بيل نايغي... سيد الاتجاهات الخاطئة

نايغي يلعب دور البطولة في فيلم «ليفينغ» (نيويورك تايمز)
نايغي يلعب دور البطولة في فيلم «ليفينغ» (نيويورك تايمز)
TT

بيل نايغي... سيد الاتجاهات الخاطئة

نايغي يلعب دور البطولة في فيلم «ليفينغ» (نيويورك تايمز)
نايغي يلعب دور البطولة في فيلم «ليفينغ» (نيويورك تايمز)

كان الممثل البريطاني بيل نايغي يحاول أن يصف كيف استعدّ لشخصيته في الدراما الجديدة «ليفينغ»، فهو يلعب دور السيد ويليامز؛ الرجل البيروقراطي المتحفظ في لندن لما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي قرر أخيراً أن يعيش حياته حين أدرك أنه يحتضر.
قال نايغي: «كل ما أقوله من الآن فصاعداً، مِن فضلكم تعاملوا معه بقدر من الشك أو اعتبروه مبالَغاً فيه تماماً». كان يتحدث من سيارة في طريقه من لوس أنجليس إلى بالم سبرينغز في كاليفورنيا، حيث كان سيتسلم جائزة النجم الدولي في «مهرجان بالم سبرينغز السينمائي الدولي». كان يستمع إلى أغنية «هذا ما أشعر به تجاه تشا»، من قائمة أغانيه للمطربة الأميركية السمراء أريثا فرانكلين.

الممثل البريطاني بيل نايغي (نيويورك تايمز)

وتابع نايغي متحدثاً عن مهنته: «لا أعرف أبداً كيف أتكلم عن ذلك. عندما يتحدث الناس عن آليات التمثيل، فإنني أشعر بالقلق من ذلك؛ ليس لأنه شيء خيالي أو غامض أو معقَّد أو بالغ الرقة. كلها أمور عملية. والتمثيل هو...». وهنا تباطأ قليلاً، يمكنك سماع الدعابة في صوته، حتى على مسافة 3000 ميل. «لقد بدأت جملة بعبارة‍ (التمثيل هو... )، وهذه علامة سيئة،» كما قال.

يُعدّ نايغي، البالغ من العمر 73 عاماً وظهر في أكثر من 70 فيلماً، سلاحاً خفياً بوصفه ممثلاً، من حيث أداؤه التمثيلي المدروس بصورة رائعة ودائماً لا يُنسى، رغم أنه من النادر ما يكون مُبهراً. سواء إن لعب دور نجم بوب مشوَّش الذهن في تسجيل أغنية عيد الميلاد في فيلم «لوف أكتشوالي»، أو الشخصية الموسوسة المتكلفة والد الشخصية البارزة في نسخة عام 2020 من فيلم «إيما»، أو كان جاسوساً مُسناً في فيلم «بيغ إيت» من إنتاج «بي بي سي»، أو كان الأرمل الذي يزور حبيبته السابقة الأصغر سناً، الذي لعبته الممثلة كاري موليغان، في إعادة إحياء المسرحية في برودواي وويست إند لفيلم «سكاي لايت» من تأليف ديفيد هير، أو حتى (في جزء صغير ولكنه فعال) لدور مؤرخ فني يتحدث بلغة غنائية عن فينسنت فان غوخ في حلقة من «دكتور هو»، فإن نايغي يسكن الشخصية بكل تفاصيلها، في حين يظل هو نفسه من دون تغيير.

الممثل البريطاني بيل نايغي في الدراما الجديدة «ليفينغ» (نيويورك تايمز)

إنه شخصية محبوبة للجمهور، وأهل لندن على وجه الخصوص الذين غالباً ما يشاهدونه متجولاً في المدينة - أحد الأشياء المفضلة لديه الجلوس وحيداً في المقاهي وقراءة كتاب - وبحكم ردود الفعل المتدفقة عندما يُذكر اسمه، تقريباً لكل شخص عمل معه ذات يوم.
قال المخرج ريتشارد كورتيس، الذي اختار نايغي في فيلم «لوف أكتشوالي»، وعمل معه كثيراً منذ ذلك الحين: «إنه عطوف ولطيف بلا كلل أو ملل. من أجمل اللحظات في الحياة هي عندما تجد ممثلاً كلاسيكياً رائعاً يملك كل هذا العمق العاطفي ومهارات التمثيل، وهو أيضاً مضحك جداً».
كُتب سيناريو «ليفينغ» تحديداً مع أخذ نايغي في الاعتبار. إنها إعادة إنتاج لفيلم «إيكيرو» لسنة 1952 من إخراج أكيرا كوروساوا، عن رجل بيروقراطي روتيني جداً في اليابان لما بعد الحرب، وقد خرج من حالة الجمود التي أصابته بالشلل في الأشهر الأخيرة من حياته. كازو إيشيغورو، الروائي والحائز جائزة نوبل، الذي انتقلت عائلته إلى إنجلترا من ناغازاكي عندما كان صبياً، لطالما أحب الفيلم، واعترف بأوجه الشبه بين اليابان وبريطانيا لفترة ما بعد الحرب، واحتمال إعادة إنتاج الفيلم، الذي تدور أحداثه في لندن في خمسينات القرن الماضي.
في إحدى الليالي في لندن، كان إيشيغورو وزوجته لورنا ماكدوغال يتناولان العشاء مع المنتِج ستيفن وولي، وزوجته إليزابيث كارلسن. ووصل نايغي متأخراً، لكن حينها ذكر إيشيغورو فكرة إعادة إنتاج الفيلم، وقال إنه سيكون فيلماً مثالياً لنايغي.
قال إيشيغورو، في مقابلة: «من السهل جداً على الممثلين أداء هذه الصور النمطية عن الرجل الإنجليزي، لكنْ أن تلعب دور الشخص الإنجليزي وتضيف إليه شيئاً عميقاً وإنسانياً حزيناً، فهذا ليس شيئاً إنجليزياً فحسب، بل إنه عالمي... لهذا السبب اعتقدت أنه يجب أن يكون نايغي بطل الفيلم. لم أستطع التفكير في أي شخص آخر».
وافق المنتج وولي وتملق إيشيغورو لأجل كتابة النص، على الرغم من أن المؤلف كان في منتصف كتابة نص «كلارا أند ذا صن»، وقال إنه ليس بارعاً في كتابة السيناريوهات، ويكره تناول أي عمل آخر. أطلق إيشيغورو على الشخصية الرئيسية اسم السيد ويليامز؛ تكريماً لاسم نايغي الأول.
إن الحوار، على الأقل في البداية، قبل أن يُبدي السيد ويليامز مظهراً هادئاً، ولكنه مزلزل، عن كيفية عيش حياته التي صارت مختصرة بصورة كبيرة، هو حوار مطلق وصارم ومليء بالمشاهد التي يناضل فيها الناس ويفشلون في التعبير عن أنفسهم. (تتلقى شخصية نايغي تشخيصه النهائي بالسرطان من طبيب يلاحظ مدى صعوبة المحادثة. يقول نايغي «تماماً»، قبل أن ينهار ممتزجاً مع الأثاث).
قال وولي: «لدى بيل فهم فطري للحد الأدنى من التفاصيل عندما يتعلق الأمر بالسينما». وقد قارن بين نهج الممثل والأداء الأكثر أوبرالية وصدقاً في العاطفة من جانب الممثل تاكاشي شيمورا، بطل فيلم «إيكيرو». «لدى نايغي طريقة رائعة للتواصل من خلال القيام بالقليل جداً، مجرد لفتة صغيرة أو ابتسامة عابرة. ويمكنه أن يفاجئكم تماماً بمجرد أن يرفع حاجبه». وأضاف: «إنه ممثل بارع وإنسان رائع، ونادراً ما تجد الميزتين في الشخص نفسه». وتابع إن نايغي يفضل في أوقات فراغه القراءة والمشي لمسافات طويلة في جميع أنحاء لندن، ويمر على المكتبات المفضلة لديه. وإذا اضطر للذهاب إلى أي مكان آخر، فإنه يأخذ سيارة أجرة أو مترو الأنفاق إلى محطة القطار. وقال نايغي: «أنا لا أملك سيارة؛ لأنها عديمة الجدوى. وأنا لست سائق سيارة بطبيعتي، إذ أجد صعوبة كبيرة في الانتباه».
هل أخذ نايغي على محمل الجِد الرسالة المقترحة في الفيلم؛ إنه يجب أن تعيش كل يوم، كما لو كان آخر يوم في حياتك؟
أجاب: «الطريقة التي تفكرون بها في عمركم ووفاتكم خرافية أو تسويقية. بطريقة ما، تقتنعون باعتقاد أن أموراً معينة هي خارج عمركم، أو أنه يجب أن تنجذبوا إلى الأمور فقط بسبب عمركم. لكنني لا أريد السقوط في أي من تلك الفِخاخ، حيث يفترض أن أتوقع هذا أو ذاك. أنا رجل محظوظ. كل ما أريده هو أن أبقى مُفعماً بالحياة».

* خدمة: «نيويورك تايمز»



كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
TT

كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)
العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

تخطط الحكومة العمانية لإصدار سندات تنمية حكومية وصكوك محلية سيادية بقيمة 750 مليون ريال عماني (1.9 مليار دولار) في عام 2025؛ وذلك لتغطية العجز المتوقع في الموازنة وخدمة الدين العام.

كانت الحكومة العمانية قد نشرت، منذ أيام، أرقام موازنتها للعام المالي 2025، تتوقع فيه أن يبلغ عجز الموازنة 620 مليون ريال (1.6 مليار دولار)، بإجمالي إنفاق قدره 11.80 مليار ريال، وبزيادة قدرها 1.3 في المائة عن عام 2024. في حين أنه من المتوقع أن تسجل الإيرادات 11.18 مليار ريال، بارتفاع قدره 1.5 في المائة عن تلك المتوقعة في العام الماضي. أما خدمة الدين الحكومي فيتوقع أن تبلغ 915 مليون ريال عماني، بتراجع 13 في المائة عن موازنة 2024.

ستجمع الحكومة إجمالي 750 مليون ريال عماني من السوق المحلية، من خلال ثمانية إصدارات لسندات التنمية الحكومية بقيمة 550 مليون ريال عماني، وإصدارين من الصكوك المحلية السيادية بقيمة 200 مليون ريال عماني، وفقاً للتفاصيل الموضَّحة في توجيهات وزارة المالية بشأن موازنة 2025، وفق ما ذكرت «مسقط ديلي».

وقد صممت الوزارة خطة الاقتراض لعام 2025 بناءً على التقديرات الواردة في الموازنة العامة للدولة لعام 2025. ويشمل ذلك توقعات الدين العام واحتياجات التمويل وهيكل التمويل للعام المقبل.

ويقدَّر إجمالي متطلبات التمويل بنحو 2.5 مليار ريال عماني لعام 2025، بما في ذلك عجز في الموازنة قدره 620 مليون ريال عماني، وخدمة دين قدرها 1.8 مليار ريال عماني.

وتشير النتائج الأولية لموازنة 2024 إلى انخفاض الدين العام بنسبة 5.3 في المائة إلى 14.4 مليار ريال عماني بنهاية 2024، مقارنة بـ15.2 مليار ريال عماني في بداية العام. وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 34 في المائة خلال 2024، من 36.5 في المائة خلال 2023.

بالإضافة إلى ذلك، بلغت تكاليف خدمة الدين العام 940 مليون ريال عماني، بانخفاض 10.4 في المائة عن 1.05 مليار ريال عماني المقدَّرة في الموازنة الأولية.

تحليل الموازنة

وفي تحليلٍ لها، ذكرت شركة «كي بي إم جي (KPMG)» الاستشارية أن موازنة 2025 ترتكز على مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، مثل تحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 3 في المائة، واستكمال تنفيذ خطط الاستدامة المالية، وتطوير الأداء المؤسسي من خلال برامج التحول الرقمي، والاستمرار في خطط الحكومة للتوظيف في القطاعين العام والخاص، والحفاظ على جودة الخدمات الاجتماعية الحكومية الأساسية، وتوفير التغطية التأمينية والحماية الاجتماعية العادلة لجميع فئات المجتمع، واستمرار تقديم الدعم الحكومي للكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية الأساسية، وغيرها من الخدمات، ودعم المحافظات لتنفيذ برامج التنمية. كما تعترف أيضاً بالمخاطر المالية والاقتصادية المختلفة، مثل تقلب أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية.

وأوردت «كي بي إم جي» النقاط التالية:

- يقدَّر العجز في موازنة 2025 بما نسبته 6 في المائة من الإيرادات المتوقَّعة، و1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو يمثل انخفاضاً بنسبة 3 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024 حين بلغ 640 مليون ريال عماني. ويقل هذا العجز بمقدار 1.2 مليار ريال عماني عن الفائض البالغ 540 مليون ريال عماني، وفقاً للنتائج الأولية لعام 2024.

- اقتراحات الحكومة تشير إلى أن تمويل العجز سيجري من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي (220 مليون ريال عماني أو 35 في المائة)، والسحب من الاحتياطات (400 مليون ريال عماني أو 65 في المائة).

- تقدِّر موازنة 2025 مخصصات تسوية الديون بمبلغ 440 مليون ريال عماني، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 10 في المائة، مقارنة بموازنة 2024 البالغة 400 مليون ريال عماني.

- من المتوقع تراجع الإنفاق بواقع 2.8 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 وزيادته بواقع 1.3 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. فميزانية عام 2025 تقدِّر النفقات التطويرية للوزارات المدنية بمبلغ 900 مليون ريال عماني؛ وهو ما جاء في موازنة 2024، لكنه أقل بنسبة 29 في المائة، مقارنة بالنتائج الأولية لعام 2024 البالغة 1.2 مليار ريال عماني. كما خُفضت نفقات خدمة الدين العام بنسبة 12.9 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، وتقدَّر بمبلغ 0.9 مليار ريال عماني. في المقابل، جرت زيادة دعم الكهرباء بنسبة 13 في المائة، مقارنة بموازنة 2024، إلى 520 مليون ريال عماني.

- ترتفع إيرادات النفط والغاز المقدَّرة بنسبة 7.9 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وتُعوّض الزيادة في إيرادات النفط بافتراض ارتفاع سعر النفط (60 دولاراً للبرميل في موازنة 2025 مقارنة بـ50 دولاراً للبرميل في خطة التنمية الخمسية العاشرة) جزئياً الانخفاض في إيرادات الغاز (1.7 مليار ريال عماني في موازنة 2025، مقارنة بـ2.3 مليار ريال عماني في خطة التنمية الخمسية العاشرة). وتنخفض الإيرادات غير النفطية والغاز المقدَّرة بنسبة 20 في المائة، مقارنة بخطة التنمية الخمسية العاشرة. وفيما يتعلق بالنفقات، فإن إلغاء نفقات شراء الغاز يقابله زيادة في الدعم وإدراج نفقات جديدة.

وقد أدى انخفاض الإيرادات، إلى جانب الزيادة في النفقات، إلى عجزٍ قدره 620 مليون ريال في ميزانية 2025، وهو ما يزيد عن عشرة أضعاف الفائض البالغ 65 مليون ريال عماني المُدرج في ميزانية خطة التنمية الخمسية العاشرة.

- تمثل الإيرادات غير النفطية والغاز 32 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية. ومن المتوقع أن تبلغ 3.57 مليار ريال عماني؛ أي بزيادة نسبتها 1.5 في المائة، مقارنة بموازنة 2024. ويستند الإسقاط المتفائل للإيرادات غير النفطية والغاز على أساس توقع ارتفاع الضرائب والرسوم والإيرادات الناتجة عن انتعاش الأنشطة الاقتصادية. وتُقدِّر ميزانية 2025 أن إيرادات ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية ستبلغ 680 مليون ريال عماني، بارتفاع نسبته 5 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. وبالمثل، ستزيد إيرادات ضريبة دخل الشركات بمبلغ 656 مليون ريال عماني، بنسبة 4 في المائة، مقارنةً بموازنة 2024. ولا تتوخى موازنة 2025 أيَّ إيرادات من ضريبة الدخل الشخصي التي جرى تحديدها بوصفها مصدراً من مصادر التنويع الاقتصادي متوسطة الأجل.