هل تنجح مساعي التكامل الاقتصادي لـ«تكتل شرق أفريقيا»؟

بعد الإعلان عن إنشاء بنك مركزي... والاقتراب من «عملة موحدة»

خريطة تُظهر الدول الأعضاء في تكتل شرق أفريقيا (موقع التكتل)
خريطة تُظهر الدول الأعضاء في تكتل شرق أفريقيا (موقع التكتل)
TT

هل تنجح مساعي التكامل الاقتصادي لـ«تكتل شرق أفريقيا»؟

خريطة تُظهر الدول الأعضاء في تكتل شرق أفريقيا (موقع التكتل)
خريطة تُظهر الدول الأعضاء في تكتل شرق أفريقيا (موقع التكتل)

يسعى تكتل شرق أفريقيا إلى تحقيق نجاحات باتجاه التكامل الاقتصادي، عبر خطوات متسارعة، أعلنها الأمين العام لمجموعة شرق أفريقيا (EAC) بيتر ماثوكي، بينها إنشاء معهد النقد لشرق أفريقيا (البنك المركزي لشرق أفريقيا) هذا العام، فيما عده خبراء خطوة جيدة، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية التي ما زالت تشكل عقبة في الطريق.
وقال ماثوكي في حديث للصحافيين الأسبوع الماضي: «من المتوقع أن يحدد مجلس وزراء المجموعة موقع البنك هذا العام، وأن تبدأ المؤسسة عملها بما يسمح بتنسيق السياسات المالية والنقدية للدول الأعضاء، والتوصل في غضون 3 سنوات تقريباً لعملة موحدة للدول الأعضاء».
وحول السلام والأمن، قال ماثوكي إن المجموعة حريصة على تحقيق الاستقرار في المنطقة الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي عملية قال إنها تتطلب حلاً سياسياً، سيعمل رؤساء الدول على التوصل إليه.
وتمثل العملة الموحدة الركيزة الثالثة لتكامل المجموعة، بعد إنشاء الاتحاد الجمركي وبروتوكول السوق المشتركة. ومن المتوقع أن تساهم العملة الموحدة في تسهيل الأعمال وحركة الأشخاص داخل المنطقة، ما يساهم في تحقيق هدف الكتلة في تحقيق الأهداف المقررة في بروتوكول السوق المشتركة.
وبموجب البروتوكول، تسعى الدول الموقِّعة إلى إنشاء مؤسسات موحدة، تشمل بنكاً مركزيّاً وهيئة بيانات، تهتم في المقام الأول بدعم العملة الموحدة، وكذلك تنسيق السياسات النقدية والمالية، بحيث تقدّم الدول الأعضاء موازناتها السنوية في توقيت واحد من كل عام.
ومجموعة شرق أفريقيا هي منظمة حكومية دولية إقليمية، تضم 7 دول واقعة في منطقة البحيرات الكبرى في شرق أفريقيا، وهي: بوروندي، وكينيا، ورواندا، وجنوب السودان، وتنزانيا، وأوغندا، وجمهورية الكونغو.
ويقع المقر الرئيسي للمجموعة في مدينة أروشا في تنزانيا. وتأسست المنظمة عام 1967، وحُلّت عام 1977، ثم أعيد تأسيسها في يوليو (تموز) 2000. وفي عام 2005، قامت دول التكتل بالتوقيع على بروتوكول «الاتحاد النقدي»، والسوق المشتركة، وإنشاء اتحاد جمركي، وتوقيع بروتوكول آخر في مجال الدفاع والأمن الإقليميين.
ويبلغ عدد سكان مجموعة دول شرق أفريقيا 300 مليون نسمة، بينما يبلغ إجمالي مساحة دول التجمع نحو 1.820.000 كيلومتر مربع. وتُظهر البيانات الصادرة عن أمانة المجموعة، أن التجارة البينية داخل الكتلة الإقليمية تسير في مسار تصاعدي؛ حيث بلغت 10.17 مليار دولار أميركي بحلول سبتمبر (أيلول) 2022.
ووصف الخبير الاقتصادي الجزائري فريد بن يحيى خطوات التكتل نحو التكامل الاقتصادي، بالمهمة والجيدة. وأشاد باحترافية القائمين على برنامج التكامل؛ لكنه لفت إلى «ضرورة بذل مزيد من الجهد من الأعضاء في مجال مكافحة الفساد، والقيام بمزيد من الإصلاحات في مجال الرسوم الجمركية».
وقال بن يحيى لـ«الشرق الأوسط»: «تملك مجموعة الدول في التكتل كل أنواع الثروات والكفاءات التي يحتاجها سكانها. وسيحقق التوصل إلى عملة موحدة خطوة كبيرة في سبيل تحقيق التقدم والرخاء الاقتصادي». ورأى أن «تلك الخطوات في هذه المنطقة المهمة» تأتي في «سياق عالم جديد متعدد الأقطاب».
بدوره، قال الصحافي والمحلل الأوغندي إيمانويل موتايزيبويه لـ«الشرق الأوسط»، إن إنشاء البنك المركزي لشرق أفريقيا «خطوة جيدة؛ حيث يمكنها تسهيل عملية إنشاء نظام العملة الموحدة. ويأتي ذلك في توقيت جيد؛ حيث تتطور فيه التجارة البينية الإقليمية بوتيرة متسارعة، وتدخل جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى المجموعة».
وأضاف: «على الرغم من ذلك، فلا تزال المنطقة تواجه تحديات، أبرزها انعدام الأمن في جمهورية الكونغو الديمقراطية المضطربة، والحكومات غير المستقرة في جنوب السودان وبوروندي». ويشير موتايزيبويه إلى أنه على الرغم من أن المجموعة قد نشرت قوة احتياطية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن الصراع لا يزال مصدر قلق هناك: «لكن المجموعة بثقلها السياسي والاقتصادي يمكنها التغلب على تلك العقبات».
من جهته، يعتقد الكاتب والباحث السياسي الإثيوبي موسى شيخو، أن تكتل شرق أفريقيا هو من «أنجح التكتلات في القارة»؛ لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلافات بين الدول الأعضاء تبقى تحدياً كبيراً. فهناك خلاف بين كينيا وتنزانيا حول توسيع الحلف، ليشمل دولاً في الجنوب، وهو ما تتبناه تنزانيا وترفضه كينيا. كما أن هناك خلافات حدودية عميقة بين أوغندا وتنزانيا، وأيضاً بين كينيا وتنزانيا».
وأشار شيخو إلى أن إثيوبيا تعمل على تطوير اقتصادها، وتتنامى العلاقات بينها وبين دول التكتل، لا سيما كينيا التي يذهب إليها أكثر من ثلث صادرات البلاد. ورأى أن «انضمام أديس أبابا للتكتل حتمي. إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب».



قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
TT

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)

بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف مع الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل، السبت، الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها قطاع التعدين السعودي أمام الشركات البرازيلية، والخطط التوسعية للمستثمرين البرازيليين في المملكة.

وكانت السعودية قد استحوذت، مؤخراً، على حصة 10 في المائة في شركة «فالي» للمعادن الأساسية، من خلال شركة «منارة للمعادن»، وهي مشروع مشترك بين «صندوق الاستثمارات العامة» وشركة «معادن».

كما بحث اللقاء أهمية استخدام التقنيات الحديثة في المشاريع التعدينية، بما يؤدي إلى كفاءة الإنتاج ويعزز الاستدامة البيئية، وصولاً إلى الحياد الكربوني في العقود المقبلة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فالي»، خلال الاجتماع، إنه جرى تقديم دعم كبير للشركة عند استثمارها في المملكة، حيث تم تسهيل ممارستها للأعمال، خصوصاً عند إنشائها مشروع تكوير الحديد بمنطقة رأس الخير (شرق المملكة).

وتمتلك البرازيل ثروة تعدينية هائلة، وخبرة واسعة في التنقيب عن المعادن واستغلالها، ما يجعلها شريكاً مهماً للمملكة في قطاع التعدين، خصوصاً أن البلدين تربطهما علاقات ثنائية راسخة تمتد لأكثر من 50 عاماً، ترتكز في الجانب الاقتصادي على تعاونٍ مهمٍ في قطاعي الطاقة والمعادن.

وتعمل المملكة على تطوير قطاع التعدين، واستكشاف واستغلال ثروات معدنية دفينة في أراضيها، تقارب قيمتها 9.4 تريليون ريال؛ وذلك لتعظيم استفادة الاقتصاد الوطني من التعدين، وليكون ركيزة ثالثة في الصناعة، وترى السعودية أن تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات، ضرورة ملحة لتطوير القطاع ومواجهة تحديات سلسلة توريد المعادن.

ولجذب المستثمرين لقطاع التعدين اتخذت المملكة إجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية، منها تعديل نظام الاستثمار التعديني، وإطلاق ممكنات وحوافز في قطاع التعدين بما في ذلك التمويل المشترك بنسبة 75 في المائة للنفقات الرأسمالية، وإعفاء من الرسوم الضريبية لمدة 5 سنوات، وملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100 في المائة. وفي أبريل (نيسان) 2024 أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن برنامج تمكين الاستكشاف، وخصصت 182 مليون دولار لتقليل مخاطر الاستثمارات في الاستكشاف.

ولمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بوضوح والتزاماً بمعايير الشفافية في بيئة الاستثمار التعدينية؛ تتيح المملكة جميع البيانات الجيولوجية التي يتم تحديثها بشكل مستمر بناءً على نتائج برنامج المسح الجيولوجي العام، لتضاف للمعلومات الجيولوجية التي يمتد عمرها لأكثر من 80 عاماً، وتتاح جميع البيانات على منصة رقمية.

وأعلنت السعودية، مؤخراً، عن تأسيس البرنامج الوطني للمعادن، الذي سيكون أداة قوية وداعمة لتعزيز جودة وكفاءة سلاسل الإمداد من المعادن، وضمان استمرارية توريدها للصناعات المحلية والمشاريع الكبرى؛ حيث تستهدف المملكة استثمار 120 مليار ريال في صناعات المعادن الأساسية والاستراتيجية.