كشف ملامح «مبادرة الإنقاذ» التونسية

تقترح حكومة كفاءات بمهام محددة

TT

كشف ملامح «مبادرة الإنقاذ» التونسية

كشفت أطراف اجتماعية وحقوقية مشاركة في بلورة «مبادرة إنقاذ وطني» لحل الأزمة السياسية والاجتماعية في تونس، عن بعض ملامح هذه المبادرة بتأكيدها على مناقشة الحلول الممكنة لتجاوز الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي «الضبابي» الذي تعيشه البلاد، بالتنسيق بين الأطراف الأربعة التي عقدت بعض المشاورات الأولية لبلورة هذه المبادرة، وهي: «اتحاد الشغل» (نقابة العمال)، و«رابطة حقوق الإنسان»، و«عمادة المحامين»، و«المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية».
ورجح حفيظ حفيظ، القيادي في «اتحاد الشغل»، أن تتعلق محاور هذه المبادرة التي لم تتضح ملامحها بشكل كامل، بمآل الانتخابات التشريعية التي أجريت في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في دورها الأول، وإمكانية المرور إلى إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، أي قبل سنة 2024؛ الموعد الدستوري لإجراء انتخابات جديدة، وتعديل دستور 2022، وإعادة صياغة القانون الانتخابي الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيّد، علاوة على تنظيم انتخابات تشريعية من جديد.
بشأن مستقبل حكومة نجلاء بودن، المتهمة بـ«الفشل في إيجاد حلول لعدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية»، قال حفيظ إن «المبادرة ستناقش مجموعة من الملفات المتعلقة بالخصوص بإقرار إجراءات عاجلة، من ضمنها تشكيل حكومة كفاءات وطنية لها مهام محددة تستجيب لطبيعة المرحلة، وتتمتع بكل الصلاحيات التي تؤهلها لإصدار قانون تكميلي للمالية ومراجعة الإجراءات المعلنة في قانون المالية لسنة 2023».
وأشار إلى أن «مقترحات ومخرجات هذه المبادرة ستقدم إلى بقية مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي يتقاطع الاتحاد معها، وكذلك إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي يأمل الاتحاد أن يتفاعل معها إيجابياً»، على حد تعبيره.
ولم يبد سعيد أي تفاعل مع مبادرات الإنقاذ التي طرحها أكثر من طرف سياسي واجتماعي وحقوقي.
ويعد «اتحاد الشغل» أن محتوى هذه المبادرة يأتي تتويجاً لسلسلة الحوارات والمناقشات التي أجراها خلال الفترة الماضية مع هياكله وقواعده النقابية في كامل التراب التونسي، وهي حوارات خصصت لتشخيص الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، و«ضبابية الوضع السياسي التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد».
في السياق ذاته، أبرز بسام الطريفي، رئيس «الرابطة التونسية لحقوق الإنسان»، في تصريح إعلامي، أن النقاش العام بشأن التوجهات العامة في الملف السياسي بين ممثلي المنظمات الأربعة تعلق بضرورة تنقية المناخ السياسي، واعتباره مناخاً ليس ملائماً لإجراء انتخابات تشريعية. وكشف عن وجود إجماع بين الأطراف الأربعة المشاركة في المناقشات على أن مجلس النواب (البرلمان) المقبل سيكون صورياً وغير متجانس، نظراً لضعف المشاركة في التصويت التي لم تتجاوز حدود 11.2 في المائة من أكثر من تسعة ملايين ناخب.

الحملة الانتخابية
على صعيد آخر، انطلقت أمس (الاثنين) الحملة الانتخابية للمترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية، وتتواصل إلى غاية يوم 27 من هذا الشهر بمشاركة 262 مترشحاً يتنافسون على 131 مقعداً برلمانياً. ومن المنتظر، وفق عدد من المنظمات الحقوقية المتابعة للشأن الانتخابي، أن تكون حملة الدور الثاني أكثر حيوية اعتباراً لانحصار التنافس بين مترشحين اثنين في مواجهة مباشرة.
في هذا الشأن، كشف محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، عن إمكانية تنظيم مناظرة تلفزيونية بين المتنافسين في الدورة الثانية من الانتخابات. وأكد أن الهيئة ستحرص على أن تكون أسئلة ومواضيع المناظرة تحت إشرافها حتى لا تنفلت الأمور في ظل التنافس الذي سيكون شديداً بين المترشحين، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، نفذ سائقو التاكسي الفردي المنضوون تحت الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي إضراباً مفتوحاً عن العمل أمس، وشمل الإضراب ولايات (محافظات) تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس. ويأتي هذا الإضراب تعبيراً عن غضبهم من التطبيقات المستخدمة في تونس لنقل الأشخاص بسيارات مدنية، لما فيه من ضرر لأهل المهنة.
وفي هذا الشأن، قال فوزي الخبوشي، رئيس الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي، إن هذا الإضراب يأتي إثر عدم تجاوب الحكومة التونسية والسلطات المعنية مع مطالب مهنيي القطاع المتعلقة بالتطبيقة المخصصة للنقل، التي عدتها غير قانونية.
وأكد المتحدث أنه تمت مراسلة البنك المركزي والنيابة العامة التونسية بشأن عديد الخروقات المتصلة بهذه التطبيقة، مضيفاً أنه «سيتم الكشف عن كل من يقف وراء هذه التطبيقة ومن يعطيها الضوء الأخضر للنشاط غير القانوني في تون»، على حد قوله.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.