مصر: هبوط الجنيه يثير تحذيرات برلمانية... ودعوات للتبرع

تحركات العملة تشغل الساحة... وتعويل على تحويلات المقيمين بالخارج

فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

مصر: هبوط الجنيه يثير تحذيرات برلمانية... ودعوات للتبرع

فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)

في تفاعل مع الأزمة المتصاعدة لهبوط سعر صرف العملة المحلية في مصر، شهدت البلاد مقترحات وتحذيرات للتخفيف من وطأة تراجع تاريخي للجنيه مقابل الدولار (العملة الأميركية سجلت 29.6 جنيه تقريباً في المتوسط)، وذلك بالتزامن مع انتقال القطاع المصرفي لنظام أكثر مرونة بموجب اتفاق مصري مع «صندوق النقد الدولي».
وعلى الصعيد البرلماني، جاء تحذير من تراجع تحويلات المصريين في الخارج، إذ تقدم عضو مجلس النواب المصري محمد زين الدين، بطلب إحاطة إلى وزارتي «المالية»، و«الهجرة» بشأن تلك «التراجعات». وقال النائب إن «تحويلات المصريين بالخارج، تمثل واحداً من مصادر الدخل القومي في البلاد».
وقال زين الدين إن «التحويلات استطاعت في أوقات متعددة مساندة الدولة المصرية في توفير العملة الصعبة، إلا أن هناك إشكالية كبيرة مؤخراً تمثلت في البحث عن طرق بديلة عن البنوك لتحويلات المصريين بالخارج، وهو ما يؤثر على دورها في دعم الاقتصاد الوطني».
ولفت عضو مجلس النواب، إلى أنه «انتشر في العديد من الدول خصوصاً تلك التي يوجد بها كثافة من المصريين بعض السماسرة الذين يحصلون على العملة الصعبة خارج مصر ويتم تسليمها في الداخل بالجنيه المصري، بعيداً عن البنوك، الأمر إلى يعني فقدان الدولة لمصدر مهم من العملة الصعبة».
وكان «البنك المركزي المصري»، أعلن تقريراً في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يفيد بأن تحويلات المصـريين العاملين بالخارج خلال الفترة يناير (كانون الثاني) - أغسطس (آب) 2022 سجلت نحو 20.9 مليار دولار مقابل 21.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق.
وتواكبت التحذيرات البرلمانية مع دعوات لمطالبة الشخصيات العامة والمشاهير بالتبرع لدعم الاقتصاد الرسمي، خاصة بعدما أعلن الفنان المصري ياسر جلال التبرع بثلاثة ملايين جنيه لصندوق «تحيا مصر»، وقال في بيان: «ما دفعني للتبرع هو الأزمة التي تمر بها مصر حالياً (...) فالعالم أجمع يمر بأزمة حالية، ونتمنى من الله أن نمر من تلك الأزمة، ونتكاتف جميعاً». ودعا الفنان المصري زملاءه الفنانين بالتبرع: «هناك عدد من النجوم تبرعوا، وأدعوهم لتكرار الأمر» كما أفاد البيان.
وسرعان ما تصدرت دعوة الفنان المصري للتبرع محركات البحث، وسط تعليقات تتراوح بين الترحيب والتساؤل عن مدى جدوى فتح باب التبرعات في وقت يواصل فيه الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار.
وحسب الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي، فإن «الحلول المتمثلة في فتح باب التبرعات هو حل مسكن وليس حلاً جذرياً للأزمة الاقتصادية المتفاقمة الآن» كما يقول في حديثه مع «الشرق الأوسط».
ويضيف الشافعي أن «المسكنات، يجب أن تواكبها حلول جذرية تتمثل في تحليل موارد العملة الأجنبية، وتنمية تلك المصادر وعلى رأسها مراجعة أبواب الاستيراد، وتوطين صناعات محلية تقلل من السلع المستوردة، وتشجيع الاستثمار في هذا الشأن. أصل المشكلة متعلق بتصاعد الاستهلاك وتنمية مصادر إيرادات العملة الأجنبية في مصر» كما يقول.
ويعتبر الخبير الاقتصادي أن «تحويلات المصريين للخارج تعد أحد مصادر العملة الأجنبية المهمة التي يمكن أن تصل لنحو 32 مليار دولار، وتدعم الأزمة الحالية لكن بالتوازي مع البحث عن مصادر أخرى للعملة الأجنبية برؤية جذرية واضحة».
وكان «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» أعلن عن ارتفاع معدل التضخم ليصل إلى 21.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) على أساس سنوي، مقابل 18.7 في المائة في نوفمبر الماضي، ليسجل بذلك أعلى معدل على مدار السنوات الخمس الماضية.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.