قوات النظام تتراجع في الزبداني وتكثف قصفها بالبراميل المتفجرة

مسؤول في حزب الله: هي معركة لبنان و«المخطط التكفيري» كان يريد أن يتخذ منها منصة للغزو باتجاه البقاع

سوريون يزورون أضرحة أقربائهم في أول أيام عيد الفطر في الغوطة فيما تتصاعد أعمدة الدخان إثر فصف بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام (غيتي)
سوريون يزورون أضرحة أقربائهم في أول أيام عيد الفطر في الغوطة فيما تتصاعد أعمدة الدخان إثر فصف بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام (غيتي)
TT

قوات النظام تتراجع في الزبداني وتكثف قصفها بالبراميل المتفجرة

سوريون يزورون أضرحة أقربائهم في أول أيام عيد الفطر في الغوطة فيما تتصاعد أعمدة الدخان إثر فصف بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام (غيتي)
سوريون يزورون أضرحة أقربائهم في أول أيام عيد الفطر في الغوطة فيما تتصاعد أعمدة الدخان إثر فصف بالبراميل المتفجرة من قبل طيران النظام (غيتي)

كثّف طيران النظام السوري غاراته يوم أمس على عدد من مناطق محافظة ريف دمشق بينما استمرت الاشتباكات العنيفة في محيط مدينة الزبداني، في الريف الغربي، حيث تراجعت قوات النظام في عدد من المحاور التي كانت قد تقدمت فيها، وفق مواقع معارضة. ونقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر ميدانية معارضة أن اشتباكات ضارية شهدتها المنطقة ليل الجمعة، أدت إلى تراجع قوات النظام من الجهة الجنوبية للمدينة من طرف معمل بقين ودرب الشام، وسط قصف مدفعي وجوي عنيف على المدينة.
من جهتها، أفادت «تنسيقية ثورة الزبداني»، بسقوط 20 برميلا متفجرا خلال ست طلعات للطيران المروحي على المدينة حتى بعد ظهر أمس و8 صواريخ فراغية من الطيران الحربي النظامي في ثماني غارات، كما استهدفت بعشرات قذائف المدفعية والصواريخ في محاولات فاشلة لقوات النظام وعناصر حزب الله التقدم من المحور الغربي (قلعة الزهراء والجمعيات).
وذكر تقرير لناشطين معارضين أنه وبعد أسبوعين على بدء الحملة العسكرية على الزبداني سجّل مقتل 34 عنصرًا من حزب الله و17 من قوات النظام بالإضافة إلى عنصرين من الحرس الثوري الإيراني، بينما سقط 30 مقاتلا من المعارضة المسلحة في المدينة.
وبحسب التقرير سقط على مدينة الزبداني، منذ بدء المعركة في الثالث من يوليو (تموز) الجاري، 470 برميلاً متفجرًا وأكثر من 400 صاروخ.
وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى ارتفاع عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية على مناطق في مدينة عربين بالغوطة الشرقية إلى 5 حتى ظهر أمس، وسط قصف من قوات النظام على مناطق في المدينة. ولفت «المرصد» إلى استمرار الاشتباكات بين عناصر حزب الله اللبناني والفرقة الرابعة والمسلحين الموالين للنظام من جهة، والفصائل المعارضة ومسلحين محليين من جهة أخرى في محيط وأطراف مدينة الزبداني، بالتزامن مع إلقاء الطيران المروحي المزيد من البراميل المتفجرة على مناطق الاشتباكات، وسط قصف من قبل قوات النظام على المناطق ذاتها. كذلك نفذ الطيران الحربي، وفق المرصد، غارة على مناطق في أطراف مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، مشيرًا إلى مقتل قيادي في حركة إسلامية متأثرًا بجراح أصيب بها في اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في منطقة الديرخبية بريف دمشق الغربي بوقت سابق، كذلك قتل 7 مدنيين بينهم سيدتان، جراء قصف من قبل قوات النظام على أماكن في منطقة حفير الفوقا بمنطقة القلمون خلال الـ48 ساعة الفائتة، ورجّح المرصد ارتفاع عدد القتلى.
من ناحية ثانية، في حين أفادت مصادر مطلعة لشبكة «الدرر الشامية»، أن «حزب الله» نفَّذ عمليات اعتقال لعدد من مقاتليه، ممَّن فرُّوا من القتال في مدينة الزبداني، واعتبر حزب الله على لسان نائب رئيس المجلس التنفيذي فيه الشيخ نبيل قاووق أن «معركة الزبداني هي معركة لبنان مائة في المائة، وهي معركة لبنان أولاً لأن المخطط التكفيري - حسب تعبيره - كان يريد أن يتخذ من الزبداني منصة للغزو في فصل الصيف باتجاه حام وبريتال ومعربون في البقاع»، وأضاف: «هم كانوا يحضرون لبدء هذا الغزو باتجاه القرى اللبنانية لتخفيف الضغط عن معركة القلمون وجرود عرسال، وبالتالي فإن المقاومة قامت بواجبها الوطني الاستباقي لمواجهة الخطر القادم من العصابات التكفيرية التي تحتل الزبداني». وتكلم قاووق خلال إحياء ذكرى أسبوع أحد قتلى حزب الله في الجنوب، عن «التزام الحزب بحماية أهله سواء كانت المعركة داخل الحدود أو خارجها»، وقال إن «المقاومة ستظل تلاحق العصابات التكفيرية وفق مستلزمات حماية لبنان».
ووفق «الدرر الشامية» أكَّد المصدر أن الاعتقالات في صفوف الحزب شملت 175 عنصرًا، منهم من تخلَّف عن الذهاب للقتال في مدينة الزبداني، مشيرًا إلى أن التهمة كانت التخلف عن «الواجب الجهادي» في سوريا. وأضاف المصدر أن حالة من التململ بدأت تظهر في صفوف مقاتلي الحزب، وخاصة بعد ازدياد أعداد القتلى خلال المعارك ضد الثوار، التي وصلت إلى 120 قتيلاً، بينهم قيادات، فيما وصلت أعداد المصابين إلى 210 عناصر، إضافة إلى عدم مشاركة قوات النظام بالقتال إلى جانبهم، واكتفائه بزجّ ميليشيات استقدمها من بلدة صحنايا، وفق الشبكة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.