«إرهابي تينيسي».. أردني ولد في الكويت وكتب يريد «الشهادة قبل نهاية رمضان»

«ليلة رعب» في شاتانوغا.. والتحقيقات المبدئية كشفت وجود «شبكة داعشية شبابية أميركية»

رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
TT

«إرهابي تينيسي».. أردني ولد في الكويت وكتب يريد «الشهادة قبل نهاية رمضان»

رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)
رجل أمن يقف أمام أحد مركزين عسكريين بشاتانوغا في ولاية تينيسي تعرضا أمس لعملية إطلاق نار.. وفي الإطار منفذ العملية (إ.ب.أ)

فيما لا يزال المحققون الأميركيون يواصلون بحثهم لكشف ملابسات عملية إطلاق النار على مركزين عسكريين للجيش الأميركي في ولاية تينيسي، أول من أمس، أكدت المعلومات الأولية أن المسلح من أصل أردني ومن مواليد الكويت، وقد قتل في الحادث 4 جنود من المارينز، وأصيب ثلاثة أشخاص بينهم شرطي ومجند في المارينز وعنصر من قوات البحرية. ويحقق المسؤولون في ما إذا كان «عملا إرهابيا محليا».
وأشارت المعلومات أيضا إلى أن الجاني محمد يوسف عبد العزيز (24 عاما) الذي قتل، ظهر يوم الخميس، أربعة من جنود المارينز في مكتب عسكري بشاتانوغا (ولاية تينيسي)، كتب في صفحته في موقع «فيسبوك» أنه يريد «(الاستشهاد) قبل نهاية شهر رمضان»، وصار واضحا أنه نفذ ما يريد في آخر يوم في شهر رمضان. وأشارت أيضا إلى أن عبد العزيز ولد في الكويت، وهاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة وهو صغير في السن، ثم حصل على الجنسية الأميركية. وأنه درس هندسة التربة، وكان يعمل في مدينة شاتانوغا. وأنه كان كتب في دليل تخريج طلاب مدرسة ريد رانك العليا، في شاتانوغا قبل أربعة أعوام: «يسبب اسمي هلعا على طول الولايات المتحدة. ماذا يسبب اسمك؟».
وأعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أن مطلق النار قد قتل خلال تبادل إطلاق نار مع الشرطة. وقال تلفزيون «سي إن إن»، صباح أمس، أن عبد العزيز، كتب في صفحته في موقع «فيسبوك» أنه يريد «الاستشهاد قبل نهاية شهر رمضان»، وصار واضحا أنه نفذ ما يريد في آخر يوم في شهر رمضان. وصباح أمس، قال تلفزيون «فوكس» (اليميني) إن عبد العزيز كان كثير الاتصالات مع شبان مسلمين آخرين، وإن شرطة مكتب التحقيقات الفيدرالية بدأت تحقيقات مع «عدد كبير من شبان مسلمين أميركيين» وردت أسماؤهم في سجلات عبد العزيز، أو كان عبد العزيز يتابع صفحاتهم، أو تعليقاتهم، في الإنترنت.
وأضاف التلفزيون أن التحقيقات المبدئية كشفت وجود «شبكة داعشية شبابية أميركية». وقالت صحيفة «شاتانوغا فري برس» أمس، إن المدينة «باتت ليلة رعب»، بعد الحادث الذي وقع في مركز لتعيين وتدريب قوات المارينز. وإن «عشرات» من الشرطة والمحققين يشتركون في التحقيقات.
من جهته، أعرب الرئيس باراك أوباما عن حزنه لمقتل الجنود. وقال إن هذه «ظروف مؤلمة». ووصف أوباما ما حدث بأنه «عمل إرهابي داخلي محتمل». وأضاف، في بيان صدر باسمه: «نظل لا نعرف كل التفاصيل. لكن نعرف أن مسلحا وحيدا على ما يبدو شن هذه الهجمات». وقال: «إنها ظروف مؤلمة أن يقتل هؤلاء الجنود، الذين خدموا وطننا بقيم عالية، بهذه الطريقة». وأكد أوباما أن شرطة «إف بي آي» ستتولى التحقيق في الهجوم. وأن وزارة الدفاع اتخذت كل الإجراءات لضمان أن «كل منشآتنا محمية، كما يجب، وباليقظة اللازمة».
وأعرب وزير الدفاع أشتون كارتر ووزير البحرية راي مابوس عن تعازيهما لعائلات الضحايا. أما وزارة الأمن الداخلي فأعلنت أنها أصدرت أوامر بتشديد الإجراءات الأمنية في «بعض المنشآت الفيدرالية، وذلك لأخذ الحيطة». وقال السيناتور بوب كروكر رئيس بلدية شاتانوغا إنه «حزين جدا». وقال: «هذا يوم صعب على سكان تينيسي وصلواتنا مع جميع المتضررين من هذه المأساة». وصرح رئيس بلدية تشاتانوغا اندي بيرك بأنه «من غير المعقول رؤية ما يحدث والطريقة التي يعامل بها أشخاص يخدمون بلدهم بكل اعتزاز»، مشيدا بسرعة استجابة أجهزة تطبيق القانون التي أدت إلى منع وقوع المزيد من القتلى.
وبدوره أوضح المدعي العام في المنطقة الشرقية في تينيسي بيل كيليان أنه يجري التحقيق في الهجمات باعتبارها «عملا إرهابيا داخليا»، إلا أن مسؤولين حذروا من التسرع في إطلاق الأحكام. وقال العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ايد رينولد: «نحقق في كل الأسباب الممكنة سواء كان الإرهاب، وما إذا كان ذلك الإرهاب داخليا أو دوليا، أو ما إذا كان عملا إجراميا». وتابع: «ليس لدينا أي فكرة عن الدافع خلف الهجوم»، مضيفا: «حاليا ليس لدينا أي دليل يربطه (مطلق النار) بأي مجموعة إرهابية دولية».
وبدورها، قالت المدعية العامة الفيدرالية لوريتا لينش إن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيقود «تحقيقا يتعلق بالأمن القومي في هذا الاعتداء الشائن على عناصر من قواتنا العسكرية». ونقلت صحيفة «شاتانوغا فري برس» خلفية للحادث، جاء فيها أنه يشبه هجمات قاتلة على منشآت عسكرية أميركية في الماضي، من بينها هجوم في عام 2009 على قاعدة «فورت هود» (ولاية تكساس) أدى إلى قتل 13 شخصا، وقام به ضابط عسكري أميركي فلسطيني كان يعمل خبيرا عسكريا في الأمراض النفسية. وهجوم في عام 2013 على مركز للبحرية في واشنطن أدى إلى مقتل 12 شخصا (لم يتورط فيه مسلمون). وهجوم، قبل ثلاثة شهور، في دالاس (ولاية تكساس) قام به متطرفون على معرض لصور كاريكاتيرية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ونقلت الصحيفة تصريحات أصدرها مكتب النائب العام في ولاية تينيسي بأنه يجري التحقيق في الهجوم باعتباره «عملا إرهابيا».
ويأتي إطلاق النار وسط مخاوف من انتشار عناصر يشنون اعتداءات بصفة منفردة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن الدافع خلف حادث أول من أمس (الخميس) ليس واضحا حتى الآن. وتخرج عبد العزيز في جامعة تينيسي في تشاتانوغا، وحاز على شهادة في الهندسة. وكتبت الجامعة على موقع «تويتر»: «للأسف يبدو أن مطلق النار من خريجي جامعة تينيسي في عام 2012»، معربة عن تضامنها مع ضحايا «المأساة». ووصفت امرأة ارتادت المدرسة ذاتها مع عبد العزيز الشاب بأنه هادئ و«محب».
وقالت كاغان واغنر لصحيفة «تشاتانوغا تايمز»: «كان محبا ومضحكا وطيبا.. لم أكن لأعتقد أبدا أن يكون هو منفذ الهجوم». وكتب عبد العزيز على مدونة الاثنين أنه «لا يجدر أن يفوت المسلمون فرصة الخضوع لله»، وفق ما نقل موقع «سايت» المختص بالمجموعات المتطرفة.
وأكدت قوات المارينز مقتل جميع العسكريين الأربعة في مركز لاحتياطيي البحرية والمارينز. وقبل 40 دقيقة أطلق المسلح ذاته النار في مركز للتجنيد على بعد عدة أميال. ونقل بيرك عن مسؤولين وصفهم للحادث بأنه «مرعب وعنيف إذ كان الرصاص يتطاير حولهم».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.