أدخلت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريشت، حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس، في حالة من عدم اليقين بعد أن قدمت استقالتها من دون وجود بديل واضح لها. واستقالت لامبريشت بعد أشهر من الفضائح التي لحقتها منذ تعيينها في منصبها، دفعت بالمعارضة إلى الدعوة لاستبدالها بوزير «جدير» بالمنصب. وقدمت لامبريشت استقالتها لشولتز من دون الاعتراف بأي أخطاء، بل اختارت توجيه اللوم للإعلام بسبب تركيزه على شخصها.
وكتبت في رسالة الاستقالة التي تداولتها الصحف الألمانية: «تركيز الإعلام على شخصي لا يسمح بأن تكون هناك تغطية أو نقاش جاد حول الجيش الألماني أو القرارات المتعلقة بالوضع الأمني بما فيه صالح المواطنين». وأثارت الرسالة سخط الإعلام الألماني، وأبدت الكثير من الصحف استغرابها لتوجيه لامبريشت اللوم إليها عوضاً عن الاعتراف بأخطائها.
ومنذ تعيينها قبل نحو عام تقريباً عندما تسلم شولتز مهمته، اعتبرت لامبريشت الوزيرة الأضعف، وواجهت الامتحان الأول عندما بدأت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حين خرجت لتعلن أن الجيش الألماني سيقدم للجيش الأوكراني 5 آلاف خوذة عسكرية. ووجهت بانتقادات لاذعة هزأت من إعلانها تقديم خوذ، فيما الجيش الأوكراني يدعو لتسليحه لكي يتمكن من مواجهة روسيا.
ومنذ البداية واجهت لامبريشت انتقادات بأنها عينت ليس لكفاءتها، بل لأن شولتز التزم بتعيين نساء بقدر الرجال داخل الحكومة. ولكن يبدو أن شولتز يعدها وفية، وهو ما دفعه للتمسك بها حتى لم يعد من الممكن ذلك. وتناقلت صحف ألمانية أن لامبريشت كانت تسمح للمستشار باتخاذ القرارات كافة المتعلقة بوزارتها، وأنها كانت هي فقط تنفذ، وأنها كانت تجلس في اجتماعات من دون أن تقول الكثير، بل كان مساعد شولتز ومستشاره السياسي يانس بلوتنر هو من يرسم السياسات الدفاعية. وواجهت لامبريشت انتقادات بأنها غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة للجيش بالسرعة المطلوبة، خصوصاً بعد أن أعلن شولتز عن تخصيص مبلغ 200 مليار يورو لإعادة تأهيل وتجديد الجيش بعيد الحرب في أوكرانيا.
وواجهت لامبريشت اتهامات باستخدام منصبها للمحسوبية، عندما تبين أن ابنها استخدم طائرة هليكوبتر تابعة للجيش للوصول إلى جزيرة سيلت لقضاء عطلة. وكان ظهورها في شريط مصور ليلة رأس السنة القشة الأخيرة التي تسببت بارتفاع الأصوات المطالبة بإقالتها. ونشرت على صفحتها الخاصة على «إنستغرام» شريطاً مصوراً بطريقة غير مهنية، تتحدث فيه من دون ميكروفون والمرافقات تحيط بها، وتقول بأنها «سعيدة بالمعارف التي حصدتها هذا العام» بعد أن كانت ذكرت أن «هناك حرباً دائرة في وسط أوروبا». ووجهت إليها انتقادات لاذعة من الإعلام والأحزاب المعارضة وحتى من مسؤولين من الأحزاب المنتمية للحكومة، فيما أبعدت وزارة الدفاع نفسها عن الشريط الذي قالت إن لامبشريت صورته ونشرته بمبادرتها الشخصية من دون الاستعانة بالفريق الإعلامي في الوزارة.
وقال المتحدث باسم الحكومة إن شولتز سيعين خليفة للامبرشيت قريباً، وسط تزايد الضغوط لتعيين بديل سريعاً، خصوصاً أن واشنطن دعت لاجتماع في نهاية الأسبوع في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا لوزراء دفاع الدول الداعمة لأوكرانيا يرأسه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بهدف تنسيق المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ومن غير الواضح من سيحضر الاجتماع نيابة عن ألمانيا بعد استقالة وزيرة الدفاع، أو ما إذا كان سيعين خلفاً لها قبل الاجتماع.
والآن يواجه المشكلة نفسها في البحث عن بديل من حيث ملء مزايا معينة، إذ يتعين عليه البحث عن مرشح من حزبه (الاشتراكي الديمقراطي) للحفاظ على توازن الحكومة، وأيضاً أن يكون البديل سيدة للحفاظ على التوازن بين النساء والرجال. ولكن حتى الآن ليست هناك مرشحة واضحة يمكن استبدالها بلامبريشت، رغم أن هناك اسمين يتم تداولهما، الأولى إيفا هوغل نائبة عن الحزب الاشتراكي وتجلس في لجنة القوات المسلحة داخل البوندستاغ، ما يعني أن لديها خبرة عسكرية تخولها تسلم المنصب. ولكن حسب الصحف الألمانية، فإن شولتز لم يثق فيها سابقاً لتسليمها منصباً حكومياً. ومن السيدات المحتملات أيضاً داخل الحزب الاشتراكي، سيمتيا مولر نائبة ووزيرة صغيرة في وزارة الدفاع، لكنها أيضاً من المستبعد أن تحصل على ترقية بهذه السرعة.
وتداولت الصحف الألمانية بأن المرشح المفضل بالنسبة لشولتز هو الزعيم المشترك لحزبه لارس كليغبايل الذي كان والده عسكرياً وهو خبير في السياسة الأمنية. ولكن يبدو أن كلينغبايل نفسه غير مهتم بتسلم منصب حكومي ويفضل أن يبقى زعيم الحزب الذي يرسم السياسات العريضة لحكومة شولتز. ومن المرشحين كذلك وزير العمل الحالي هوبيرتوس هايلولكن، لكن هذا سيضع شولتز في مأزق آخر للبحث عن بديل يتسلم الوزارة التي سيتركها، كما أن من نقاط ضعفه عدم معرفته العميقة بالقوات المسلحة. ويتم تداول اسم مدير المستشارية فولفغانغ شميت، لكن تعيينه يعني أنه سيكون على شولز التخلي عن واحد من أهم العاملين الأساسيين لديه، الذي يعتمد عليه في الكثير من المهمات.
وزيرة الدفاع الألمانية تستقيل «من دون الاعتراف بأخطاء»
وجهت اللوم للإعلام بسبب تركيزه على شخصها
وزيرة الدفاع الألمانية تستقيل «من دون الاعتراف بأخطاء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة