مثل عدد من السياسيين التونسيين ونشطاء في المجتمع المدني ونقابيون، شاركوا في إضراب عن العمل بقطاع النقل، أمام القضاء التونسي على خلفية عدة تهم وجهت لهم، وهو ما أثار جدلاً حول إمكانية توظيف القضاء من خلال المجلس الأعلى القضائي المؤقت، الذي عينه الرئيس قيس سعيد، في إسكات أصوات بعض الأطراف المعارضة لخياراته السياسية.
وقضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أول من أمس، بسجن نادية عكاشة، المديرة السابقة لديوان الرئيس سعيد، لمدة 14 شهراً في القضية التي رفعتها عاتقة شبيل، شقيقة زوجة رئيس الجمهورية، ضد عكاشة بتهمة الإساءة لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي. كما قضت محكمة تونسية بالسجن لمدة ستة أشهر ضد عماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، إثر اتهامه من قبل اتحاد الشغل (نقابة العمال) بالإساءة لقياداته عبر وسائل التواصل.
في السياق ذاته، مثل نور الدين البحيري، وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في القضية المتعلقة بإصدار وثائق وجوازات سفر تونسية لأجانب، ومن ضمن المشمولين بالبحث في هذه القضية رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
من ناحيتها، نظرت المحكمة العسكرية الابتدائية أمس، في قضية راشد الخياري، النائب بالبرلمان المنحلّ، في قضية تتعلق بتصريحات أدلى بها بشأن التمويل الأجنبي لحملة رئيس الجمهورية قيس سعيد في انتخابات 2019. كما يحاكم الخياري في 8 قضايا أخرى، من ضمنها قضيتان عسكريتان: الأولى تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية للرئيس سعيد، فيما تتعلق الثانية بـ«اتهام سعيّد بالتخابر ونية الانقلاب على الحكم».
ويواجه الخياري مجموعة من التهم بناء على التصريحات التي أدلى بها آنذاك، من بينها إضعاف معنويات الجيش التونسي والمس به، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وربط اتصالات مع أطراف أجنبية بغاية الإضرار بمصالح البلاد.
وبخصوص هذه المحاكمات، أكد جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن بعضها «كان بالإمكان تفاديه إذا طبقنا حرية التفكير والتعبير»، ولم يخفِ وجود نوايا «التوظيف السياسي للقضاء، خصوصاً إذا علمنا أن مجمل هذه المحاكمات تستهدف أصواتاً معارضة لتوجهات الرئيس سعيد»، على حد تعبيره.
من ناحية أخرى، كشف وجيه الزيدي، رئيس الجامعة العامة للنقل، التابعة لاتحاد الشغل عن تقديم وزارة النقل التونسية شكوى ضد 17 قيادياً نقابياً في قطاع النقل، وذلك على خلفية التحركات التي قامت بها الجامعة أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من أجل المطالبة بصرف أجور شهر ديسمبر ومنحة نهاية السنة.
وعبر الزيدي عن استغرابه من موقف وزارة النقل، خصوصاً بعد جلسة التفاوض التي دارت بين الطرفين، وتأكيد الوزير عزمه القيام بزيارات ميدانية للوقوف على وضعية شركة «نقل تونس»، وهي التصريحات التي تم على أثرها رفع الإضراب، ليتم في اليوم التالي رفع قضايا ضد النقابيين. كما رجح الزيدي أن تكون وزارة النقل قد رفعت قضية ضد 17 نقابياً بهدف وقف الإضراب العام، المزمع تنفيذه براً وبحراً وجواً يومي 25 و26 يناير (كانون الثاني) الحالي، مؤكداً أن الجامعة العامة للنقل «ماضية في تنفيذ إضرابها دفاعاً عن حق التونسيين في نقل بمواصفات جيدة»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، ندّدت الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان، بما عدّته «تضييقاً مارسته وزارة الداخليّة على حرية التنقّل إلى العاصمة، ما حال دون وصول أعداد كبيرة من المواطنين من المناطق الداخليّة للمشاركة في التظاهرات، التي انتظمت السبت الماضي بمناسبة الذكرى 12 للثورة». لكنها عبّرت عن «ارتياحها لعدم حصول أعمال عنف واعتداءات خلال مختلف التظاهرات»، مؤكدة حدوث «مسّ بحرية التنقل والتجمهر والتظاهر السلميين»، على حد تعبيرها.
القضاء التونسي يدين سياسيين ونشطاء في المجتمع المدني
ضمنهم المديرة السابقة لديوان الرئيس سعيد
القضاء التونسي يدين سياسيين ونشطاء في المجتمع المدني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة