احتفاء مصري بسينما خيري بشارة

عبر التذكير بأفيشات أعماله وعرض أفلامه المرممة

ملصق فيلم «حرب الفراولة»
ملصق فيلم «حرب الفراولة»
TT

احتفاء مصري بسينما خيري بشارة

ملصق فيلم «حرب الفراولة»
ملصق فيلم «حرب الفراولة»

على مدى شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، يتواصل في مصر الاحتفاء بالمخرج المصري خيري بشارة الذي اختارته سينما «زاوية» بالقاهرة ليكون نجم هذا الشهر عبر برنامج «سينما خيري بشارة»، الذي يعد فرصة لإعادة اكتشاف أعمال المخرج الذي يلقبه البعض بـ«المتمرد».
ويتضمن البرنامج عرض 12 من أفلامه، من بينها تسعة أفلام روائية قام مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بترميم بعضها خلال دورته الأولى، إضافة لثلاثة أفلام وثائقية قصيرة أخرجها في بدايات مسيرته وقام المركز القومي للسينما بترميمها، يواكب ذلك إقامة معرض استعادي لأفيشات أفلامه التي يعرضها البرنامج، ويتضمن لقطات منها، وصوراً للمخرج خلال تصويرها، من مقتنيات الناقد والباحث السينمائي سامح فتحي، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه اختار «أفيش» لكل فيلم من أفلامه التي يعرضها البرنامج ليكون في مدخل قاعة العرض، ليتاح للجمهور مطالعته قبل دخول السينما، وكأنه يشاهد الفيلم لأول مرة، لا سيما أن الجمهور الشاب من مرتادي سينما (زاوية) لم يحضروا عرضها السينمائي. ووفق مسؤولي «زاوية»، فإنه تم رفع شعار كامل العدد خلال عروض أفلام بشارة.

وقد أبدى بشارة سعادته بوجود هذه الأفيشات بالتزامن مع عروض الأفلام، وهي «كابوريا»، و«الطوق والإسورة»، و«يوم مر... يوم حلو»، و«آيس كريم في جليم»، و«رغبة متوحشة»، و«حرب الفراولة»، و«العوامة 70»، و«أميركا شيكا بيكا»، و«إشارة مرور»، إضافة لفيلمه التجريبي «مون دوج»، وأفلامه الوثائقية: «صائد الدبابات» و«طبيب أرياف» و«طيور النورس»، ويتضمن البرنامج عدة جلسات حوارية للمخرج الكبير بعد عرض الأفلام يديرها بعض المخرجين الشباب، من بينهم شريف البنداري، وعمر الزهيري، وأيتن أمين، وأحمد فوزي صالح.
وكان المخرج المصري الكبير قد افتتح برنامجه بعرض فيلم «كابوريا»، الذي أُنتج عام 1990 من بطولة أحمد زكي وحسين الإمام وزوجته الفنانة سحر رامي، التي حرصت على حضور العرض بصحبة نجلها، وعبّر بشارة عن تطلعه للتعرف على رأي الجمهور في الأفلام عبر عرضها السينمائي، لا سيما أن هناك جيلاً لم يتسنَّ له مشاهدة أفلامه سوى عبر شاشة التلفزيون، ما يجعله متحمساً للتعرف على آرائهم بعد مشاهدتها سينمائياً.
ويتوالى عروض الأفلام على مدى الشهر ليختتم في 31 يناير، بمناقشة «مع وعن خيري بشارة» تديرها نور الصافوري.

ويصف الناقد السينمائي أسامة عبد الفتاح، المخرج خيري بشارة، بأنه «رمز كبير لحرية السينمائي»، وأنه مثل «طائر متمرد طوال الوقت»، قائلاً إن «بشارة يعد من أهم مخرجي الثمانينات الذين أطلق عليهم مخرجي تيار الواقعية الجديدة، وقد كان الأكثر قرباً من الواقع، والأكثر نزولاً للشارع بعيداً عن البلاتوهات»، مشيراً إلى أن فيلم «العوامة 70» يكاد يكون هو الذي أسس لهذا التيار.
وأكد عبد الفتاح أن «أهم ما ميز بشارة كمخرج أنه ظل في تطور وتجدد دائم، ليس لمجاراة السوق وإنما لتحولات من روحه، وقد قال هو نفسه إن أصول هذا التحول كانت موجودة في أفلامه الأولى، ويضرب عبد الفتاح مثلاً بفيلم «كابوريا» الذي حقق نجاحاً غير عادي لم يتوقعه خيري بشارة ولم يسعَ له، بل إنه لم يعجب النقاد والسينمائيين الذين رأوا أن الفيلم أقل من مستوى أفلامه الأولى، غير أنه مع عرضه بالسينمات وجد الشباب يرددون أغنية الفيلم «قزقز كابوريا»، ليكتشف الإقبال الجماهيري غير المتوقع.
ونوه بأن بشارة بعد مشواره الكبير لا يجد غضاضة في تقديم فيلم تجريبي «مون دوج» الذي صوره خارج مصر، أو يخرج فيلماً قصيراً «العيد الوطني للمكسيك» الذي عرضته منصة «نتفليكس»، أو يصدر رواية قريباً بعنوان «الكبرياء الصيني».
بدأ خيري بشارة مسيرته الفنية عقب تخرجه في معهد السينما عام 1967 بإخراج الأفلام الوثائقية، ثم انضم لجماعة السينما الجديدة، وجاء أول أفلامه الروائية الطويلة «الأقدار الدامية» عام 1982 من بطولة نادية لطفي وأحمد زكي، ويحيى شاهين، وخاض تجارب تمثيلية كما أخرج عدداً من المسلسلات التلفزيونية.


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».