انقلابيو اليمن يرتكبون عشرات الانتهاكات بحق الصحافيين

تشييع جثمان صحافي يمني قتل في قصف حوثي على مطار عدن في 2021 (أ.ف.ب)
تشييع جثمان صحافي يمني قتل في قصف حوثي على مطار عدن في 2021 (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يرتكبون عشرات الانتهاكات بحق الصحافيين

تشييع جثمان صحافي يمني قتل في قصف حوثي على مطار عدن في 2021 (أ.ف.ب)
تشييع جثمان صحافي يمني قتل في قصف حوثي على مطار عدن في 2021 (أ.ف.ب)

وثقت تقارير يمنية حديثة قيام الميليشيات الحوثية بارتكاب عشرات الانتهاكات بحق الصحافيين، وحرية الصحافة خلال العام الماضي (2022)، تنوعت بين القتل والإصابة والاعتقال والتعذيب القسري، في المناطق الخاضعة للميليشيات.
وفي حين يؤكد إعلاميون في صنعاء أن مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية لا تزال تشهد أسوأ مرحلة في تاريخ الصحافة اليمنية، رصد أحدث التقارير اليمنية أكثر من 266 حالة تعسف وانتهاك، مارست معظمها الميليشيات الحوثية خلال العام الماضي.
وتنوعت تلك الانتهاكات بين القتل والإصابة، والاعتقال، والاقتحام، والاعتداء، والإغلاق، ومصادرة الممتلكات، والإخفاء القسري، والمنع من مزاولة العمل والتصوير، والتهديد بالأذى والعنف والتعذيب والحرمان من حق التطبيب، وإحالة للمحاكمات.
في هذا السياق، أفاد تقرير حديث صادر عن نقابة الصحافيين اليمنيين، بتوثيق 92 حالة انتهاك طالت وسائل إعلام وصحافيين ومصورين ومقتنياتهم خلال عام 2022.
وشملت الانتهاكات، بحسب التقرير السنوي للنقابة، 17 حالة اعتداء على صحافيين ووسائل إعلام، و15 حالة محاكمة لصحافيين، و14 حالة احتجاز، و12 حالة تهديد وتحريض، و13 حالة تعذيب وحرمان من حق التطبيب والرعاية، و9 حالات إيقاف لإذاعات، و3 حالات مصادرة مقتنيات، و3 حالات قطع مرتبات وحالتي قتل، وحالة إصدار مدونة سلوك وظيفي مقيدة للحريات.
وكشفت النقابة عن أن ميليشيات الحوثي تصدرت، كعادتها، معدل الانتهاكات بحق الصحافيين والإعلاميين بـ37 حالة من إجمالي الانتهاكات، بنسبة 40 في المائة، في حين قيّدت 12 حالة من الانتهاكات ضد جهات مجهولة بنسبة 14 في المائة.
وذكّرت أنه لا يزال هناك 10 صحافيين قيد الاعتقال لدى أطراف مختلفة، منهم سبعة مختطفون لدى ميليشيات الحوثي، وهم وحيد الصوفي، وعبد الخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، ومحمد عبده الصلاحي، ومحمد علي الجنيد.
وفي حين يواجه 4 صحافيين في سجون الجماعة حكماً سياسياً جائراً بالإعدام ترفضه النقابة وتطالب بإسقاطه، يعيش المختطفون كافة بمن فيهم الصحافيون ظروف حجز قاسية وتعسفية وغير قانونية، ويُحرمون من الرعاية الصحية ويتعرضون للتعذيب دون حماية قانونية.
ووثق التقرير 13 حالة تعذيب وحرمان من الرعاية الصحية للصحافيين المختطفين، منها 7 حالات حرمان من الرعاية الصحية و6 حالات تعذيب، ارتكب منها الحوثيون 11 حالة.
كما رصد التقرير 9 حالات إيقاف لإذاعات (في صنعاء وإب)، من قبل الميليشيات الحوثية، حيث لا تزال إذاعة «صوت اليمن» متوقفة حتى اليوم؛ بسبب إجراءات تعسفية من قبل وزارة الإعلام في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها، رغم إصدار القضاء الخاضع للجماعة حكماً بإعادة البث واستعادة المنهوبات.
ورصد التقرير 3 حالات رفض حوثي لتنفيذ أحكام قضائية تقضي بإطلاق سراح الصحافيين محمد الصلاحي، ومحمد الجنيد، وإعادة بث إذاعة «صوت اليمن».
وذكر تقرير النقابة أن حالات قتل الصحافيين في اليمن ارتفعت إلى 50 حالة منذ 2011، وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، منهم 10 صحافيين قتلوا في 2015، ومثلهم في عامي 2016، و2018، و3 صحافيين قتلوا في 2017م، بينما قتل صحافيان في 2019، و9 صحافيين خلال الأعوام 2020 و2021 و2022.
ووصفت النقابة اليمنية «مدونة السلوك الوظيفي» الحوثية الصادرة حديثاً بأنها تضمنت نصوصاً مقيدة للحريات، وتضيق على ما تبقى من العمل الإعلامي، حيث خصصت المدونة بنوداً خاصة بالتعامل مع الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى إغلاق ما تبقى من وسائل الإعلام، التي من مهامها مراقبة أداء المؤسسات العامة، وكشف أوجه القصور ومظاهر الفساد فيها.
وعلى صعيد متصل، أفاد التقرير السنوي لعام 2022، الذي أعده «مرصد الحريات الإعلامية» في اليمن، بأنه سجل 89 حالة انتهاك للحريات الإعلامية في اليمن.
وأوضح أن الجرائم تنوعت ما بين قتل وإصابة واعتقال واعتداء أو استهداف مؤسسات إعلامية، كاشفاً عن أكثر من 19 انتهاكاً ضد الصحافيين والمؤسسات، مارستها جماعة الحوثي الانقلابية.
وأوضح أنه رصد حالة إصابة واحدة، و13 حالة اعتقال، و18 حالة اعتداء، و13 حالة تهديد، و9 حالات احتجاز صحافيين على خلفية عملهم الإعلامي، بينما تعرضت 3 حالات للتحريض ومنع من التصوير، و13 حالة محاكمة واستدعاء صحافيين للنيابة، علاوة على 17 حالة انتهاك مورست ضد مؤسسات إعلامية.
وقال التقرير إن ميليشيا الحوثي الموالية لإيران احتكرت الإعلام والصحافة بشكل تام في مناطق سيطرتها، وأجبرت الأصوات المعارضة لها على الصمت أو المغادرة، مؤكداً وجود ثمانية صحافيين لا يزالون مختطفين في سجون الجماعة منذ سنوات تعرضوا خلالها لأبشع أنواع التعذيب، قبل أن تصدر حكم الإعدام بحق 4 منهم.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».