توقّع التأخّر في إقرار موازنة العراق للعام الثاني على التوالي

عراقيون يتظاهرون ضد ارتفاع سعر الدولار في بغداد (رويترز)
عراقيون يتظاهرون ضد ارتفاع سعر الدولار في بغداد (رويترز)
TT

توقّع التأخّر في إقرار موازنة العراق للعام الثاني على التوالي

عراقيون يتظاهرون ضد ارتفاع سعر الدولار في بغداد (رويترز)
عراقيون يتظاهرون ضد ارتفاع سعر الدولار في بغداد (رويترز)

بينما أعلن المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، الدكتور مظهر محمد صالح، أن «الحكومة أكملت الموازنة» وأن موعد إرسالها إلى البرلمان سيكون «حال بدء البرلمان جلساته بعد نهاية عطلته التشريعية»، فإن رئاسة البرلمان لم تحدد بعد موعد أولى جلساته للفصل التشريعي الجديد.
يذكر أن البرلمان العراقي لم يتمكن من التصويت على الموازنة العام الماضي بسبب تحول حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي إلى حكومة تصريف أعمال يومية في وقت لم يتمكن فيه البرلمان بسبب خلافات القوى السياسية من تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات طوال عام كامل بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت أواخر عام 2021.
وطبقاً لقانون الإدارة المالية؛ فإن الإنفاق الحكومي الذي يتعلق بالرواتب وأجور التشغيل التي تستنزف نحو 70 في المائة من الموازنة العامة للدولة، يجري وفق صيغة تسمى «واحد على 12». وبينما يقتصر الإنفاق؛ وفق هذا القانون، على الرواتب الضخمة التي ينفقها العراق على أكثر من 6 ملايين موظف ومتقاعد ومتعاقد، وتبلغ نحو 5 مليارات دولار شهرياً، فإن أي إنفاق يتعلق بالمشروعات الاستثمارية يتوقف لعدم وجود غطاء قانوني لإنفاقه. وفي مسعى من الكتل السياسية، التي حالت خلافاتها دون تشكيل الحكومة سواء بصيغتها الصدرية قبل انسحاب زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (أغلبية وطنية)، وطبقاً للوصفة المعتادة وهي الحكومة التوافقية طبقاً لمبدأ المحاصصة العرقية والمذهبية والتي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية؛ فإنها أقرت ما سمي «قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي». وقد ترتب على هذا القانون؛ الذي سُنَّ أواخر عهد الكاظمي، الإنفاق على عدد من المشروعات المتلكئة، فضلاً عن زيادة المبالغ الخاصة ببعض أوجه الإنفاق، مثل البطاقة التموينية المخصصة للطبقات الفقيرة.
وبينما تتكرر سنوياً قصة الخلاف المزمن بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل بسبب حصة الكرد من الموازنة فضلاً عن قضية «النفط مقابل الأموال» التي تمنح للإقليم، وهو ما يرجحه نواب وخبراء في تأخير إقرار الموازنة، فإن عضو البرلمان العراقي عن «تحالف الفتح» النائبة سهام الموسوي، ترى أنه «لا يوجد سبب منطقي لتأخير إقرار الموازنة رغم الخلافات». وتقول الموسوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تغييرات عديدة سوف تطال هذه الموازنة؛ بحيث تختلف عن الموازنات السابقة»، مبينة أنه «في حال حصول تأخير في إقرارها؛ لا يكون السبب الخلافات مع الإقليم فحسب؛ بل أيضاَ نتيجة للتغييرات التي يتوقع أن يحدثها البرلمان خلال جلساته في الأسبوع المقبل».
ومن بين الأسباب التي يتوقع أن تكون سبباً لتأخير إقرار الموازنة بضعة أشهر؛ التعيينات الأخيرة التي أقرتها الحكومة. وفي هذا السياق؛ يقول عضو البرلمان ناظم الشبلي، إن «سعر برميل النفط لم يتجاوز 70 دولاراً مع سعر الصرف القديم (1450)، وما يؤخذ على الحكومة عدم اتضاح الرؤية الاقتصادية في موضوع النفط، صحيح أن الحرب الروسية في أوكرانيا زادت الأسعار، لكنها مرشحة للهبوط في حال انتهائها، والعراق لا يملك بدائل مالية».
وأكد الشبلي أنه «كان على كُتّاب الموازنة الاهتمام بطبيعتها الاستثمارية، وليست الانفجارية، لكي تتمكن من إنتاج مشروعات جديدة، لأن التعيينات الجديدة ستضغط على الموازنة العامة، مما ينتج موازنة تشغيلية هائلة جداً»، مشيراً إلى أن «الحكومة ملزمة بعرض خطتها الاستراتيجية للموازنة، فاللجنة المالية غير ملزمة بتنفيذ كل ما يرسل؛ لأننا بحاجة إلى خطط استراتيجية مهمة». ولفت إلى أن «البرلمان لديه كثير من المآخذ بهذا الخصوص؛ بينها المنافذ الحكومية والجباية والجمارك التي لا تشكل بمجموعها سوى 5 في المائة من الإيرادات، فرغم ضخامة هذه المنشآت؛ فإننا لم نصل إلى رقم ثابت في الأرقام الخاصة بالإيرادات غير النفطية، ناهيك بضرورة وجود توافق سياسي لتمرير الموازنة، حتى لو تأخر البرلمان، لأن الحكومة هي التي تأخرت في إنجازها بالمقام الأول».
وكان رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد أعلن، الأسبوع الماضي، ارتفاع مبلغ الرواتب في الموازنة العامة لعام 2023، مستدركاً أن مسوّدة قانونها تحتاج إلى كثير من الوقت. وقال السوداني، في مؤتمر صحافي، إن «مبلغ الرواتب في الموازنة ارتفع من 41 إلى 62 تريليون دينار»، موضحاً أن إقرار «الموازنة يحتاج إلى كثير من الوقت».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«داريا»... سُمّيت «أيقونة الثورة» وفيها تشكل أول مجلس عسكري

صاحب محل تجاري وسط داريّا يطلي واجهة محله بألوان العلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)
صاحب محل تجاري وسط داريّا يطلي واجهة محله بألوان العلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)
TT

«داريا»... سُمّيت «أيقونة الثورة» وفيها تشكل أول مجلس عسكري

صاحب محل تجاري وسط داريّا يطلي واجهة محله بألوان العلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)
صاحب محل تجاري وسط داريّا يطلي واجهة محله بألوان العلم السوري الجديد (الشرق الأوسط)

سُمّيت بـ«أيقونة الثورة»، وفيها تشكَّل أول مجلس عسكري للثورة، مقاتلوها أول مَن استهدف بالصواريخ قصر بشار الأسد رداً على استهدافه المدنيين وحراكهم السلمي... إنها «داريا» حيث تتواصل عودة الأهالي المهجَّرين إلى منازلهم بعد الخلاص من النظام ورموزه.

كغيرها من المدن السورية، شهدت داريا، التي تقع على بُعد 8 كلم جنوب العاصمة دمشق وتُعد أكبر مدن غوطتها الغربية، إزالة آثار نظام الأسد بعد سقوطه في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. على مدخلها الشمالي الذي يمكن الوصول إليه من طريق الجسر المتحلق الجنوبي يُوجَد عدد من أفراد فصائل المعارضة، بينما رُفِعت الأعلام الجديدة في المكان، وبدت صور الأسد ممزقة.

دوار غياث مطر الذي سُمي تخليداً لناشط سلمي في داريا قُتِل تحت التعذيب (الشرق الأوسط)

وجود الفصائل على الحاجز السابق للنظام ليس لفرض الإتاوات على القادمين للمدينة أو اعتقال الشبان وسَوْقهم للمعارك، كما كان تفعل حواجز النظام السابق، بل بهدف فرض الأمن، ويتعاملون مع الأهالي باحترام ولباقة.

وبينما لا يزال مشهد الدمار طاغياً على جانبَي الطريق جراء غارات وقصف خلال سنوات الأزمة السورية، يلفت الانتباه تزايد عدد السيارات المارة مع رؤية أشخاص متوجهين إلى منازلهم، بعضهم يستقل دراجات هوائية أو نارية.

دوار غياث مطر

ومع الاقتراب من مركز المدينة يتراجع حجم الدمار نوعاً ما، ويظهر دوار تتفرع منه طرقات رئيسية تؤدي إلى أحياء عدة، منها «الثورة» و«النكاشات» و«الشاميات» و«شريدي».

مدخل داريا شرقاً من أوتوتستراد دمشق - درعا (الشرق الأوسط)

مراسل «الشرق الأوسط»، وبعد أن عرَّف عنه نفسه لمجموعة من الشبان كانوا متجمعين عند الدوار، استفسر عن الوضع في داريا بعد سقوط الأسد، ليقول أحدهم بفرح: «هذا الدوار أصبح اسمه (دوار الشهيد غياث مطر)، ابن داريا، وليس (دوار الباسل) كما كان يسميه النظام»، في حين علّق آخر: «أهم شيء أننا تخلصنا من النظام، وسوريا وُلِدت من جديد».

يُذكر أن غياث مطر كان ناشطاً سلمياً اعتقلته أجهزة النظام الأمنية في 6 سبتمبر (أيلول) 2011، إثر مشاركته في تنظيم المظاهرات المطالبة بالحرية، رافعاً اللافتات وموزعاً الورود على رجال الأمن في داريا الذين شاركوا في المظاهرات التي عمت سوريا منذ مارس (آذار)، العام ذاته. وفي يوم الـ10 من سبتمبر (أيلول)، سُلّم جثمان غياث لذويه بعد وفاته جراء التعذيب أثناء الاعتقال.

عودة المهجرين

شهدت دارّيا تزايداً ملحوظاً في عودة الأهالي إلى منازلهم، بعد تهجيرهم قسراً من قِبَل نظام الأسد. يبدو ذلك واضحاً من خلال المشهد اليومي لشاحنات محمَّلة بالأثاث المنزلي في الشوارع. يقول أحد السكان لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سقوط النظام تتزايد تدريجياً أعداد العائلات التي تعود إلى منازلها؛ خصوصاً التي نزحت إلى مناطق قريبة، مثل، صحنايا، المعضمية وجديدة».

مقاتل من الفصائل عائد من الشمال يعانق قريباً له في شارع الثورة بداريا (الشرق الأوسط)

يضيف: «يرمِّمون المنازل بحدها الأدنى الذي يساعد الآن على السكنى فيها. المهم بالنسبة لهم حالياً التخلص من أعباء الإيجارات التي أنهكتهم». الحال نفسها تُشاهد في الجادات المحيطة بمنطقة ثانوية البنات؛ إذ تشاهد في الطرقات مواد ومعدات بناء (رمل، بحص، بلوك، حديد) يقوم عمال بنقلها إلى الشقق السكنية.

لكن عودة المهجرين في الشمال السوري من أبناء داريا لا تزال «أبطأ من المتوقَّع»، وفق صاحب محل لبيع الأثاث المنزلي في شارع الثانوية، الذي يوضح أن قسماً كبيراً من منازل الأهالي دمره النظام، خصوصاً منازل مقاتلي المعارضة. ويضيف: «من عاد سيسكن عند أهله وأقاربه، وهناك مَن عاد لاستطلاع وضع منزله، ومعرفة ما يحتاج إليه من تكاليف».

كراج لإصلاح السيارات وقد رُفع العلم السوري الجديد على مدخله (الشرق الأوسط)

في منطقة الخطيب (وسط المدينة)، وبينما كان صاحب محل تجاري منهمكاً بطلاء واجهة المحل بالعلَم السوري الجديد بعدما كان مطلياً بالعلم السابق الذي يرمز إلى حقبة نظام الأسد، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «متفائلون خيراً بانتصار الثورة، ونطالب الحكومة الجديدة بدعم إعادة إعمار البلد».

في الجهة الجنوبية من منطقة الخطيب مقام «السيدة سكينة» (الذي لم يكن موجوداً قبل عام 2003، وفقا لتأكيدات كثير من الأهالي)، وقد بدا مُدمّراً. وسبق للنظام أن اتهم المعارضة بتدميره، لكن شخصاً من آل الخطيب لم يغادر المنطقة في السنوات الماضية يؤكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام هو من دمره بالبراميل المتفجرة».

دمار الحقه قصف نظام الأسد بأحد مناطق شرق داريّا (الشرق الأوسط)

خلال الحرب كثف نظام الأسد من قصفه على داريا، ودمَّر مناطق كثيرة فيها، مثل «منطقة الخليج» في شمالها الغربي المجاور لمطار المزة العسكري، وكانت تشتهر بمزارعها الجميلة. رجل سبعيني من أهالي «منطقة الخليج» عاد إلى منزله رغم الدمار الهائل المحيط به، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الله أكرم الناس بالخلاص من الظلم والقهر، وحالياً الوضع تحسَّن، وأياً كان من سيحكم، فسيكون أفضل من النظام المجرم».

عدد من عناصر الفصائل أمام مقر قسم شرطة داريا (الشرق الأوسط)

تلفت الانتباه قلة أعداد عناصر الفصائل المنتشرين في درايا حالياً، ولا يتجاوزون العشرات، وهم من أهالي المدينة الذين انتموا إلى «الجيش الحر» قبل تهجيرهم منها. ويوضح مقاتل منهم لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم المقاتلين المَوجودين حالياً عادوا من إدلب ويتبعون «إدارة العمليات العسكرية»، مؤكداً أن الأخيرة ستعزز من وجودها في مدينة داريا قريباً.

القائم على تسيير أمور قسم شرطة مدينة داريّا عامر خشيني (الشرق الأوسط)

ويتخذ هؤلاء المقاتلون من قسم الشرطة في «شارع الثورة» مقراً لهم. ويشرح القائم حالياً على تسيير أموره، عامر خشيني، أنه «بعد 13 عاماً، تمكنّا من إسقاطه (نظام الأسد)، وعدنا نحن أبناء سوريا لنعمل من أجلها».

ويقول خشيني الذي كان مسؤولاً في مكتب مهجَّري دمشق وريفها بادلب، لـ«الشرق الأوسط»: «المرحلة الحالية أصعب من المرحلة السابقة، لأن البلد مدمّر، وشبابه أغلبيتهم في الخارج، ونتمنى على السوريين في الخارج العودة، ونحن متفائلون، وإن شاء الله سوريا بفترة قصيرة ستصبح من أفضل الدول».

خلفية لا بد منها

انضمَّت داريا إلى الحراك السلمي بعد أيام من اندلاع المظاهرات، منتصف مارس (آذار) 2011، وسُمّيت حينها بـ«أيقونة الثورة». وقد دفع عنف النظام ضد المشاركين في الحراك وارتكابه المجازر، فصائل «الجيش الحر»، الذي كانت نواته قد تشكَّلت في المدينة، إلى الدفاع عن داريا وأهلها، وطَرْد قوات النظام منها.

احد حواجز النظام على المدخل الشرقي لداريّا خاليا من عناصره الذين فروا مبكرا بعد هروب الأسد (الشرق الأوسط)

تلا ذلك شن حملة عسكرية مسعورة ضدها، وسيطر عليها في أغسطس (آب) 2016، عندما هُجِّر نحو ألفي مقاتل وعائلاتهم إلى الشمال السوري، بينما بلغ عدد الضحايا 2712 شخصاً، بحسب فريق التوثيق في داريا.

وما خلق حساسية مفرطة لدى النظام من انضمام داريا البالغ عدد سكانها قبل 2011 نحو 250 ألف نسمة إلى الحراك السلمي، موقعها الاستراتيجي؛ إذ إنها على تماس مباشر من الشمال مع حي المزة في دمشق الذي يُسمى حي السفارات، ومع مطار المزة العسكري، ومقرات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة من الشمال الغربي.