«المنع المظلّل» خدعة إلكترونية للحد من نشاطات مستخدمي الإنترنت

وسيلة صامتة تمارسها منصّات التواصل الاجتماعي

«المنع المظلّل» خدعة إلكترونية للحد من نشاطات مستخدمي الإنترنت
TT

«المنع المظلّل» خدعة إلكترونية للحد من نشاطات مستخدمي الإنترنت

«المنع المظلّل» خدعة إلكترونية للحد من نشاطات مستخدمي الإنترنت

يبدو أن إيلون ماسك محقّ في قوله: على منصات التواصل الاجتماعي أن تخبركم عندما تتعرّضون للمنع المظلّل.
والمنع المظلل (أو الخفي) Shadowbanning هو خدعة حديثة مستخدمة في عالم التواصل الإلكتروني، وتتم بحظر مستخدمٍ ما ومنع وصوله إلى مجتمع إلكتروني معين مثل مواقع التواصل الاجتماعي، والتظليل على ذلك المستخدم بطريقة لا يعلم بها أنه محظور أو ممنوع.
يورد جيفري فولر خبير التقنية في واشنطن مثال أستاذة الفنون جنيفر بلومر التي استخدمت «إنستغرام» للتشارك بالأعمال الفنيّة والإعلان عن الصفوف على مدى ثماني سنوات، ولكنّ دعايتها الفنية الإلكترونية توقّفت فجأة عن العمل الخريف الماضي أثناء محاولتها الإعلان عن صفّ بعنوان «تربية أولاد مناهضين للعنصرية عبر الفنّ». لم يتوقّف حسابها عن العمل ولكنّها بدأت تلاحظ أنّ عدد الإعجابات والأشخاص الذين يشاهدون منشوراتها قد تراجع بنسبة 90 في المائة بحسب لوحة عدّادات «إنستغرام».

تبيّن لاحقًا أنّ بلومر تعرّضت للمنع المظلّل، وهو نوعٌ من الرقابة الإلكترونية التي يُسمح بموجبها للمستخدم بالاستمرار في التعبير ولكن دون أن يسمعه أحد، والأسوأ من ذلك، أنّ لا أحد يُعلمه بهذا المنع. تقول بلومر (42 عاماً)، التي عانى «استوديو راديسي» الذي تملكه في بيركلي، كاليفورنيا، من صعوبة في التواصل مع الطلاب عبر «إنستغرام»: «شعرتُ وكأنّني معاقبة. هل ينزعج (إنستغرام) من كلمة مناهض للعنصرية؟».
لم تحصل الأستاذة على أجوبة، والأمر نفسه حصل مع كثرٍ غيرها ممن تعرّضوا للمنع المظلّل على «إنستغرام»، و«فيسبوك»، و«تيك توك»، و«يوتيوب» وغيرها من منصّات التواصل الاجتماعي.
المنع المظلل
تصدّرت هذه الممارسة عناوين وسائل الإعلام الشهر الماضي عندما نشر إيلون ماسك، مالك «تويتر»، دليلاً تعمّد من خلاله فضح المنع المظلّل الذي يُستخدم لقمع أصحاب الآراء المحافظة.
وقد اتضح اليوم، بعد عقدين على ثورة التواصل الاجتماعي، أنّ اعتدال المحتوى ضروري للحفاظ على سلامة النّاس والحديث المهذب. ولكنّ المستخدمين يريدون من مساحاتنا الرقمية العامّة أن تستخدم تقنيات الاعتدال الشفّافة التي تمنحنا فرصة عادلة لإسماع صوتنا.
هنا، يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن لهذا الأمر أن يحصل في عصرٍ باتت فيه خوارزميات غير مرئية تقررّ أياً من الأصوات تعلو أو تنخفض؟
أولاً، يجب أن نتّفق على أنّ المنع المظلّل موجود لدرجة أنّ ضحاياه باتوا يعانون من التشكيك المفرط بالذات ويتساءلون: كيف يمكننا أن نعرف إذا ما كان المنشور لا يُشارك... لأنّه تحت المنع المظلّل أو لأنّه غير جيّد؟ عندما اتّهم ناشطو حركة «حياة السود مهمّة» منصّة «تيك توك» بإخضاعهم للمنع المظلّل خلال المظاهرات التي نشبت في أعقاب اغتيال جورج فلويد، ردّت المنصّة بأنّ الأمر مرتبط بخلل تقني. وفي عام 2020. قال رئيس منصّة «إنستغرام»، آدم موسيري إنّ المنع المظلّل «غير موجود» على شبكته الاجتماعية رغم استخدامه لتعريفٍ تاريخي لعملية اختيار الحسابات وإسكاتها.
المنع المظلّل حقيقة: قد يكون التعبير غير دقيق أو يُساء استخدامه أحياناً، ولكنّ معظم شركات التواصل الاجتماعي تستخدم تقنيات اعتدال تضبط نشاط النّاس التعبيري دون إعلامهم وفقاً لما ما تسمّيه هذه الشركات «حدود» المحتوى.
وقد أظهر استطلاعٌ أخيرٌ للرأي أجراه مركز الديمقراطية والتقنية أنّ واحداً من كلّ عشرة أميركيين على التواصل الاجتماعي يشتبه بأنّه يعيش في المنع المظلّل. عندما سألنا عن هذا الموضوع على «إنستغرام»، جاءت الإجابات من أشخاص يشعرون أنّهم يعيشون أو يعملون على هوامش المجتمع كأصحاب البشرة السوداء، والمدرّسين المتخصصين بتعليم الجنس، والمدافعين عن السمنة.
بدورها، بدأت شركات التواصل الاجتماعي بالاعتراف بالمنع المظلّل ولو أنّها تفضّل استخدام تعبير «تخفيف التأثير» deamplification و«تقليل الوصول» reducing reach. فقد كشفت شركة «إنستغرام» في 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن ميزة جديدة اسمها «وضع الحساب» تتيح للمستخدمين المحترفين معرفة متى يُصنّف محتواهم على أنّه «غير جدير» بالتوصية لمستخدمين آخرين. تعليقاً على الميزة الجديدة، قالت كلير ليرنر، متحدثة باسم شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام»: «نريد أن يعي النّاس درجة الوصول التي يحقّقها محتواهم».
ومع أنّها خطوة جيّدة جداً بالاتجاه الصحيح، إلّا أنّها أتت متأخّرة.
اختزال صامت
يختبر ضحايا المنع المظلّل نوعاً من الضبط المعتدل الذي قد نطلق عليه اسم «الاختزال الصامت»، الذي ابتدعه تارليتون غيّسبي، صاحب كتاب «خدّام الإنترنت». يقول الكاتب: «عندما يقول النّاس (منع مظلّل) أو (رقابة) أو (سحب المقابض)، يحاولون التعبير بالكلمات عن شعورهم بمشكلة قوية ما يعجزون عن تحديد شكلها من الخارج وعن قلّة حيلتهم في القيام بأي شيء حيالها. لهذا السبب تكون اللغة غير دقيقة وغاضبة، ولكن غير خاطئة».
يحصل الاختزال في الجزء الأقلّ فهماً من التواصل الاجتماعي، أي التوصيات. هذه الخوارزميات التي تغوص في بحار الصور والفيديوهات والتعليقات لاصطفاء ما يظهر في صفحاتكم. يؤدّي قسم «لكم» المخصّص في منصّة «تيك توك» عملاً رائعة في اختيار المواضيع الصحيحة في هذا المجال.
ويحصل الاختزال أيضاً عندما يحدّد تطبيقٌ ما، بعض المواضيع أو الأشخاص الذين يجب أن يظهروا أقلّ على التواصل الاجتماعي.
بدورها، تقول ليرنر، المتحدّثة باسم «ميتا»، إنّ «السبب الوحيد والأكبر لتراجع وصول محتوى أحدهم للنّاس هو مستوى اهتمام الآخرين فيما ينشره - وكلّ ما زاد عدد الأشخاص الذين ينشرون المزيد من المحتوى، اشتدّت المنافسة على المواضيع التي يراها الآخرون مثيرة للاهتمام. نحن نعمل على تحجيم بعض المنشورات التي نتوقّع أنّها قد تنتهك سياساتنا».
بدأ الاختزال كجهدٍ لإخماد الرسائل الإلكترونية المزعجة ولكنّه توسّع ليطال المحتوى الذي يكاد ينتهك القواعد، من العلاجات الإعجازية إلى الادعاءات المزيّفة عن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) والمقالب الخطيرة. وكانت مستندات من «فيسبوك» نشرتها كاشفة الفساد فرانسيس هوغن، قد كشفت عن نظام معقّد لتصنيف المحتوى بواسطة خوارزميات تقيّم المنشور بناءً على عوامل كمخاطرة المحتملة على الصحة المجتمعية أو قدرته على التضليل، ومن ثمّ تخفيف ظهوره في محتوى «فيسبوك».
بدورها، فضحت «ملفات تويتر» التي نشرها ماسك تفاصيل جديدة عن أنظمة «تويتر» للاختزال والتي تُسمّى «الترشيح البصري» داخل الشركة.
في سياق متّصل، وحّدت «ميتا» ومنصّة «يوتيوب» التابعة لـ«غوغل» جهودهما لتخفيف انتشار المحتوى الإشكالي في إطار ما أسموه «الحدود». يحاجج مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، بأنّه من الضروري الحدّ من وصول المحتوى الذي يصطدم بهذه «الحدود» لأنّ تطرّفه قد يزيد احتمال انتشاره.
قد لا نتفق مع زوكربيرغ على ما يعتبره «الحدود»، ولكن منصات التواصل الاجتماعي بوصفها شركات خاصة، تستطيع ممارسة حكمها التحريري الخاص. ولكنّ المشكلة هي كيف يمكن لهذه الشركات أن تستعرض خياراتها بوضوحٍ كافٍ يجعلنا نثق بها؟
شفافية التعامل
إنّ ما يحتاج للتغيير هو كيفية استعراض منصّات التواصل الاجتماعي لقواها. يقول أحد مسؤولي مركز الديمقراطية والتقنية إنّ «تخفيف ظهور المحتوى دون إبلاغ المستخدمين أصبح المعيار، ولكنّه يجب ألّا يكون كذلك».
ويضيف أنّ البداية يجب أن تكون باعتراف منصات التواصل الاجتماعي بممارستها لاختزال المحتوى من دون تنبيه كي «لا يشكّك» النّاس بأنفسهم. تستطيع هذه الشركات ببساطة الإفصاح عن بيانات مهمّة عن عدد الحسابات والمنشورات التي تضبطها بهدف الاعتدال وعن الأسباب التي دفعتها لذلك.
تمنح صفحة «وضع الحساب» الجديدة في «إنستغرام» والمتوفرة في قسم «الإعدادات» و«حسابات»، المستخدمين الذين يملكون حسابات مهنية، المزيد من المعلومات عمّا إذا كانت حساباتهم قد انتهكت القوانين وكيف انتهكتها، وما الذي منعها من الظهور في توصيات المستخدمين الآخرين.
قد تكون لائحة خيارات «وضع الحساب» الجديدة من «إنستغرام» نسختنا الفعّالة الأقرب إلى شفافية المنع المظلّل، إلّا أنّها محصورة بأصحاب الحسابات المهنية، فضلاً عن أنّها تتطلّب جهداً إضافياً للوصول إليها. ولا يزال علينا أيضاً أن نحدّد مدى صراحتها، حيث كشفت بلومر أنّ التقرير الذي تلقّته من «إنستغرام» يقول: «لم تنشروا أي شيء يؤثّر على وضع الحساب». أخيراً وليس آخراً، نحتاج نحن المستخدمون إلى قوّة المواجهة عندما تسيء الخوارزميات فهمنا أو تصدر بحقّنا حكماً خاطئاً.



«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)
«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)
TT

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)
«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام. هذه النسخة تأتي مع مميزات جديدة تماماً، وتهدف إلى تعزيز قدرات التطبيقات والأجهزة، مع تركيز خاص على الخصوصية وسلاسة الاستخدام.

ما الجديد في آندرويد 16؟

من أبرز المميزات التي تم الإعلان عنها، توسيع قدرات مكتبة الصور، وإضافة إمكانية مشاركة البيانات الطبية في التطبيقات. تأتي هذه التحسينات بوصفها جزءاً من جهود «غوغل» لتقديم تجربة استخدام أكثر ذكاءً وسلاسة، مع الحفاظ على خصوصية المستخدمين.

محدد الصور: «Photo Picker»

وأضافت «غوغل» ميزة جديدة تسمح للمطورين بدمج «محدد الصور» مباشرة داخل تطبيقاتهم. هذه الميزة تمكن المستخدمين من مشاركة الصور ومقاطع الفيديو بسهولة، دون منح التطبيقات حق الوصول الكامل إلى مكتبة الوسائط على أجهزتهم أو التخزين السحابي. هذا التغيير يجعل مشاركة الوسائط أكثر أماناً وراحة.

تستهدف «غوغل» من هذه النسخة تحسين التكامل بين التطبيقات قبل الإطلاق الرسمي في 2025 (غوغل)

صندوق الخصوصية: «Privacy Sandbox»

آندرويد 16 يدمج النسخة الأحدث من هذه التقنية، التي تعد بديلاً لـ«معرّف الإعلانات» (Advertising ID). هذا التحديث يدعم خصوصية المستخدمين، ويوفر أدوات جديدة للمطورين؛ لتحسين الإعلانات دون التأثير على أمان البيانات.

الاتصال الصحي: «Health Connect»

وأضافت «غوغل» واجهات برمجة التطبيقات الجديدة لدعم السجلات الصحية بتنسيق FHIR. هذه الميزة ستتيح للتطبيقات والأجهزة الطبية مشاركة السجلات والمعلومات الصحية بموافقة المستخدم. هذا الابتكار يعكس استراتيجية «غوغل» في الدخول إلى مجال الصحة الذكية، مستوحاة من مميزات مشابهة على أجهزة «أبل».

النسخة التجريبية العامة تبدأ في يناير 2025 والإصدار النهائي متوقع بعد أبريل بالتزامن مع مؤتمر I/O (غوغل)

لماذا التغيير في الجدول الزمني؟

أعلنت «غوغل»، الشهر الماضي، عن تغيير في جدول إصدار آندرويد، مما سيتيح للهواتف التي تعمل بنظام آندرويد، والتي ستصدر في 2025، الحصول على التحديثات الرئيسية بشكل أسرع. هذا التحرك يهدف إلى تقليل الفجوة الزمنية بين إطلاق التحديثات ووصولها إلى المستخدمين النهائيين، مما يجعل النظام أكثر تنافسية مع الأنظمة الأخرى.

متى يمكن للمستخدمين تجربة آندرويد 16؟

وفقاً للجدول الزمني المتوقع، سيتم إطلاق النسخة التجريبية الأولى العامة في يناير 2025، مع إصدار النسخة النهائية بعد أبريل (نيسان) من العام نفسه. غالباً ما يتزامن الإعلان الرسمي مع مؤتمر «غوغل» السنوي I/O، مما يعني أننا قد نرى المزيد من التفاصيل والميزات الجديدة في مايو (أيار) 2025.

آندرويد 16 يمثل خطوة مهمة نحو تقديم تجربة استخدام أكثر تخصيصاً، وخصوصية، وسلاسة. من خلال توسيع إمكانيات التطبيقات وتحسين الجدول الزمني للتحديثات، يبدو أن «غوغل» تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانة آندرويد بوصفه واحداً من أفضل أنظمة التشغيل في العالم.