لقاح «كورونا» في «رقعة جلدية»... ما الفوائد؟

تحالف دولي يدعم إنتاجه

لقاح «كورونا» القادم سيكون على شكل رقعة (شركة فاكساس)
لقاح «كورونا» القادم سيكون على شكل رقعة (شركة فاكساس)
TT

لقاح «كورونا» في «رقعة جلدية»... ما الفوائد؟

لقاح «كورونا» القادم سيكون على شكل رقعة (شركة فاكساس)
لقاح «كورونا» القادم سيكون على شكل رقعة (شركة فاكساس)

على ما يبدو يتجه العالم للانتقال من مرحلة الجائحة إلى الفيروس المستوطن في التعامل مع فيروس «كورونا المستجد»، وهو ما يفرض دوماً البحث عن حلول جديدة تتم إضافتها إلى صندوق أدوات مكافحة الفيروس.
وأحد الأدوات الجديدة، التي تحظى بدعم دولي لإنتاجها، هو توفير لقاحات جديدة لفيروس «كورونا المستجد»، باستخدام تقنية «الرنا مرسال»، ولكن مع تغيير الأداة المستخدمة في التوصيل، فبدلاً من توصيل اللقاح عن طريق الحقن، يتم توصيله من خلال رقعة تلصق على الجلد.
وكان تحالف ابتكارات التأهب الوبائي، قد أعلن الثلاثاء، أنه يعمل مع شركة التكنولوجيا الحيوية «فاكساس»، على إنتاج رقعة اللقاح باستخدام تقنية «الرنا مرسال».
والتحالف، مبادرة تم إنشاؤها 2015. وإطلاقها رسمياً عام 2017 في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، وشارك في تأسيسها وتمويلها المشترك بمبلغ 460 مليون دولار مؤسسة بيل ومليندا غيتس، صندوق ويلكم، ومجموعة من الدول، وهي النرويج واليابان وألمانيا، وانضم إليها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في وقت لاحق، ويقع مقرها في أوسلو بالنرويج، وتعنى بأخذ تبرعات من المنظمات العامة والخاصة والخيرية ومنظمات المجتمع المدني لتمويل مشاريع بحثية مستقلة لتطوير لقاحات ضد الأمراض المعدية الناشئة.
وقال التحالف في بيان إنه سيوفر ما يصل إلى 4.3 مليون دولار لشركة «فاكساس»، لتطوير رقعة لقاحات (الرنا مرسال). ولقاحات «الرنا مرسال»، التي أنتجتها شركتا «فايزر» و«موديرنا»، كانت من بين أكثر اللقاحات المستخدمة بكثرة خلال الوباء، غير أنها تعاني من عيوب الحاجة إلى التخزين شديد البرودة قبل الاستخدام، حيث يجب تخزين لقاحات «فايزر» في درجة حرارة أقل من 60 إلى 90 درجة مئوية تحت الصفر. وقال خبراء تحالف ابتكارات التأهب الوبائي، إن منصة توصيل اللقاحات الخاصة بـ«فاكساس» عن طريقة الرقعة التي تلصق على الجلد، يمكن أن تحسن الوصول إلى لقاحات (الرنا مرسال) عن طريق إزالة الحاجة إلى التخزين المجمد، مما يتيح سهولة التوزيع وتقديم جرعات دقيقة وآمنة بأقل قدر من النفايات.
وأوضح التحالف في بيان أن استثماراته ستتجه نحو إجراء الاختبارات المعملية على الرقعة «لتقييم استقرارها وسلامتها وتقييم إمكاناتها كتقنية استجابة سريعة للقاحات (الرنا مرسال) التي لا تحتاج لإمكانيات تخزين خاصة».
وتتكون رقعة اللقاح من آلاف النقاط المجهرية، وتحتوي كل نقطة على جرعة صغيرة من اللقاح في شكل جاف، وعندما توضع على الجلد، فإنها توصل اللقاح إلى الخلايا المناعية مباشرة تحت سطح الجلد. وأضاف التحالف أن «هذه الرقعة يمكن إرسالها بالبريد مباشرة إلى منازل الناس وأماكن العمل والمدارس».
من جانبه، يضيف محمد الشربيني أستاذ الميكروبيولوجيا والمناعة بجامعة الأزهر المصرية، ثلاث مزايا أخرى لهذا التوجه في إنتاج اللقاحات، فإلى جانب كون أن الشكل المجفف للقاح أكثر ثباتاً في درجات حرارة من اللقاحات السائلة، فإن استخدام اللصقات أسهل من اللقاحات التي تُحقن بالإبر والمحاقن. ويقول الشربيني لـ«الشرق الأوسط»: «تحتاج لقاحات الحقن إلى طاقم طبي مدرب على إعطائها، بينما تلك الرقعات يمكن استخدامها من دون دعم طبي، وهذا يمكن أن يساعد على زيادة عدد الحاصلين على اللقاحات، هذا بالإضافة إلى ميزة ثانية، وهي أن بعض الناس لا يفضلون الحقن، وقد تكون هذه اللقاحات حلاً مناسباً لهم».
ويضيف ميزة ثالثة، وهي أن الفيروس يتجه لأن يكون مستوطناً، «وهذا سيفرض الحصول على لقاحات بشكل دوري، كما سنحتاج إلى تحديث تركيبة اللقاحات من حين لآخر»، ومن ثم فإن تحويل اللقاح من الحقن إلى رقعة تلصق بالجلد، قد يكون مشجعاً للكثيرين على الالتزام بالحصول على اللقاح.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».