طبيب إلكتروني لتشخيص صحة النبات

يقيس قوة «الوهج الأحمر» المنبعث منه

جهاز تشخيص صحة النبات (جامعة يورك)
جهاز تشخيص صحة النبات (جامعة يورك)
TT

طبيب إلكتروني لتشخيص صحة النبات

جهاز تشخيص صحة النبات (جامعة يورك)
جهاز تشخيص صحة النبات (جامعة يورك)

عندما تكون النباتات صحية، فإنها تصدر ضوءاً أحمر تكاد تكون من المستحيل رؤيته بالعين المجردة. لكن باستخدام أداة جديدة تم تطويرها في جامعة يورك البريطانية، أصبح من الممكن الآن قياس هذا الضوء سواء في المختبر أو في الحقل، وتم إعلان هذا الإنجاز في العدد الأخير من دورية «يابوسينسورز».
وعلى الرغم من أنه قد يبدو مثل الخيال العلمي أن نقول إن النباتات الصحية تتوهج، فإن هذا التألق يأتي من الضوء الممتص من الشمس، المرتبط بنشاط التمثيل الضوئي وصحة النبات، حيث تصدر النباتات هذا التوهج بعد أن تمتص وميض الضوء.
يقول أوززي ميرموت، الأستاذ المساعد في الفيزياء الحيوية بكلية العلوم بجامعة يورك، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي: «يمكننا معرفة مدى صحة النبات من خلال قوة الضوء الأحمر المنبعث منه، فكلما قلت صحة النبات، ضعف الضوء، ولا يمكنك دائماً معرفة صحة النبات بمجرد النظر إليه، وغالباً سيبدو أخضر وصحياً حتى تختبره، وهنا يأتي دور المستشعر الحيوي الجديد عالي الحساسية والقابل للنقل الذي يمكنه التقاط انبعاث ضوئي منخفض الكثافة من النباتات».
ويمكن بسهولة حمل هذه الأداة، ونقلها من مكان إلى آخر، وهي عبارة عن جهاز محمول لقياس شدة الضوء، وبالتالي قياس صحة واستدامة النباتات، خصوصاً تلك التي تتعرض للتوتر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات المسببة للاحتباس الحراري والظواهر الجوية الشديدة.
يقول ويليام بيترو، أستاذ الكيمياء في جامعة يورك، والباحث المشارك بالدراسة: «نتائج هذا الجهاز يمكن أن تخبرنا عن رد فعل النباتات في ظل ظروف بيئية مختلفة، بما في ذلك الجفاف والحرارة والبرودة الشديدة أو الفيضانات، فهو يفعل ذلك بطريقة جديدة قوية تمكننا من دراسة هذه الظاهرة من انبعاث النباتات مباشرة في الحقل، وهو حساس للغاية بحيث يمكنه عد الفوتونات (جزيئات الضوء) المنبعثة من النباتات، وبالتالي يمكن أن يكون مفيداً في قياس تأثيرات تغير المناخ بمرور الوقت على النباتات».
ولم تكن هذه الإمكانية التي يوفرها الجهاز متاحة قبل بضع سنوات، وفي المستقبل، يأمل الباحثون في تركيب هذا الجهاز على طائرة دون طيار حتى تتمكن من التحليق فوق الغابات المطيرة والحقول الزراعية، ما قد يساعد المزارعين على قياس صحة النباتات، ومعرفة كيف تتغير بمرور الوقت.
ويثني د. صلاح عبد اللطيف، أستاذ النبات بجامعة جنوب الوادي (جنوب مصر)، على فكرة الجهاز، كون الاحترار العالمي يهدد بتعريض الموارد النباتية للخطر، وترتبط صحة النباتات ونموها وإنتاجها ارتباطاً وثيقاً بدرجات الحرارة والظروف المناخية المتطرفة، وغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والملوحة، وتغذية التربة، وكلها تؤثر في نمو النبات وتطوره.
ويقول عبد اللطيف لـ«الشرق الأوسط»: «كانت التفاعلات المعقدة بين فسيولوجيا النبات والتحولات البيئية غير مفهومة جيداً، وكذلك آثارها النهائية على توافر الغذاء، وبالتالي، فهناك حاجة لوجود مثل هذا الجهاز لتشخيص صحة النباتات داخل بيئتها، وهذا الأمر ليس رفاهية؛ لأن صحة النبات ترتبط بالأمن الغذائي».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الطائرات دون طيار» تُحدث نقلة جديدة في عالم التشييد والبناء

الطائرات الروبوتية تتيح تنفيذ المهام بقطاع البناء والتشييد بسرعة ودقة وكفاءة تفوق القدرات التقليدية (الدكتور يوسف فرقان كايا)
الطائرات الروبوتية تتيح تنفيذ المهام بقطاع البناء والتشييد بسرعة ودقة وكفاءة تفوق القدرات التقليدية (الدكتور يوسف فرقان كايا)
TT

«الطائرات دون طيار» تُحدث نقلة جديدة في عالم التشييد والبناء

الطائرات الروبوتية تتيح تنفيذ المهام بقطاع البناء والتشييد بسرعة ودقة وكفاءة تفوق القدرات التقليدية (الدكتور يوسف فرقان كايا)
الطائرات الروبوتية تتيح تنفيذ المهام بقطاع البناء والتشييد بسرعة ودقة وكفاءة تفوق القدرات التقليدية (الدكتور يوسف فرقان كايا)

في عصرٍ تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، لم تعد الروبوتات حكراً على المصانع أو المختبرات؛ فقد باتت تحلِّق في السماء، حاملةً معها أدوات البناء والمواد الخام، في مشهد يبدو أقرب إلى الخيال العلمي، لكنه أصبح واقعاً بفضل ما تُعرف بـ«الروبوتات الطائرة» أو الطائرات المسيَّرة (الدرونز) المتخصِّصة في أعمال البناء.

وبينما كانت استخدامات الطائرات الروبوتية في قطاع البناء تقتصر في الغالب على أعمال المسح والمراقبة ورسم الخرائط، فإن تحديات متزايدة مثل ارتفاع تكاليف العمالة، والحاجة إلى تحسين الإنتاجية وجودة البناء، وتقليل الفاقد واستهلاك الطاقة، إلى جانب النمو السريع في عدد سكان العالم، تُعزِّز الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكَرة تلبي الطلب المتزايد على المساكن والبنية التحتية في العقود المقبلة.

وفي مواجهة هذه التحديات، يسهم الاتجاه المتزايد نحو الأتمتة في قطاع البناء في تعزيز استخدام تقنيات مثل التصنيع المسبق في الموقع، وتوظيف القدرات الروبوتية في تنفيذ المهام الإنشائية. ورغم الفوائد الكبيرة لكلا النهجين، فإن عمليات البناء التقليدية في الموقع تظل أساسيةً لتنفيذ الغالبية العظمى من المشروعات.

منصات طباعة تجسيمية جوية

وتُقدِّم هذه الروبوتات الطائرةُ حلولاً ثوريةً تتيح تنفيذ المهام في مواقع يصعب الوصول إليها، بسرعة ودقة وكفاءة تفوق القدرات التقليدية، بحسب دراسة، نُشرت في عدد 23 أبريل (نيسان) الماضي، من دورية «ساينس روبوتيكس».

وتتناول الدراسة التي أجراها باحثون بجامعة إمبريال كوليدج لندن البريطانية، مستقبل ما يُعرف بـ«التصنيع الإضافي الجوي (AAM)»، أو «الطباعة ثلاثية الأبعاد الجوية»، وهو نهج جديد في قطاع البناء والتشييد يعتمد على استخدام الروبوتات الطائرة في تنفيذ الهياكل ثلاثية الأبعاد، وتركيب الطوب والكتل مباشرة في موقع العمل.

ويهدف هذا المجال إلى تحويل الطائرات دون طيار إلى منصات طباعة تجسيمية (ثلاثية الأبعاد) محمولة جواً، لبناء أو إصلاح هياكل في مواقع يصعب الوصول إليها، أو في بيئات خطرة مثل الجسور أو ناطحات السحاب. ويمكن لهذا النهج باستخدام الطائرات الروبوتية المُجهَّزة بمعالجات مخصصة للمهام الإنشائية أن يحدث تحولاً كبيراً في استخدام الطائرات الروبوتية في الأنشطة الإنشائية في الموقع.

ووفق نتائج الدراسة، يتميَّز هذا النهج بإمكانية التوسُّع العمودي للأبنية على ارتفاعات عالية، والوصول إلى أماكن يصعب الوصول إليها باستخدام المعدات التقليدية، إلى جانب تنفيذ أعمال صيانة سريعة عند الحاجة. كما تستطيع الروبوتات الطائرة العمل بسهولة على ارتفاعات مختلفة، مما يسمح لها بأداء المهام الإنشائية في مستويات يصعب على الروبوتات الأرضية الوصول إليها عملياً.

وتتمتع هذه الروبوتات أيضاً بالقدرة على الوصول إلى المناطق النائية أو المتضررة من الكوارث، أو البيئات التي يصعب فيها نشر المعدات التقليدية، مثل الجبال أو الأبنية الشاهقة أو الصحارى، متجاوزةً العقبات التي قد تواجه الأنظمة الأرضية، وبذلك يمكن للطائرات الروبوتية، تقليل الاعتماد على العمال في المواقع الخطرة، ما يحدُّ من الحوادث ويُسرِّع وتيرة العمل في مشروعات البناء.

يقول الدكتور يوسف فرقان كايا، الباحث الرئيسي للدراسة من مختبر روبوتات الاستدامة بجامعة إمبريال كوليدج لندن، إن الطباعة ثلاثية الأبعاد الجوية تعزِّز الكفاءة من خلال أتمتة عملية وضع المواد مباشرة في موقع العمل، ما يُلغي الحاجة إلى السقالات أو الآلات الثقيلة. كما تُسهم هذه التقنية في تقليل الأثر البيئي عبر تقليص الفاقد من المواد والانبعاثات الناتجة عن عمليات النقل.

حلول مرنة وتحديات مستقبلية

وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن الطائرات دون طيار تتمتع بمرونة عالية، كونها مستقلةً عن طبيعة التضاريس، وقادرةً على العمل في الأماكن المرتفعة أو الضيقة، مما يجعلها مثاليةً للاستجابة بعد الكوارث، وإصلاح البنية التحتية، أو تنفيذ مشروعات البناء في المواقع التي يصعب الوصول إليها باستخدام الأساليب التقليدية.

تختلف عملية تشغيل الطائرات الروبوتية لأداء مهام «التصنيع الإضافي الجوي» بشكل جوهري عن تقنيات البناء التقليدية، التي تعتمد على مخططات هندسية معدّة مسبقاً، إذ لا يزال هذا النهج الناشئ في مراحله الأولية، ويحتاج لمزيد من التطوير قبل اعتماده على نطاق واسع.

ويشير كايا إلى أن نشر هذه التقنية يتطلب التغلُّب على مجموعة من التحديات، في مقدّمتها محدودية الحمولة التي تستطيع الطائرات دون طيار حملها، وقِصر عمر البطارية، بالإضافة لصعوبات تتعلق بدقة الطيران، ومشكلات في أنظمة الاستشعار والملاحة في البيئات الخارجية المفتوحة.

كما يتطلب توسيع نطاق استخدام هذه التكنولوجيا معالجة تحديات علمية وتكنولوجية أعمق، تشمل تطوير منصات الطيران الروبوتية نفسها، وتحقيق تقدم كبير في مجالَي التصميم المعماري وعلوم المواد. وتُعدُّ هذه التطورات ضروريةً لدمج تقنية «التصنيع الإضافي الجوي» بكفاءة في مشروعات البناء واسعة النطاق والموقعية.

اقرأ أيضاً