تخفيف «تويتر» شروط الإعلانات السياسية... بأي ثمن؟

شعار «تويتر» - إيلون ماسك
شعار «تويتر» - إيلون ماسك
TT

تخفيف «تويتر» شروط الإعلانات السياسية... بأي ثمن؟

شعار «تويتر» - إيلون ماسك
شعار «تويتر» - إيلون ماسك

أثار إعلان منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» تخفيف الحظر المفروض على الإعلانات السياسية، تساؤلات بشأن أسباب اتخاذ القرار في هذا التوقيت، وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى انتشار «الأخبار الزائفة».
وفي حين أشار خبراء إلى حق «تويتر» في «تعزيز الإيرادات»، فإنهم طالبوا بوضع معايير واضحة، حتى لا يؤثر ذلك على مصداقية منصة التغريدات، ويدفع نحو انتشار «المعلومات المضللة».
جاء إعلان «تويتر» عبر إفادة رسمية الأسبوع الماضي، قالت فيها إنها «إيماناً منها بأن الإعلانات المدفوعة بقضايا يمكن أن تسهل الحوار المجتمعي حول أمور معينة، فإنها ستخفف السياسات الخاصة بحظر الإعلانات السياسية، في الولايات المتحدة الأميركية». وكذلك أشارت «تويتر» إلى «اعتزامها توسيع نطاق السماح بالدعاية السياسية في الأسابيع المقبلة».
خبراء في هذا المجال ربطوا بين هذه الخطوة ومساعي «تويتر» لزيادة الإيرادات، لا سيما مع محاولات مالكها الجديد الملياردير إيلون ماسك تغطية تكاليف صفقة شراء «تويتر» التي بلغت قيمتها 44 مليار دولار أميركي. ويذكر أن إيرادات «تويتر» من الدعاية السياسية في الانتخابات النصفية الأميركية عام 2018 لم تتجاوز 3 ملايين دولار أميركي، حسب البيانات الرسمية.
وللعلم، كانت منصة «فيسبوك» قد اتخذت قراراً مماثلاً في مارس (آذار) 2021؛ إذ رفعت الحظر عن الدعاية لقضايا سياسية واجتماعية، بعد سنة من فرضه في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020.
خالد القضاة، الصحافي والمدرب الإعلامي الأردني، رأى خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أن هدف «تويتر» من هذه الخطوة «زيادة الإيرادات وتحقيق الأرباح... وهو حق مشروع؛ لكن هذا الحق مرهون أيضاً بتحقيق مجموعة من الشروط».
وأردف شارحاً بأن «على منصة التغريدات وضع إشارة صريحة تفرّق بين المحتوى الإعلاني المدفوع الأجر والمحتوى غير المدفوع، أسوة بما تفعله وسائل الإعلام التقليدية، وإلا فقدت مصداقيتها وتأثيرها عند الجمهور».
هذا، ووفق «تويتر»، من المقرر «مواءمة» سياسة الإعلانات على المنصة مع تلك المعمول بها في الإعلانات على شاشات التلفزيون الأميركية، وهي تتضمن فرض شروط تتعلق بضمان حصص متساوية للأطراف المتنافسة في الانتخابات، تمكنهم من الوصول لجميع المرشحين.
ويخشى خالد القضاة الآن من أن تساهم هذه الإعلانات السياسية في انتشار «الأخبار الزائفة» و«المعلومات المضللة». ولذلك فهو يحث «تويتر» على «وضع معايير واضحة ومعلنة للجمهور تحدد شروط نشر الدعاية السياسية»، مشدداً على «ضرورة التأكد من خلو الدعاية السياسية من خطاب الكراهية أو محاولات الإقصاء». وهذا الأمر يستدعي، حسب خالد القضاة: «تعيين فريق متخصص تكون مهمته مراجعة المحتوى الإعلاني، والتأكد من التزامه بهذه المعايير».
بهذا الإعلان، أنهت «تويتر» حظراً كانت قد فرضته قبل 3 سنوات على الدعاية السياسية، تحديداً في عام 2019، رداً على مخاوف من زيادة انتشار «الأخبار الزائفة» و«المعلومات المضللة» على مواقع التواصل الاجتماعي. وذكر جاك دورسي، الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» آنذاك، أن «الدعاية الإلكترونية -وإن كانت فعالة في الأغراض التجارية- فإنها تثير مخاطر كبيرة في الشق السياسي؛ حيث يمكن استخدامها للتأثير على حياة الملايين». وأضاف دورسي أن «الإعلانات السياسية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على آراء الناخبين، ما يستدعي إخضاعها إلى مراجعة دقيقة لما تتضمنه من معلومات بهدف تجنب الأخبار الزائفة والادعاءات المغلوطة». ولفت إلى أنه «بينما كانت المنصة تسعى لمواجهة المعلومات الزائفة في التغريدات اليومية، فإن تطبيق السياسة ذاتها على التغريدات المدفوعة يشكل تحدياً مختلفاً، وهو ما دفعه لتفضيل حظر هذا النوع من التغريدات».
ولكن يبدو أن إيلون ماسك له رأي مختلف، إذ يرى مراقبون ذلك واضحاً من خلال تغريداته السياسية، وكلامه عن تحقيقات لكشف تأثير الضغوط المؤسسية على قرارات «تويتر» السابقة -أو ما تعرف باسم «ملفات تويتر»- التي أشارت إلى «دور الجماعات السياسية والمؤسسات القانونية في التأثير على (تويتر) لاتخاذ قرارات معينة». وهذا ما ذكرته «تويتر» في تقرير «الشفافية» المنشور أخيراً على موقعها، موضحة أنها «تلقت ما يزيد على 47 ألف طلب من مؤسسات قانونية حول العالم، لإزالة محتوى معين خلال الفترة من يوليو (تموز)، وحتى ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021».
من جهة ثانية، قال فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «إيلون ماسك منذ استحواذه على (تويتر) غيّر كثيراً من سياسات المنصة التي كان قد وعد بعدم تغييرها، من بينها إعادة الحسابات الموقوفة». وأوضح رمزي أن «ماسك يسعى إلى ضبط الأرباح بعد الفشل الذي لاقته فكرته بفرض رسوم للحصول على العلامة الزرقاء... وهو عند استحواذه على (تويتر) قال إنه يعتزم الاعتماد على الاشتراكات؛ لكن يبدو أنه تراجع عن ذلك وبدأ يلجأ إلى الإعلانات». وهنا نشير إلى أنه سبق لماسك أن أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن إطلاق ميزة توثيق الحسابات على المنصة، بمقابل مادي يصل إلى 8 دولارات شهرياً، و11 دولاراً لمستخدمي نظام «آي أو إس».
وبينما يؤكد مراقبون سعي ماسك لتجنب تأثيرات وضغوط قوى سياسية خارجية على قرارات المنصة، فإن هؤلاء يتخوفون في المقابل من أن يؤدي السماح بالدعاية السياسية إلى زيادة «المعلومات المضللة» و«الأخبار الزائفة»، ونشر الشائعات، وهو ما سبق وحذر منه دورسي.
فادي رمزي لا يعتقد أن تخفيف حظر الإعلانات السياسية سيساهم في زيادة «الأخبار الزائفة»؛ مشيراً إلى أن «ماسك أكد غير مرة اعتزامه محاربة المعلومات المضللة... كما أن تقرير مؤسسة (رويترز) للصحافة للعام الماضي، ذكر أن (تويتر) من أكثر منصات التواصل الاجتماعي محاربة للأخبار وللمعلومات الزائفة والحسابات المضللة».
وبالفعل، اتخذت «تويتر» عدة إجراءات لمحاربة «الأخبار الزائفة» من بينها إطلاق مبادرة تحمل اسم «بيرد ووتش» (أي «مراقبة الطيور») عام 2021 التي تسعى إلى «إشراك المستخدمين عبر الإبلاغ عن التغريدات التي يعتقدون أنها تحتوي على معلومات خاطئة أو مزيفة».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.