الصين تنتقد «عقلية الحرب الباردة» وتلتزم الانفتاح

سيدة أوكرانيا الأولى حذرت «دافوس» من تفاقم الأزمة في أوروبا

أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني في «دافوس» أمس (أ.ف.ب)
أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني في «دافوس» أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين تنتقد «عقلية الحرب الباردة» وتلتزم الانفتاح

أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني في «دافوس» أمس (أ.ف.ب)
أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني في «دافوس» أمس (أ.ف.ب)

انتقد نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو هي، «عقلية الحرب الباردة»، وأكد في كلمة ألقاها أمام المنتدى الاقتصادي العالمي، أمس الثلاثاء، أن بلاده منفتحة على الاستثمارات الأجنبية، متوقعاً استعادة مستويات نمو «طبيعية» في العام الجديد. وتماشياً مع دفاع الرئيس شي جينبينغ عن العولمة أمام نخبة «دافوس» في 2017، عبّر ليو عن رفض بلاده للأحادية والحمائية، ودعا إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية لـ«حماية السلام العالمي»، قائلاً: «علينا التخلي عن عقلية الحرب الباردة، والسعي لبناء مصير مشترك للبشرية، والتكاتف للاستجابة للتحديات العالمية». وتابع: «علينا جميعاً أن نحافظ على نظام اقتصادي دولي عادل».
وتوقف ليو عند عوامل قوة الاقتصاد الصيني، وقال إنه نجح في رفع الناتج المحلي الإجمالي من 54 تريليون يوان إلى 121 تريليوناً خلال 10 سنوات، كما تحسن متوسط العمر من 74.8 إلى 78.2 خلال الفترة نفسها. وأضاف المسؤول، الذي يقود أرفع وفد صيني إلى «دافوس» منذ بداية الجائحة، أن أحد عوامل قوة اقتصاد بلاده هو «الانفتاح على العالم»، موضحاً أن «الانفتاح، كسياسة أساسية للدولة، هو محفز للإصلاح والتنمية، ومحرك رئيسي للتقدم الاقتصادي في الصين»، وأكد أن بكين ستزيد انفتاحاً على الخارج.

نظرة متفائلة
ورسم ليو صورة متفائلة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد الاضطرابات التي شهدها منذ تفشي فيروس «كوفيد-19» وتداعيات السياسات الصارمة التي فرضتها بكين لمحاصرة الوباء. وقال: «نحن واثقون من أن نمو الصين سيعود على الأرجح إلى اتجاهه الطبيعي»، مضيفاً: «سيشهد الاقتصاد الصيني تحسناً كبيراً في عام 2023، ويمكن توقع زيادة ملحوظة في الاستيراد، والمزيد من الاستثمارات من قبل الشركات، وعودة الاستهلاك إلى طبيعته».
إلى ذلك، التزم ليو باستمرار بلاده في التأسيس لـ»اقتصاد سوق اشتراكي»، والذي أصبح يعرف في أروقة دافوس بـ«الرأسمالية بخصائص صينية». وقال: «يجب أن ندع السوق يلعب دوراً حاسماً في تخصيص الموارد، وأن نسمح للحكومة أن تلعب دوراً أفضل». ونفى ليو صحة تكهنات حول عودة الصين إلى «اقتصاد مخطط»، قائلاً إن «هذا غير ممكن بأي حال من الأحوال. سنعمل على تعزيز إصلاح الشركات المملوكة للدولة، ودعم القطاع الخاص، وتعزيز المنافسة العادلة، ومكافحة الاحتكار، ودعم ريادة الأعمال».
كما دعا المسؤول إلى «استجابة عالمية» لتغير المناخ، وقال: «تدرك معظم دول العالم مدى إلحاح حوكمة المناخ والحاجة إلى اتخاذ إجراءات مشتركة. لقد كشف لنا (كوفيد-19) عن علاقة محتملة بين تغير المناخ وأزمة الصحة العامة. هذا مجال يحتاج إلى تعاون دولي فعال».
ورداً على سؤال حول وضع الوباء منذ أن رفعت بكين قيودها، قال نائب رئيس الوزراء إن الصين تجاوزت ذروة العدوى، وإن الناس عادوا إلى حياتهم الطبيعية. واستدرك: «لكن هناك فترة زمنية قصيرة بين ذروة الإصابات والعودة إلى الوضع الطبيعي».
كما دعا الأجانب إلى استئناف رحلاتهم إلى الصين، مذكّراً بأن إجراءات الدخول تقتصر على فحص سلبي.

تحذير صارم
من جهة أخرى، هيمنت الحرب في أوكرانيا على جزء كبير من جلسات «دافوس» أمس. وألقت سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا كلمة أمام النخبة المجتمعة في المنتجع السويسري، في مسعى لتعزيز الدعم الدولي لبلادها. واختارت زيلينسكا تركيز خطابها على الجانب الإنساني من الحرب، وذلك عشية كلمة مرتقبة لزوجها الرئيس الأوكراني اليوم (الأربعاء). ودعت زيلينسكا إلى المزيد من التعاون الدولي، محذرة من حدة الأزمة التي يسببها العدوان الروسي في أوروبا، ومعتبرة أن «هذه الأزمة ستزداد سوءاً، ما لم تخسر روسيا الحرب». وقالت: «إننا نواجه انهيار العالم كما نعرفه»، متسائلة عن تأثير «انهيار الحدود على مستويات التضخم»، وتداعيات «فرار عشرات الملايين من الجوع على مستويات المعيشة» حول العالم.
من جهتها، أكّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دعم أوروبا الثابت لأوكرانيا، قائلة: «ستقف أوروبا دوماً إلى جانب الشعب الأوكراني». وأضافت أن «الهجمات الروسية التي لا هوادة فيها وشبح ارتفاع أسعار الطاقة لم يزعزعا عزيمتنا». ولفتت المسؤولة الأوروبية إلى أن «رد فعل أوروبا على الحرب يظهر كيف استطاع الاتحاد الأوروبي أن يتحد عند الحاجة»، مشيرة بشكل خاص إلى قطاع الطاقة، حيث انخفض اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة الروسية بشكل كبير في أقل من عام. وقالت إنه «تم استبدال أكثر من 80 في المائة من غاز خط الأنابيب الروسية. لقد أظهرت أوروبا قوة إرادتها الجماعية».

انتقاد أوروبي
طرحت رئيسة المفوضية خطة أوروبية تستهدف «صناعة خالية من الانبعاثات»، تسعى لتحييد أثر الكربون، عبر تعزيز التكنولوجيا الخضراء. كما نددت فون دير لاين في كلمتها أمام «دافوس» بـ«المحاولات الشرسة» و«الممارسات غير العادلة» الهادفة إلى جذب القدرات الصناعية في أوروبا، خصوصاً الخضراء منها، «إلى الصين وأماكن أخرى»، محذّرة من أن الاتحاد الأوروبي لن يتردد في «فتح تحقيقات» إذا اعتبر أن دعماً خارجياً يغير طبيعة السوق.
وحملت فون دير لاين على بكين خصوصاً، وقالت إن «الصين تشجع علناً الشركات التي تستهلك نسبة كبيرة من الطاقة في أوروبا وفي أماكن أخرى، على نقل إنتاجها كلياً أو جزئياً إلى أراضيها بوعود بسوق رخيصة ومنخفضة تكاليف اليد العاملة، وبيئة تنظيمية أكثر مرونة. في الوقت نفسه، تدعم الصين صناعتها بشكل كبير، وتقيّد وصول الشركات الأوروبية إلى أسواقها».
وذكّرت فون دير لاين كذلك بـ«المخاوف» التي أثيرت في أوروبا بسبب خطة الاستثمار الرئيسية للمناخ التي قدّمها الرئيس الأميركي جو بايدن في قانون خفض التضخم، والتي تُقدَّم بموجبها مبالغ كبيرة كمساعدات للشركات في قطاع السيارات الكهربائية أو قطاع الطاقة المتجددة التي تتّخذ من الولايات المتحدة مقراً. وقالت إن أوروبا تتعاون مع الولايات المتحدة «لإيجاد حلول» لجعل الشركات الأوروبية أو السيارات الكهربائية المصنعة في الاتحاد الأوروبي تستفيد من قانون خفض التضخم.


مقالات ذات صلة

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم يلتقط صورة بجانب شعار منتدى دافوس في 19 يناير الحالي (رويترز)

عندما يتسيّد الجيوبوليتيك!

يحاول منتدى دافوس حل مشكلات العالم، في ظلّ نظام عالمي قديم بدأ يتهاوى. في نظام عالمي يُعاد فيه توزيع موازين القوّة.

المحلل العسكري (لندن)

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
TT

قادة جزر المحيط الهادئ يحذفون الإشارة إلى تايوان من بيانهم بعد شكوى الصين

جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)
جانب من منتدى جزر المحيط الهادئ في 30 أغسطس 2024 في نوكوالوفا بتونغا (أ.ف.ب)

حذف منتدى جزر المحيط الهادئ الإشارة إلى تايوان من بيان صدر بعد اجتماع زعماء دول المنطقة السنوي بعد تلقي شكاوى من مبعوث الصين.

ونددت حكومة تايبيه بتصرفات الصين بوصفها «تدخلاً وقحاً»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

ويضم التكتل المؤلف من 18 دولة، ثلاثة أعضاء تربطهم علاقات دبلوماسية مع تايوان و15 عضواً يعترفون بالصين، وهي مقرض رئيسي لمشروعات البنية التحتية الأساسية في دول جزر المحيط الهادئ حيث تسعى بكين إلى زيادة وجودها الأمني.

وتعتبر الصين أن تايوان إقليم تابع لها ليس له حق في إقامة علاقات مع الدول، وهو موقف ترفضه بشدة تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي.

وتضمن بيان صدر أمس (الجمعة) على موقع المنتدى قسماً بعنوان: «العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين»، وجاء فيه أن «القادة أكدوا قرار القادة لعام 1992 بشأن العلاقات مع تايوان/جمهورية الصين».

وتم حذف البيان من الموقع الإلكتروني في وقت لاحق مساء أمس بعد رد فعل غاضب من الصين، ونُشرت وثيقة جديدة صباح اليوم (السبت) مع حذف الإشارات إلى تايوان.

وعبّرت وزارة الخارجية التايوانية عن غضبها إزاء تصرفات الصين.

وقالت في بيان: «تندد تايوان بالتدخل الصيني الفظ وغير المعقول والسلوك غير العقلاني الذي يقوض السلام والاستقرار الإقليميين، وتدعو جميع الدول ذات التفكير المماثل إلى الانتباه عن كثب إلى تصرفات الصين». بيد أن الوزارة أشارت إلى أن البيان المشترك كما نُشر لا يقوض موقف تايوان من المنتدى ولا يمنعها من المشاركة به في المستقبل.

وبوصفها شريكاً في المنتدى منذ عام 1993، أرسلت تايوان تيان تشونغ كوانغ نائب وزير خارجيتها إلى تونغا لعقد لقاءات مع حلفائها الثلاثة في المحيط الهادئ بالاو وتوفالو وجزر مارشال.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية وصحيفة «نيكي» أن المبعوث الصيني الخاص إلى جزر المحيط الهادئ تشيان بو رد بغضب أمس (الجمعة)، قائلاً للصحافيين في تونغا إن الإشارة إلى تايوان في البيان «كانت بالتأكيد خطأ».

وأظهر موقع السفارة الصينية على الإنترنت أن تشيان مارس ضغوطاً الأسبوع الماضي من أجل استبعاد تايوان من الفعاليات الرسمية للمنتدى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في إفادة صحافية دورية في بكين أمس: «أي محاولة من سلطات تايوان لتعزيز شعورها بالوجود، من خلال حضور المنتدى، ليست سوى خداع للذات».