عائلة «إرهابي تينيسي» تعتذر.. ومسلمو «شاتانوغا» يلغون مراسم العيد تضامنًا

أصدقاء للجاني: كان يتعاطى المخدرات.. العائلة: كان يعاني من الاكتئاب

عائلة «إرهابي تينيسي» تعتذر.. ومسلمو «شاتانوغا» يلغون مراسم العيد تضامنًا
TT

عائلة «إرهابي تينيسي» تعتذر.. ومسلمو «شاتانوغا» يلغون مراسم العيد تضامنًا

عائلة «إرهابي تينيسي» تعتذر.. ومسلمو «شاتانوغا» يلغون مراسم العيد تضامنًا

بعد صمت ثلاثة أيام، أصدرت عائلة الأميركي الفلسطيني الذي قتل خمسة من جنود المارينز في شاتانوغا (ولاية تنيسي)، بيانًا اعتذرت فيه عما حدث، وأعربت عن تعاطفها مع عائلات ومعارف الضحايا، مشيرة إلى أن ابنها كان مصابًا بالاكتئاب.
وقتل أربعة من جنود مشاة البحرية الأميركية وبحار في الهجوم الذي تعتبره السلطات «عملاً إرهابيًا». وقالت عائلة عبد العزيز في بيان، إنه «ما من كلمات قادرة على وصف صدمتنا ورعبنا وحزننا»، مؤكدة أن «الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة المروعة لم يكن الابن الذي عرفناه وأحببناه». وأضاف البيان: «لسنوات كثيرة عانى ابننا من الاكتئاب. إن حزننا يفوق الخيال لمعرفتنا بأنه عبّر عن ألمه بهذا العمل العنيف الشائن». وكان عبد العزيز، 24 عامًا، أطلق النار الخميس على مركزين عسكريين في مدينة تشاتانوغا: الأول مكتب للتجنيد لقوات المارينز، والثاني مركز لقوات الاحتياط. وبعدما عبّرت عن تعازيها لعائلات الضحايا، أكدت عائلة الشاب تصميمها على مواصلة التعاون مع السلطات. ويسعى المحققون إلى معرفة دوافع الشاب في مهاجمة مركزين عسكريين في تشاتانوغا الخميس.
وطلب مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) من وكالات استخبارات أجنبية مساعدته في معرفة تحركات ونشاطات عبد العزيز في الخارج، بينما يدقق محللون في نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي. وعبد العزيز فلسطيني مولود في الكويت، وعاش في الأردن وحصل على الجنسية الأميركية. وقال رئيس بلدية تشاتانوغا أندي بيرك لشبكة «سي إن إن» الإخبارية أن «كل فرد في إداراتنا يشارك في هذا التحقيق». إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي حذر من استباق نتائج التحقيق بعدما تحدث مايكل ماكول، رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، عن هجوم «مستوحى من تنظيم (داعش)». وقال المسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إيد رينولد: «حاليًا، لا مؤشرات لدينا إلى أن الهجوم مستوحى أو موجه من قبل أي شخص آخر غير» عبد العزيز. وعلى أثر الهجوم سادت أجواء من الحزن على المدينة التي تضم 168 ألف نسمة، بينما دانت المنظمة الإسلامية لتشاتانوغا الكبرى الاعتداء وألغت الاحتفالات بعيد الفطر احترامًا لذكرى الضحايا.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تكشفت تفاصيل عن هذا الشاب الذي ينتمي إلى عائلة من الطبقة الوسطى تعيش في إحدى ضواحي المدينة، والحائز على شهادة في الهندسة من جامعة تينيسي. وقد عرف بحماسه لفنون القتال. ويدقق المحققون في سفر عبد العزيز إلى الخارج، وتثير اهتمامهم، خصوصًا، رحلة قام بها إلى الأردن العام الماضي. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع المستوى في الاستخبارات، أن عبد العزيز أمضى «نحو سبعة أشهر العام الماضي» في الأردن. ويبحث المحققون في حواسيبه وهاتفه وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي لتحديد ما إذا كان تواصل مع تنظيمات متطرفة خلال فترة وجوده في الأردن أو إذا كان توجه إلى سوريا.
ويبدو أن سلوك والده كان عنيفًا؛ إذ تقدمت والدته بطلب طلاق في عام 2009 ثم تراجعت عنه لاحقًا، وقد شكت من تعرضها هي وأولادها الخمسة للضرب مرارا من قبل زوجها. وأفادت معلومات أن والده خضع للتحقيق بشبهة ارتباطات بمجموعة إرهابية، لكن تمت تبرئته في نهاية المطاف. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت أن يوسف عبد العزيز المولود في فلسطين خضع لرقابة أمنية لبعض الوقت بعدما تبرع بالمال لمنظمات مقربة من حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة «إرهابية».
والمشكلة الوحيدة التي واجهها عبد العزيز مع السلطات كانت توقيفه في أبريل (نيسان) الماضي، بسبب قيادته السيارة بعد تناوله مشروبات كحولية. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، حسب أصدقاء عبد العزيز، إنه كان يتعاطى مخدرات. وإنه كان يتناول أدوية للإحباط والتوتر والقلق، لكنه كان يقول إنه سئم منها، ولا يريد أن يتبع تعليمات الأطباء. وقال أصدقاء له إن الاعتقال كان «سبب حرج كبير له»، خاصة لأنه «كان يصور نفسه بأنه مسلم متدين. وكان يردد فلسفات، كتب بعضها في صفحته في الإنترنت، مثل قوله: هذا العالم سجن من رتابة وروتين».
ونشرت صحيفة «شاتانوغا تايمز فري برس» أن عبد العزيز اشترى، في العام الماضي، بندقيتين هجوميتين: «آي كي 74» و«آي آر 15». ثم اشترى مسدسًا أوتوماتيكيًا «سيغا 12». كل ذلك عن طريق الإنترنت. وأنه وأصدقاؤه كانوا يذهبون إلى «برينتس كوبر»، مكان لتمارين إطلاق النار بالقرب من مدينة شاتانوغا، وقد عمل الشاب عبد العزيز في 2013 لمدة عشرة أيام في محطة بيري النووية في أوهايو شمالاً، إلا أنه لم يبقَ في الوظيفة لأنه لم يستوف الشروط المقبولة، وفق ما ذكر ناطق باسم مجموعة الطاقة «فيرست إنيرجي» المشغلة للمحطة.
وفي واشنطن طلب وزير الدفاع أشتون كارتر وضع توصيات لتعزيز أمن القوات والمدنيين في المنشآت العسكرية. لكن حكام ولايات: آركنسو وفلوريدا وإنديانا ولوزيانا وأوكلاهوما وتكساس، وقعوا أوامر تنفيذية يمكن أن تسمح للعسكريين بحمل أسلحة نارية في مراكز التجنيد. وقال حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت: «بعد حادث إطلاق النار الأخير في تشاتانوغا أصبح من الواضح أن عسكريينا يجب أن يتمتعوا بالقدرة على الدفاع عن أنفسهم ضد مثل هذه الهجمات على أرضنا».
من جهته، قال السناتور الجمهوري رون جونسون الذي يرأس لجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، إنه سيتقدم بمشروع قانون لإنهاء حظر حمل الجنود أسلحة نارية في المنشآت العسكرية. أما المرشحون الجمهوريون للسباق الرئاسي: جيب بوش، ودونالد ترامب، وسكوت ووكر، فقد دعوا إلى رفع منع العسكريين من حمل أسلحة نارية داخل مراكز التجنيد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.