استراتيجية للتخلص من سرطان عنق الرحم في «شرق المتوسط»

الصحة العالمية: المرض تسبب في وفاة أكثر من 47 ألف سيدة بالإقليم خلال 2020

جانب من المؤتمر الصحافي بمقر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة (منظمة الصحة العالمية)
جانب من المؤتمر الصحافي بمقر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة (منظمة الصحة العالمية)
TT

استراتيجية للتخلص من سرطان عنق الرحم في «شرق المتوسط»

جانب من المؤتمر الصحافي بمقر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة (منظمة الصحة العالمية)
جانب من المؤتمر الصحافي بمقر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة (منظمة الصحة العالمية)

أطلق المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط اليوم الأربعاء الاستراتيجية الإقليمية للتخلص من سرطان عنق الرحم في الإقليم.
وخلال مؤتمر صحافي شارك فيه قادة المنظمة، بمقرها بالقاهرة، وانضم إليه نساء ناجيات من سرطان عنق الرحم، فضلا عن عدد من المناصرات اللواتي يحاربن المرض، تم الإعلان عن الأهداف الثلاثة للاستراتيجية، والتي ينبغي العمل على تحقيقها بحلول عام 2030، وهي تحقيق 90 في المائة من التغطية باللقاح للفتيات في سن 15 عاماً، وذلك ضد فيروس الورم الحليمي البشري، المسبب للمرض، وتحقيق 70 في المائة من التغطية بخدمات الفحص للنساء في سن 35 و45 عاماً، و90 في المائة من العلاج في المرحلة السابقة لسرطان عنق الرحم والتدبير العلاجي للنساء المصابات بالسرطان.
ويقول بيان صحافي أصدرته المنظمة، أن الاستراتيجية الإقليمية للتخلص من سرطان عنق الرحم لشرق المتوسط، تستند إلى الاستراتيجية العالمية لتسريع وتيرة التخلص من سرطان عنق الرحم، بوصفه إحدى مشكلات الصحة العامة التي اعتمدتها الدول الأعضاء في المنظمة في عام 2020، والتي تهدف إلى بناء عالم خالٍ من سرطان عنق الرحم، وتحقيق الحد الأدنى من الإصابة بمقدار 4 سيدات لكل مائة ألف امرأة سنويا من أجل التخلص من المرض، بحلول عام 2030، لكي تمضي البلدان قدما نحو التخلص من المرض في غضون أجيال قليلة.
ويقول الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط خلال البيان «لقد طوعنا الاستراتيجية الإقليمية للتخلص من سرطان عنق الرحم وفقاً للسياقات الدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية السائدة في إقليم شرق المتوسط».
وأضاف: «لطالما كان تنفيذ حملات التلقيح والفحص والتشخيص المبكر على نطاق واسع محدودا في العديد من بلدان الإقليم، ونحن نشيد ببلدان الإقليم التي شرعت في بذل الجهود لدعم التخلص من سرطان عنق الرحم، ونحث سائر البلدان، خاصةً تلك التي تنوء بعبء ثقيل، على اتخاذ إجراءات فورية».
ويأتي سرطان عنق الرحم في المرتبة السادسة بين أكثر أمراض السرطان شيوعا بين النساء في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، وفي عام 2020، شخصت حالات نحو 89 ألفا و800 امرأة بسرطان عنق الرحم في الإقليم، وفقاً للتقديرات، وتوفي بسبب هذا المرض الذي يمكن الوقاية منه أكثر من 47 ألفا و500 امرأة بالإقليم.
ويظهر سرطان عنق الرحم في منطقة عنق الرحم عند المرأة (أي في مدخل الرحم قدوما من المهبل)، وتكاد تكون جميع حالات سرطان عنق الرحم (99 في المائة) مرتبطة بالعدوى بفيروس الورم الحليمي البشري الشديد الخطورة.
وفي حين تشفى معظم حالات العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري تلقائياً، ولا تسهم في حدوث أي أعراض، فإن استمرار العدوى يمكن أن يسبب سرطان عنق الرحم عند النساء.
وقالت رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط خلال المؤتمر الصحافي، إن «شهر يناير (كانون الثاني) هو شهر التوعية بسرطان عنق الرحم، وهي فرصة مثالية لنا ولشركائنا لتحفيز الجهود المشتركة من خلال هذه الاستراتيجية الإقليمية، والعمل المشترك من أجل التخلص من سرطان عنق الرحم، وإذكاء الوعي بسرطان عنق الرحم والتلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري».
وأضافت: «إن سرطان عنق الرحم يعد أحد أكثر أنواع السرطان القابلة للعلاج بنجاح إذا اكتشف مبكراً وجرى تدبيره علاجيا على نحو فعال».



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».