلغ عددهم نحو 6 ملايين في جميع أنحاء المنطقة. وتعدّ «الأونروا» الوكالة الرئيسية لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ويعتمد تقريباً جميع السكان البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، وسط حرب إسرائيل المستمرة منذ أكثر من عام مع حركة «حماس»، ويقول الخبراء إن الجوع متفشٍ هناك.

امرأة فلسطينية تشير إلى باحة مدرسة الجوني بعد غارة جوية إسرائيلية ضربت الموقع في النصيرات وسط غزة (أ.ف.ب)

ويلجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى المدارس التي تديرها «الأونروا». وتقول جماعات الإغاثة الأخرى إن البنية التحتية القوية التي تمتلكها الوكالة منذ عقود في جميع أنحاء غزة لا يمكن تعويضها. حتى الآن، لم تطرح إسرائيل أي خطة لتوصيل الغذاء والدواء وغيرهما من الإمدادات لسكان غزة في غياب «الأونروا».

وباعتقاد الحفني، فإن مشاركة وكالة «الأونروا»، التي لها باع في غوث اللاجئين وتقديم كافة أشكال الدعم، أمر هام ومطلوب، على أمل أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن منع نشاط هذه الوكالة الهامة في الأراضي الفلسطينية عند التوصل لصفقة توقف الأعمال العسكرية من جانب، وتفتح المجال لتدفق المعونات الإنسانية. كما يرى أن تلك الخطوة المصرية الاستباقية، ضمن أطروحات عديدة، تسعى منها القاهرة لاختراق التعثر في اتفاق الهدنة والقيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات.

في السياق، يؤكد الرقب أهمية مشاركة «الأونروا» في المؤتمر، كونها بمثابة تحدٍ للحظر الإسرائيلي وضغط على إسرائيل دولياً، خاصة في ظل المواقف العربية والدولية الرافضة لتلك الخطوة الإسرائيلية، معولاً على الجهود المصرية في هذا الصدد لدفع حكومة بنيامين نتنياهو للتراجع عن موقفها ضد الوكالة الأممية.