تراجع غير مسبوق للجنيه أمام الدولار يزيد مخاوف المصريين من الغلاء

مواطنون يترقبون التبعات على الأسعار

مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
TT

تراجع غير مسبوق للجنيه أمام الدولار يزيد مخاوف المصريين من الغلاء

مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)
مصريون يشترون فاكهة في أحد أسواق القاهرة (إ.ب.أ)

واصل الجنيه المصري تراجعه (اليوم الأربعاء)، أمام الدولار الأميركي، ليزيد من مخاوف المصريين من موجة غلاء متسارعة تضرب الأسواق منذ عدة أشهر.
بدأ الجنيه المصري رحلة هبوطه مع بداية التعاملات في البنوك، ليتجاوز الدولار حاجز الـ32 جنيهاً في منتصف اليوم، قبل أن يعود الجنيه للصعود مرة أخرى، ليستقر الدولار مع نهاية التعاملات عند 29.60 جنيه. وسط توقعات بأن يستمر هذا التذبذب في سعر صرف العملة المحلية خلال الأيام المقبلة.
جاءت قفزة الدولار الأخيرة أمام الجنيه، عقب تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي، مساء الثلاثاء، أكد «التزام القاهرة بمرونة سعر الصرف كجزء من برنامج دعم الصندوق للبلاد»، وحسب تقرير الصندوق، الذي خرج في مؤتمر صحافي افتراضي، فإن «سياسة تثبيت سعر الصرف التي اتبعتها مصر في السابق تسببت في تفاقم المعوقات الاقتصادية على مدار العام الماضي». وفيما يعتبر الخبراء مرونة سعر الصرف «أمراً مفيداً للاقتصاد»، يثير تراجع قيمة العملة المحلية مخاوف المصريين من احتدام الغلاء.
لا توجد علاقة تربط ريهام بالدولار الأميركي سوى أنها تعتبره مؤشراً لأسعار السلع اليومية، مما يدفع الأم الأربعينية، إلى ترقب مؤشر سعر الصرف بقلق، وخطة متغيرة بين لحظة وأخرى. وتقول ريهام، التي لا يتخطى دخلها الشهري وزوجها 10 آلاف جنيه (قرابة 337 دولاراً)، إن «العام الحالي يعد الأسوأ على أسرتها، لا سيما أنها تتحمل عبء (دروس خصوصية) باتت أولوية قبل الطعام والشراب»، وتردف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إنها «لا تتوقع تراجعاً للأسعار ولا تنتظره، فقط تحاول التكيف من خلال إعادة ترتيب الأولويات، حتى فيما يشمل جودة التغذية، حيث بات حتمياً تراجع حصص البروتين الحيواني لصالح الأكلات النباتية».
كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر قد أصدر، الثلاثاء، بيانات تشير إلى ارتفاع معدل التضخم، الذي يعكس أسعار السلع، ليصل إلى 21.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) على أساس سنوي، مقابل 18.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ليسجل بذلك أعلى معدل على مدار الخمس سنوات الماضية.
وحسب البنك المركزي المصري فإن التضخم الأساسي السنوي، الذي يستبعد المواد المتقلبة مثل الغذاء، ارتفع إلى 24.4 في المائة في ديسمبر. بهذا تكون معدلات التضخم قد تخطت توقعات الخبراء، فحسب ما نشرته «رويترز» الأربعاء، كان متوسط التوقعات في استطلاع أجرته الوكالة، شمل 15 اقتصادياً، يشير إلى احتمال وصول التضخم إلى 20.50 في المائة.
بالعودة لتقرير صندوق النقد الدولي فإن مؤشر التضخم من المتوقع أن يتراجع إلى 7 في المائة بحلول السنة المالية 2024 - 2025. غير أن «هذا التراجع مرهون بتنفيذ مصر لخطة إصلاح تشترط خفض الحكومة للإنفاق غير الضروري حتى نهاية العام المالي في يونيو (حزيران) المقبل، كذلك، تلتزم مصر بموجب الخطة بتنفيذ آلية التسعير التلقائي للوقود تنفيذاً كاملاً، مع توفير تعويضات للفئات الأكثر ضعفاً».
من جانبها، بدأت مصر فعلياً في ترشيد الإنفاق العام، وجاء تأجيل تنفيذ أي مشروعات جديدة ولها مكون دولاري واضحاً، على رأس قرارات مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الاثنين، كذلك، أعلنت الحكومة تأجيل الصرف على أي احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى بهدف سد الفجوة التمويلية في مصر التي تقدر بـ17 مليار دولار، على مدار الأربع سنوات المقبلة، حسب تصريحات إيفانا هولر، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، خلال مؤتمر صحافي افتراضي.
وعلى مدار ساعات اليوم ارتفع وانخفض الدولار أكثر من ثلاث مرات، مما أثار قلق المصريين وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بسؤال واحد «ماذا يحدث منذ صباح اليوم؟!». اعتبر الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، أن هذا الارتفاع «فريد، غير أنه متوقع»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تعيش تبعات خطة لها مراحل حتمية، وتواجه الآن سياسة سعر مرن، وفي الوقت عينه تتجه الحكومة للإفراج الجمركي لبضائع تُقدر بنحو 10 مليارات دولار، من شأن هذه الخطة مد السوق الداخلي بالمواد الخام وتحريك عجلة الإنتاج، ومن ثم إشباع السوق وزيادة المعروض الذي بدوره سيؤثر على الأسعار بالانخفاض».
ويرى الخبير الاقتصادي أن سياسة المرونة في سعر الصرف «ضرورية»، موضحاً أن «هذا هو الانعكاس الحقيقي للوضع الاقتصادي للدولة، والذي لا يُقدر بقيمة العملة الأجنبية فحسب، بينما بقاعدة العرض والطلب، لا سيما أن سعر الدولار عالمياً يتصاعد وفقاً لمجريات الوضع العالمي».
بينما يتصاعد القلق بشأن الغلاء على خلفية الارتفاع الدرامي للدولار، تسعى الحكومة إلى طمأنة المواطنين بمعارض السلع الاستهلاكية المُخفضة وتوفير البدائل. أعلنت وزارة الزراعة عن توفير بديل للبيض، الذي وصل سعر الكرتونة إلى 100 جنيه، بطرح «بيض السمان» بسعر 20 جنيهاً للكرتونة.
وفي خضم مساعي الحكومة لتخفيف حدة الأزمة، أعلن الدكتور علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية، الإفراج الجمركي عن سلع غذائية، وأعلاف للدواجن بما يٌقدر بـ7 مليارات دولار، وقال، في مداخلة هاتفية في برنامج «على مسؤوليتي» عبر فضائية «صدى البلد»، إن «أزمة الدواجن متوقع أن تنفرج خلال الشهور القادمة»، مؤكداً «أنه لا توجد أزمة في أي سلعة في مصر».
بيد أن محاولات الحكومة وحدها لن تستطيع السيطرة على قلق المواطنين، ففي حين يُثمن منصور (أربعيني وأب لطفلين)، جهود الحكومة غير أنه يعتبرها «غير متناسبة مع معدل ارتفاع الدولار ومن ثم تراجع القوة الشرائية للجنيه»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «بات يطالع سعر الدولار أولاً قبل أن اتخاذ أي قرار للشراء حتى وإن كان يخص زجاجة زيت». ويردف منصور، الذي يتقاضى شهرياً راتب 15 ألف جنيه (نحو 504 دولارات) من وظيفتين، إن «الأسواق الموازية التي تدفع بها الحكومة لا تناسبه، لأن جودة المنتجات أقل مما يتوقع، لذلك يلجأ لترشيد الاستهلاك باتباع خطة الأولويات وتقليل الكميات مع الحفاظ على الجودة قدر المستطاع».



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.