شكسبير في عدن... وتكبيل حوثي لتحركات نساء صنعاء

مسرحية هاملت باللهجة العدنية وبإشراف وشراكة مع مؤسسات بريطانية

جانب من مسرحية هاملت التي عرضت في عدن بلهجة محلية (فرقة خليج عدن)
جانب من مسرحية هاملت التي عرضت في عدن بلهجة محلية (فرقة خليج عدن)
TT

شكسبير في عدن... وتكبيل حوثي لتحركات نساء صنعاء

جانب من مسرحية هاملت التي عرضت في عدن بلهجة محلية (فرقة خليج عدن)
جانب من مسرحية هاملت التي عرضت في عدن بلهجة محلية (فرقة خليج عدن)

بالتزامن والتحضير لانطلاق «مهرجان شتاء عدن»، واستئناف العروض المسرحية في العاصمة اليمنية المؤقتة، والاستعداد لاستقبال دفعة جديدة من الدارسات للموسيقى، واحتضان المدينة فعاليات متعددة حقوقية وسياسية، تشهد مدينة صنعاء المحتلّة من الميليشيات الحوثية غياباً كاملاً للأنشطة غير الطائفية أو الفنية والمسرحية، مع إقرار قيود جديدة لتكبيل عمل النساء وتنقلهن.
ففي كنيسة بُنيت عام 1871 أثناء الاحتلال البريطاني لمدينة عدن في الحي القديم من المدينة، بدأت فرقة «خليج عدن» عرض مسرحية هاملت للكاتب البريطاني الكبير وليام شكسبير، بعد نحو عامين على النجاح الذي حققته الفرقة من خلال إنتاج أول فيلم سينمائي؛ وهو «عشرة أيام قبل الزفة»، حيث ستستمر العروض عشرة أيام قبل نقلها إلى دار سينما.
المخرج العدني عمرو جمال ذكر، لـ«الشرق الأوسط»، أن مسرحية هاملت للأديب الإنجليزي وليام شكسبير قدّمت للجمهور باللهجة العدنية، وبإشراف مباشر من مسرح شكسبير غلوب في لندن، ومسرح فولكانو في ويلز، وبالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني.
وأكد جمال أن هذا العمل كان حلماً يراوده منذ البدايات من أجل تنفيذه في مدينة عدن التي وصفها بأنها مدينة رائدة في العمل الفني والثقافي، وخصوصاً المسرح والسينما.
وذكر المخرج البارز أن اختيار مبنى كنيسة قديمة يُعرف باسم «المجلس التشريعي» هدفه لفت أنظار السلطات إلى المعالم التاريخية لمدينة عدن التي تضررت كثيراً من الحرب والإهمال، وكشف أن فرقته تكفلت بترميم المبنى من الداخل بالكامل، بالتنسيق مع الهيئة العامة للآثار وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية، مؤكداً أن إحدى الجهات تكفلت الآن بترميم المبنى بشكل كامل من الخارج.
هذه الفعالية تأتي متزامنة مع الاستعداد لإطلاق «مهرجان شتاء عدن»، والذي يقام للمرة الأولى وسيتضمن عروضاً تراثية، وأزياء شعبية، وعروضاً فنية، وذلك ضمن التوجهات الحكومية لإعادة إنعاش الحركة السياحية والفنية والثقافية في المدينة، التي تضررت جراء الأزمات السياسية، والحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي وتسببت في دمار كثير من المعالم والمنشآت الثقافية والسياحية.
وفي اتجاه مماثل وافق الاتحاد الأوروبي على تمويل مشروع تأهيل وتدريب دفعة جديدة من الفتيات في مختلف أنواع الفنون؛ منها الموسيقى والتمثيل، في حين يواصل «معهد جميل غانم للموسيقى» استقبال دفعات جديدة من الطلاب والطالبات الراغبين في تعلم واحتراف العزف على الآلات الموسيقية والغناء.
كما تشهد المدينة، وبشكل شبه يومي، ورش عمل ولقاءات لمنظمات مجتمع مدني، في جوانب تنموية وحقوقية، ويشارك فيها مجاميع من النشطاء من الجنسين في جميع المجالات.
مشاركون في مثل هذه الفعاليات قادمون من مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي ذكروا، لـ«الشرق الأوسط»، أن مناطق سيطرة الحكومة الشرعية باتت المتنفس الوحيد لكل الأنشطة، سواء تلك التي تخص التدريب والتأهيل، أو النشاط الحقوقي والفعاليات النسائية، بعد أن أوقفت ميليشيات الحوثي كل الأنشطة، باستثناء عمل المنظمات التي أسستها وتعمل لخدمتها، كما منعت أية أنشطة لأية منظمات حتى المنظمات الدولية العاملة في اليمن، وانتهجت سياسة العداء الواضحة ضد النساء وأي نشاط تكون المرأة طرفاً فيه.
وأكد المشاركون؛ وهم من الجنسين، خلال حضورهم في فعاليات تدريبية ونقاشات تخص قضايا الحقوق والحريات ولا سيما النساء، أن الميليشيات الحوثية، ورداً على توجه غالبية الناشطات إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، أصدرت تعليمات جديدة بشأن تنظيم سفر النساء إلى تلك المناطق، هدفها الأساسي هو تقييد تحركات الناشطات أساساً، بعد تصاعد الأصوات الرافضة للقمع والانتهاكات التي تتعرض لها النساء في مناطق سيطرة الميليشيات والقرارات «الداعشية» التي تصدر عنها في كل فترة.
وطبقاً لما جاء في تعليمات جديدة لوزارة داخلية الميليشيات التي يقودها عبد الكريم الحوثي؛ وهو عم زعيم الجماعة الانقلابية، فقد سمح بسفر النساء كبيرات السن ممن تتجاوز أعمارهن خمسين عاماً، إلى مناطق سيطرة الحكومة بعد إبراز بطاقات إثبات الهوية للتأكد من ذلك.
كما سمح القرار الحوثي الجديد بسفر المصابات بالأمراض الخطيرة والمزمنة، وبموجب تقارير طبية رسمية، وبسفر من يصطحبن معهن أطفالهن صغار السن، بشرط أن يكون بحوزتهن وثائق إثبات هوية وشهادة ميلاد أطفالهن، إضافة إلى المتزوجات المقيمات خارج اليمن ممن يرغبن في السفر إلى خارج البلاد عبر مطار سيئون أو عدن، أو باصات شركات النقل أو مكاتب تأجير السيارت، ولكن بشرط أن يكون لديهن موافقة من أولياء أمورهن.
وبموجب التعليمات الجديدة من ميليشيات الحوثي سيسمح بسفر النساء من مواليد المحافظات الجنوبية، اللائي يترددن على صنعاء لغرض الدراسة أو العمل أو العلاج أو زيارة أقاربهن، وبموجب البطاقات الشخصية المثبتة لمحل الميلاد أو وثائق أخرى رسمية.
ونصّت التعليمات الحوثية على أنه باستثاء هذه الحالات فإن على مكاتب النقل ومكاتب تأجير السيارت منع سفر أية امرأة دون مَحرم إلى المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً إلا بموجب موافقة أمنية من داخلية الميليشيات يجري تقديم طلب للحصول عليها، إلى مكتب وكيل الوزارة الانقلابية لقطاع الأمن والشرطة، وهددت التعليمات من يخالف ذلك «بتحمل كل المسؤولية».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.