الصومال: «الشباب» تعاقب القبائل الداعمة للحكومة

تستهدف الماشية والمزارع... وتُضاعف مُعاناة المدنيين

صورة نشرها نشطاء صوماليون لقطيع ماشية نافق بعد استهدافه على يد عناصر من «حركة الشباب»
صورة نشرها نشطاء صوماليون لقطيع ماشية نافق بعد استهدافه على يد عناصر من «حركة الشباب»
TT

الصومال: «الشباب» تعاقب القبائل الداعمة للحكومة

صورة نشرها نشطاء صوماليون لقطيع ماشية نافق بعد استهدافه على يد عناصر من «حركة الشباب»
صورة نشرها نشطاء صوماليون لقطيع ماشية نافق بعد استهدافه على يد عناصر من «حركة الشباب»

أفادت تقارير صومالية بإقدام حركة «الشباب» المتطرفة على استهداف مزارع تابعة لقبائل تدعم السلطات الحكومية في حربها ضد الحركة. وأشار ناشطون محليون إلى أن عناصر من «الشباب» أطلقوا النار على قطعان من الماشية بمناطق سبق تحريرها من نفوذهم، وقتلوا ما يزيد على 300 رأس منها، الأمر الذي اعتبره الناشطون «نوعاً من العقاب» للقبائل، كما أنه «يفاقم من المعاناة الإنسانية» في المناطق التي تعاني من أزمات جراء الجفاف ونقص المواد الغذائية.
وبحسب إفادات لنشطاء صوماليين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فوجئ سكان قرية «محاس» بمحافظة «هيران» وسط الصومال، باستهداف عناصر من حركة «الشباب» لماشيتهم، وأشاعوا أن ذلك «عقاب للقرويين» الذين يدعمون الحكومة الفيدرالية والقوات المناهضة للشباب، التي نجحت في طرد مقاتليهم من المنطقة.
وقالت هبة شوكري، وهي طبيبة وناشطة صومالية، لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حركة «الشباب» صعدت من نشاطها عقب نجاح القوات الحكومية المدعومة من القبائل في تحرير محافظة «هيران»، بهدف الضغط على القبائل والعشائر المساندة للقوات الفيدرالية، وللضغط كذلك على السكان المحليين.
وأشارت هبة شوكري إلى أن هذا التصعيد «ليس الأول من نوعه»، فقد سبق لعناصر «الحركة الإرهابية» ردم آبار للمياه في «هيران»، وبخاصة خلال هذا الموسم الذي عانى السكان فيه من الجفاف وقلة الأمطار واعتماد الرعاة على تلك الآبار لتوفير احتياجات قطعانهم من المياه.
ولفتت إلى أن الحركة دأبت طوال السنوات الماضية على عدم المساس بمصالح القبائل، ولم تتخطَ الخطوط الحمراء باستهداف الماشية والمياه، وكانت تركز عملياتها ضد الشخصيات والإدارات الحكومية، لكن من الواضح أن هناك تحولاً في نهج الحركة، خاصة بعد انضمام العديد من عناصر العشائر، لدعم جهود القوات الفيدرالية، وهو ما يعني أن الحركة فقدت الحواضن التي تمركزت فيها على مدى الـ15 عاماً الماضية، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ «خطوات متهورة تضر بالسكان المحليين، وتزيد من حدة الاحتقان الشعبي ضد ممارسات الحركة وعناصرها».
وأوضح الناشط الصومالي محمد عبد القادر أن عناصر حركة «الشباب» لجأت عند خروجها من المناطق التي كانت تسيطر عليها إلى تدمير أبراج الاتصالات وتسميم آبار المياه، في محاولة للقضاء على ما تبقى من سبل العيش في تلك المناطق، والضغط على السكان المحليين.
وأضاف عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة نفذت تفجيراً إرهابياً في الرابع من الشهر الحالي، بسيارتين مفخختين في «محاس» أسفر عن مقتل نحو 19 شخصاً من سكان المنطقة، لافتاً إلى أن عناصر الحركة تلجأ إلى «تكفير» السكان المحليين بسبب تعاونهم مع السلطات الحكومية، وبالتالي «تستحل استهداف ممتلكاتهم ومصالحهم».
وأشار إلى أن الحركة نفذت خلال الأشهر الأخيرة العديد من عمليات الاستهداف لقوافل المساعدات الإغاثية من أغذية وأدوية، سواء بهدف الاستيلاء عليها أو منع وصولها للمناطق المتضررة جراء الجفاف وعمليات القتال كجزء من استراتيجية الحركة لإخضاع هذه المناطق لسيطرتها.
وبزغت حركة «الشباب» كجناحٍ عسكري تابع لاتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال التي نشطت إبان الحرب الأهلية، في أعقاب سقوط نظام محمد سياد بري عام 1990. وتمكنت خلال عام 2006. من السيطرة على وسط وجنوب وسط الصومال، وبايعت الحركة تنظيم «القاعدة»، عام 2012، وشنت سلسلة من الهجمات الدامية في دول بشرق أفريقيا، من بينها أوغندا وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا، ورفضت الحوار مع الحكومات الصومالية المتعاقبة.
وتصاعدت خلال الأشهر الماضية وتيرة المواجهات بين القوات الحكومية المدعومة بعناصر عشائرية، بعد إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، حرباً شاملة ضد حركة الشباب الإرهابية، أملاً في القضاء عليهم وتحرير جميع المناطق التي تسيطر عليها.
وترى الدكتورة نيرمين توفيق، الباحثة في الشؤون الأفريقية، والمنسق العام لمركز «فاروس» للدراسات، أن مناطق القبائل في وسط وجنوب الصومال كانت هي المعقل الأساسي للحركة طيلة السنوات الماضية، وأن «الموقف السلبي للقبائل من المواجهة بين الحركة وبين القوات الحكومية ساهم في احتفاظ الحركة بحواضن آمنة لسنوات طويلة»، إلا أن تنامي الاستهداف الدولي لنشاط الحركة دفعها إلى ممارسات في المناطق التي تسيطر عليها حشدت ضده القبائل والعشائر الصومالية.
وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن تحول نهج الحركة واستهدافها المدنيين وتنفيذ عمليات للسطو والقرصنة وجمع «الإتاوات» من السكان المحليين، في ظل معاناة تلك المناطق ظروفاً معيشية قاسية ساهم في إشاعة حالة من الغضب والرفض لوجود عناصر الحركة، وشجع القبائل على مساندة القوات الحكومية، وبخاصة في محافظة «هيران» ذات الأهمية الاستراتيجية، التي تعتبر نقطة اتصال بين الأقاليم الصومالية، كما تحتل أهمية عسكرية كبيرة لمن يسيطر عليها.
ولفتت الباحثة في الشؤون الأفريقية إلى أن حركة «الشباب» كانت تجمع في منظومتها الآيديولوجية بين العقيدة الدينية المتطرفة والشعور القومي، وكذلك الاعتبارات القبلية، وهو ما وفر لها في سنوات سابقة قدرة على استمالة العديد من العناصر وتحييد أطراف داخلية عن الصراع معها، وأوضحت أن لجوء الحركة إلى استهداف مصالح المزارعين والرعاة والقبائل سيؤدي إلى نتائج عكسية ضدها، وسيحشد المزيد من المتضررين إلى صف الحكومة الفيدرالية، أملاً في التخلص من سيطرة الحركة وممارسات عناصرها.


مقالات ذات صلة

هجوم مقديشو يخلّف 32 قتيلاً... و«الشباب» تتبنى مسؤوليتها

شمال افريقيا أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)

هجوم مقديشو يخلّف 32 قتيلاً... و«الشباب» تتبنى مسؤوليتها

قُتل 32 شخصاً على الأقل وأصيب العشرات بجروحٍ في العملية الانتحارية التي تلاها إطلاق نار على شاطئ شعبي في العاصمة الصومالية مقديشو، على ما أفادت الشرطة اليوم.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شمال افريقيا أشخاص يحملون جثمان سيدة قُتلت في الانفجار الذي وقع على شاطئ في مقديشو (رويترز)

مقتل 32 شخصاً بهجوم لـ«الشباب» على شاطئ في مقديشو

قُتل 32 شخصاً على الأقل وأصيب العشرات بجروح في العملية الانتحارية التي تلاها إطلاق نار على شاطئ شعبي في العاصمة الصومالية مقديشو، على ما أفادت الشرطة اليوم.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أشخاص يتجمعون بالقرب من حطام المركبات المدمرة بمكان انفجار خارج مطعم حيث كان الزبائن يشاهدون المباراة النهائية لبطولة كرة القدم الأوروبية 2024 على شاشة التلفزيون في منطقة بونديري بمقديشو الصومال في 15 يوليو 2024 (رويترز)

الجيش الصومالي يُحبط هجوماً إرهابياً في جنوب البلاد

أحبط الجيش الصومالي، صباح الاثنين، هجوماً إرهابياً شنّته عناصر «ميليشيات الخوارج» على منطقة هربولي في مدينة أفمدو بمحافظة جوبا السفلى

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أفريقيا أشخاص ينظرون إلى الأضرار التي لحقت بموقع هجوم بالقنابل في مقديشو 15 يوليو 2024 قُتل تسعة أشخاص وأصيب أكثر من 20 آخرين (أ.ب.أ)

9 قتلى في هجوم على مقهى بمقديشو

قُتل تسعة أشخاص وأصيب عشرون في انفجار سيارة مفخّخة مساء الأحد أمام مقهى في العاصمة الصومالية مقديشو كان مكتظاً بسبب بث نهائي يورو 2024

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
أفريقيا عناصر من «حركة الشباب» الصومالية المتطرفة (أ.ب)

مقتل 5 سجناء و3 حراس خلال محاولة هروب من سجن في الصومال

قُتل خمسة سجناء ينتمون إلى «حركة الشباب» الصومالية، وثلاثة حراس أمن، في اشتباك مسلح في أثناء محاولة هروب من السجن الرئيسي في العاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.