وائل كفوري يفتتح مهرجانات «أعياد بيروت» في حفلة غنائية رومانسية

أنعش بأغانيه نبض قلب بيروت من جديد فعاش أهلها أجمل لحظات الحبّ

جمهور غفير فاق عدده الـ5 آلاف شخص حضر الحفلة
جمهور غفير فاق عدده الـ5 آلاف شخص حضر الحفلة
TT

وائل كفوري يفتتح مهرجانات «أعياد بيروت» في حفلة غنائية رومانسية

جمهور غفير فاق عدده الـ5 آلاف شخص حضر الحفلة
جمهور غفير فاق عدده الـ5 آلاف شخص حضر الحفلة

افتتح الفنان وائل كفوري مهرجانات «أعياد بيروت» 2015 في حفلة حضرها 5 آلاف شخص، رددوا معه أغانيه الشهيرة دون توقّف على مدى 90 دقيقة متتالية.
ففي سهرة رومانسية بامتياز لم يوفّر فيها الفنان اللبناني مخاطبة جمهوره بلغة الحبّ التي تسود معظم أغانيه، ابتسمت بيروت من جديد معلنة بداية زمن نبض القلوب بدل غصّتها التي تعيشها كغيرها من العواصم العربية.
«محظوظ هو من يعيش زمن وائل كفوري، فهو دون شكّ سيكون متساويا بثقافته الفنية مع هؤلاء الذين سبق وتمتعّوا بزمن الراحل عبد الحليم حافظ». بهذه الكلمات قدّمت الإعلامية ريما نجم الفنان اللبناني وائل كفوري قبيل اعتلائه مسرح «البيال» (وسط بيروت) معلنة بداية الحفلة على وقع موسيقى أولى أغاني برنامجه.
وإثر أدائه لها توجّه بالشكر إلى جميع الحاضرين، خاصا بالذكر الفنانة إليسا التي جلست على أحد المقاعد الأمامية تردد معه أغانيه الواحدة تلو الأخرى بسعادة لافتة.
وبعد إنشاده لموال «أهلا وسهلا شرّفونا حبابنا» كرّت سبحة أغاني البرنامج الفنّي المقرر لهذه السهرة، لتشمل «دارت فينا الليالي» و«يا هوى روح وقلّو» و«لو حبنا غلطة» وليشعل أجواء المسرح بعدها مباشرة بأغنيته المعروفة من ألبومه الأخير «هيدا الغرام المستحيل». ومع هذه الأغنية تحوّل وائل كفوري إلى مايسترو يعطي تعليماته للفرقة الموسيقية بالتوقف عن العزف حينا أو بتخفيض صوت الآلات الموسيقية حينا آخر، ليتسنى له سماع جمهوره يردد كلمات الأغنية كاملة. وهذا الأمر تكرر أكثر من مرة في سياق الحفلة إذ كان جمهوره لا يتوانى عن إنشاده لها مع بداية عزف نوتاتها الموسيقية، فيقف مهللا تارة وصارخا مصفقا لفنانه المحبوب تارة أخرى.
وبعد وصلته الغنائية الأولى التي أبدى فيها عدة مرات، انزعاجه من الحرارة المرتفعة السائدة في صالة المسرح رغم تبريده بالمكيفات وذلك نظرا للحشود البشرية التي تملأه، والذي دفع بالفنانة إليسا إلى إعطائه المحارم الورقية ليمسح بها عرقه، ترك صاحب لقب «ملك الأغنية الرومانسية» المسرح ليفسح المجال أمام جمهوره مشاهدة أحدث أغانيه المصوّرة «كيفك يا وجعي» لأول مرة. فتمتّع الحاضرون بمتابعة الفيديو كليب على الشاشة العملاقة المثبّتة وسط المسرح، والذي جاء كتكملة لقصّة كليبه السابق «الغرام المستحيل» والعملان هما من إخراج حسن غدار. وتميّز أداء وائل كفوري بصوته القوي الذي صدح في أجواء المسرح. فكان يتعمّد ترك مسافة لا يستهان بها بينه وبين الميكروفون في غالبية الوقت (نظرا لقوّة طاقة صوته)، وليتنقّل بأداء أخاذ بين نوتات الموسيقى فينسج لوحات غنائية تنوعّت بالمقامات الموسيقية الصعبة التي اتبعها.
بعدها أكمل الفنان اللبناني برنامج الحفل منشدا باقة من أغانيه القديمة والجديدة وبينها «ما تتركني حبيبي» و«حكم القلب» و«لو وعدتك بنجوم الليل» و«صار الحكي». وهذه الأخيرة أعاد غناءها مرة ثانية تلبية لطلب الجمهور الذي ردد معه كلماتها كاملة وهو يمسك بأجهزة الجوال المضاءة ملوّحا بها تعبيرا عن انسجامه بغناء فنانه المحبوب.
وكان وائل كفوري بين الحين والآخر يرتشف المياه مرة ويمسح عرقه مرة أخرى وهو يردد ممازحا جمهوره «شفتو انا شو معذّب؟» وليتوجّه تارة أخرى إلى أحد منظمي الحفل أمين ابي ياغي قائلا له «لم نتفّق يا أمين على الشوب (الحر الشديد) في العقد الذي وقّعته معك!» وليقول لاحقا «منيح انو ما غيّرت تيابي لأن ذلك لم يكن ليحدث فرقا»، مشيرا بذلك إلى انه لم يكن منه جدوى في ظلّ ارتفاع حرارة الطقس.
وفي القسم الأخير من برنامج حفلته أدّى أغاني مختلفة بينها «يا ضلّي يا روحي»، و«قولي لأهلك» و«على فكرة» و«مدللتي». وترافقت معظم أغانيه على المسرح بإضاءة جميلة ذات تقنيّة متطوّرة، شكّلت لوحات فنّية رسمها مهندسها بدقّة على خشبة المسرح. كما تمّ عرض صور فوتوغرافية للفنان اللبناني وتمرير قسم من عناوين أغانيه على شاشة عملاقة شكّلت خلفية غرافيكية لفتت الأنظار. أما جمهور وائل فكان يصرخ حماسا وابتهاجا في كلّ مرة سلّطت عليه أضواء الإنارة تلك، أو على المدرج المزدحم بالآلاف.
واختتم الحفلة بإعادته لغناء «صار الحكي» معلنا بذلك نهاية هذه السهرة التي قطرت حبّا وهياما في قلوب جمهوره المتعطّش للرومانسية.
أبهر وائل كفوري مستمعيه بأدائه الغنائي ذي المستوى الرفيع والذي اعترف الحاضرون بأنه استثنائي وكان كلّ منهم يرسم في خياله صورة الحبيب أو الشريك الذي يرغب في مخاطبته بلغة وائل كفوري، مختصرا بذلك معاناة عاطفية أو قصّة حبّ يعيشها، فعبّر عنها بطريقة غير مباشرة من خلال أغاني وائل كفوري. نقل وائل كفوري جمهوره إلى كوكب الأحلام على طريقة الـ«كريشاندو» الطربية التي يجيدها. فتوجّه بداية إلى جمهوره بالقول «بعدنا في التقليعة»، وبعدها التهبت أجواء المسرح بأغانيه الطربية الأصيلة وبصوته الصادح ليملأ الجو فرحا وسعادة.
طبّق وائل كفوري قاعدة صاحب «الصوت الماسي»، فتناثر رذاذ أحجار صوته الكريمة طيلة الحفلة دون أن يتعب أو أن يبدو عليه الجهد في الغناء. «غنّي احبّك أن تغني» قد يكون العنوان الأفضل لحفلة وائل كفوري في افتتاحه لمهرجانات أعياد بيروت، خصوصا وان الناس تركت المسرح وهي منتشية بصوت واحد من أبرز وأهم الفنانين في العالم العربي. فقد نجح في كسر الروتين المملّ ليوميات اللبنانيين الزاخرة بالمشكلات والأحداث الميدانية والسياسية الحزينة.
وفي الختام يمكن القول إن وائل كفوري بلسم جراح الأحبّة وغذّى نبضات قلوبهم بأغانيه الرومانسية، وزوّدهم بجرعات لا يستهان بها من الحبّ الأصيل التي ستكفيهم دون شكّ لإكمال صيفهم، مع ابتسامة كبيرة ترتسم على شفاههم في كلّ مرة يستذكرون فيها هذه الحفلة، فتنسيهم طعم المآسي التي اعتادوا ارتشافها في أيامهم العادية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».