هل تنشط أفرع «داعش» و«القاعدة» مجدداً؟

بعد تحذيرات أميركية وأممية من تصاعد «الإرهاب»

علم "داعش" معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
علم "داعش" معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
TT

هل تنشط أفرع «داعش» و«القاعدة» مجدداً؟

علم "داعش" معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
علم "داعش" معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)

هل تنشط أفرع «داعش» و«القاعدة» مجدداً؟ تساؤل أثير أخيراً عقب تحذيرات أميركية وأممية من تصاعد «الإرهاب» في 2023. وأشار باحثون ومراقبون إلى أنه «ستظل آيديولوجية التنظيمين قائمة حتى بعد خسائرهما على الأرض». وأكدوا أن «الأزمات العالمية تمنح قوة دفع للتنظيمات (الإرهابية) لتجنيد عناصر جُدد وإيجاد أهداف جديدة».
ودائماً ما يُنظر إلى «داعش» و«القاعدة» باعتبارهما تنظيمين متنافسين على المشهد المتطرف؛ إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالم إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تكرر مع صعود «داعش» من قبل على حساب «القاعدة»، عندما ضعف التنظيم، وفرّ كثير من عناصره.
ورجح «معهد أبحاث السياسة الخارجية» الأميركي أخيراً احتمال أن «يتمكن تنظيما (داعش) و(القاعدة) وأفرعهما من إعادة بناء شبكاتهما في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، حال عدم وجود (ضغط مستمر) ضدهما من الولايات المتحدة وحلفائها».
ما ذكره المعهد اتفق مع تحذيرات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الشهر الماضي، من أن «تهديد (الإرهاب) قد ازداد، وأصبح أكثر انتشاراً في مناطق مختلفة من العالم، بمساعدة التكنولوجيا الجديدة». وأدان المجلس بشدة «تدفق الأسلحة، والمعدات العسكرية، والطائرات المسيَّرة، والمتفجرات إلى متطرفي (داعش) و(القاعدة) والأفرع التابعة لهما».
الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، عمرو عبد المنعم، قال: «ستظل آيديولوجية (داعش) و(القاعدة) قائمة حتى بعد تراجعهما على الأرض»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «واقع الإرهاب الذي يتشكل ويقوى في وقت الأزمات الدولية، سوف يمنح تنظيمات (الإرهاب) قوة ودفعة أخرى في عالم تجنيد العناصر واستمرارية الشبكات الدولية، وإيجاد أهداف إرهابية جديدة في الغرب وأميركا لتنفيذها، فضلاً عن العمل على تقوية أفرع (داعش) و(القاعدة) في عدد من الدول»، لافتاً أن «هذا يجعل قضية مواجهة (الإرهاب) تبدأ من معطيات جديدة مختلفة في عام 2023 غير ما تم تحصيله في العام الماضي».
وأعلن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقتل «أبو الحسن الهاشمي» زعيم «داعش» السابق في عملية نفذها «الجيش السوري الحر» بمحافظة درعا جنوب سوريا. وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الولايات المتحدة مقتل زعيم «داعش» الأسبق «أبو إبراهيم القرشي»، خلال غارة ‏جوية على شمال إدلب غرب سوريا. كما قُتل الزعيم الأسبق لـ«داعش»، «أبو بكر البغدادي»، خلال ضربة أميركية في إدلب شمال غرب سوريا، أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
أما «القاعدة» فمنذ أغسطس (آب) الماضي، والتنظيم من دون زعيم، بعد هجوم الطائرات المسيرة الأميركية، والإعلان عن مقتل ايمن الظواهري في إحدى الشرفات بالعاصمة الأفغانية كابل... ورغم تردد أسماء كثيرة كانت مرشحة لـ«خلافة »، فإن الاختيار لم يُحسَم إلى الآن.
ووفق تقرير معهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي، فإنه «تم الحد من خطر (داعش) في العراق وسوريا، حيث خسر اثنين من زعمائه خلال 2022، أما خارج بلاد الشام، فإن فروع (داعش) قوية، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي وفي جنوب آسيا، وعبر جماعة (ولاية خراسان) في أفغانستان». وبعدما أشار التقرير إلى «التهديد» الذي ما زالت تمثله «حركة الشباب» في الصومال، ذكر أنه «في حال وجدت (جماعة جهادية) أفريقية فرصة لكي تكتسب قوة، وتوفرت لها الأموال والمجندين، فإنها قد تجعل من أولويتها القصوى، أن تهاجم أهدافاً في الغرب»، مشيراً إلى أن تقديرات الخبراء ترجح أنه «في حقبة ما بعد ، قد يعود (تنظيم القاعدة) إلى التركيز على استهداف السفارات والقنصليات من جديد». ولفت تقرير المعهد إلى أن «(داعش) بقدر ما كان يمثل تحدياً، من خلال سيطرته على الأرض وقدرته على تنفيذ عمليات هجوم خارجية، فإنه وفر للولايات المتحدة وحلفائها هدفاً لشن هجوم عليه».
ومُني «داعش» الذي سيطر في 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق، بهزيمة أولى في العراق، في 2017، ثم في سوريا 2019، وخسر كامل مناطق سيطرته. إلا أن «بعض عناصره المتوارين لا يزالون يشنون هجمات محدودة في البلدين»، بحسب المراقبين.
ويشار إلى أن المصري محمد صلاح زيدان، الذي يحمل الاسم الحركي (سيف العدل) هو أبرز المرشحين لخلافة في «تنظيم القاعدة». ويرجح أن «سيف العدل» يبلغ من العمر 60 عاماً تقريباً، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يعد تقريباً من قدامى المحاربين في التنظيم الإرهاب الدولي.
عودة إلى الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، الذي رجح سعي «(داعش) و(القاعدة) خلال الفترة المقبلة على (الإمكانيات الفكرية والإعلامية) عبر إنتاج برامج تربوية، والتركيز على البطولات الوهمية لقيادات التنظيمين، من أجل تبرير (الأفعال الدموية) التي تُرتكب من قبل التنظيمين، وتكوين عامل (مُحفز) لعناصرهما (المقاتلين) من ناحية أخرى، وتكون مرجعاً فكرياً لجيل جديد من (الإرهاب)».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.