«لسان رأس البر»... سحر التقاء النهر بالبحر

وجهتك لاكتشاف جمال الدلتا المصرية

الممشى السياحي والفنار في أقصى شمال مصر
الممشى السياحي والفنار في أقصى شمال مصر
TT

«لسان رأس البر»... سحر التقاء النهر بالبحر

الممشى السياحي والفنار في أقصى شمال مصر
الممشى السياحي والفنار في أقصى شمال مصر

سحر خفي المصدر يغمرك بحالة من الانتشاء، تشعر وكأنك مسكون بالراحة والانسجام عبر رمال ناعمة وأمواج هادئة، يطل عليك فنار قريب وترسل لك السفن البعيدة تحياتها عبر وميض متقطع لضوء برتقالي حنون.
هنا في منطقة «اللسان» بمدينة رأس البر الساحلية التي تغفو بوداعة في حضن المياه بأقصى شمالي مصر، أنت على موعد مع إحدى المعجزات الربانية حيث يلتقي نهر النيل مع البحر الأبيض المتوسط في بقعة واحدة يتخللها لسان صخري ما جعل المكان وجهة سياحية مميزة في حد ذاته.
ويعد «اللسان» شبه جزيرة تمتد داخل الماء على هيئة مثلث قاعدته تتكون من قناة ملاحية لميناء دمياط فيما يتكون ضلعه الشرقي من النهر، أما الغربي فمكون من البحر، بينما رأس المثلث يغيب بعيداً ليحمل أسرار الماء إلى أهل اليابسة.

يعد «اللسان» شبه جزيرة تمتد داخل الماء على هيئة مثلث يشكل منطقة جذب لعشاق الطبيعة والجمال (الصفحة الرسمية لمحافظة دمياط)

ورغم أن هذا المكان العبقري يقع ضمن النطاق الجغرافي لمحافظة دمياط التي تعد عروس محافظات الدلتا، فإن ذلك الممشى السياحي تحول إلى بقعة جذب يفد إليها كل عروسين من المحافظة والمحافظات الأخرى كذلك، بات التقاط الصور التذكارية هنا ضمن جلسات تصوير بمثابة فقرة أساسية في برنامج حفل الزفاف، فضلاً عن الأفواج السياحية التي لا تكتمل زيارتها للمدينة سوى بعدة ساعات تقضيها في تلك التحفة الطبيعية.
ورغم أن «رأس البر» تعد بالأساس أحد المصايف العريقة في مصر، فإن المكان لا يفقد سحره في الشتاء حيث يعد ملتقى لهواة التصوير وقت الغروب، فضلاً عما يوفره من أجواء رومانسية يحرص عليها من يعيشون فترة الخطوبة.


منطقة «اللسان» تغفو بوداعة في حضن المياه

«مرج البحرين يلتقيان»
هكذا تطالعك تلك الآية القرآنية الكريمة المنقوشة على واحد من أهم مزارات المنطقة وهو الفنار المطلي باللون الأخضر الذي يصعده السياح على متن سلم حديدي حلزوني الشكل بصحبة مرشد ليروا عن قرب آلية إرشاد السفن التي تدخل البوغاز. ويعود تاريخ إنشاء الفنار إلى عام 1938 حيث أقامته مصلحة الموانئ العامة مدعوماً برصيف من الإسمنت المسلح بطول 150 متراً داخل البحر ورصيف آخر فوق اليابسة بطول 75 متراً. وبينما يبلغ ارتفاع الفنار 20 متراً، لا يزيد عرضه على مترين ونصف المتر.
وعلى بعد دقائق سيراً على الأقدام من المكان، ينهض فندق سياحي مصمم بمواصفات عالمية هو «فندق اللسان» أو Steigenberger Hotel Ellessan الذي يعد الوحيد من نوعه داخل دلتا مصر الذي يحمل تصنيف «خمس نجوم» وتديره شركة «شتايجنبرجر» الألمانية. وتبلغ طاقته الاستيعابية 142 غرفة و16 جناحاً كما يضم نادياً صحياً وقاعتين للحفلات والمؤتمرات تستضيف ما يزيد على الألف فرد. وتتنوع مطاعم وكافيهات الفندق، لكن أبرزها ذلك الذي تطل واجهته من الطابق العلوي على الممشى السياحي والفنار معاً.
يمكنك الوصول إلى رأس البر عبر طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي الذي يصلك بدمياط في مدة تناهز الثلاث ساعات بالسيارة وهو طريق ممهد يتسم بالاتساع وتتخلله زراعات على الجانبين، فضلاً عن أبراج الحمام ثم مزارع سمكية وملاحات ما يجعل القيادة عليه بالسيارة متعة في حد ذاتها.
وبالإضافة إلى منطقة اللسان والفنار والممشى السياحي، من المهم للغاية بالنسبة للسائح التجول في منطقة الكورنيش أو ما يسمى بـ«شارع النيل» حيث العوامات التي تقدم سهرات مدهشة ووجبات طعام فاخرة، فضلاً عن تناول «الفطير» الساخن الذي تشتهر به المدينة.
وبما أنك في رأس البر، لا تكتمل الزيارة إلا بشراء أشهر الحلويات الدمياطية مثل «المشبك، والكنافة، والبقلاوة والعزيزية، والهريسة» التي تعد هدايا قيّمة فاخرة. ولا تنس كذلك الاستمتاع بأشهى وجبات الأسماك الطازجة القادمة رأساً من البحر التي تشتهر بها رأس البر كمدينة ساحلية فاتنة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».