يترقب الليبيون لقاء قريباً بين لجنتي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لبحث ما تبقى من نقاط خلافية بشأن مسودة «القاعدة الدستورية» اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في البلاد.
وانتهت المناقشات بين الطرفين، على مدار الأشهر الماضية، إلى إنجاز «نحو 95 في المائة» من موضوع المسار الدستوري، لكن بقي الخلاف محتدماً حول «مادتين أو ثلاث»، بحسب قول خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة.
وأمام عدم توصل عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشري، خلال لقائهما بالقاهرة الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشـأن هذه النقاط، اتفقا على ترحيل حلّها إلى لجنتي المجلسين، وفي حال تعثرهما تحال هذه النقاط المختلف عليها للاستفتاء الشعبي المباشر. وترفض جبهة المشري حق «ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية» على منصب رئيس البلاد، في مواجهة تمسك جبهة صالح بذلك، وعبّر الأول عن ذلك صراحة في تصريحات إعلامية بأن «الخلاف لا يزال قائماً حول هذه النقاط». ويرى سياسيون ليبيون أنه «من الصعب في ظل حالة الاستقطاب والانقسام السياسي التي تعيشها البلاد راهناً، استدعاء شعب مختلِف فيما بينه لاستفتائه على نقاط خلافية»، مشيرين إلى أنه «كان من الأولى الاستفتاء على مسودة الدستور المُعدّ منذ عام 2017، بدلاً من إهدار الوقت».
وتسود في ليبيا حالة من الضبابية والتخوف، على خلفية «تزايد الانقسامات وتفتت الجبهات»، في ظل ما تردد حول ظهور توافقات جديدة بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بجانب جبهة صالح والمشري، التي توجه أيضاً اتهامات، بـ«السعي لتحقيق مكاسب مستقبلية، تتعلق بتولي السلطة التنفيذية». ولطمأنة الليبيين، قال المشري، في حوار لفضائية «القاهرة الإخبارية»، مساء السبت، إن «مسودة القاعدة الدستورية شبه مكتملة، وستعرض خلال الأيام المقبلة على مجلسي النواب و(الدولة) لإقرارها». وأكد أيضاً على هذه النقطة ناجي مختار النائب الأول للمشري، قائلاً إن «الخلاف على شروط الترشح للرئاسة قد يُطرح للاستفتاء».
ونوّه مختار، في تصريحات صحافية، إلى «وجود نحو 40 مرشحاً للانتخابات الرئاسية والنيابية يحملون جنسية مزدوجة»، بجانب أن «الخلاف متواصل بشأن ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية لرئاسة ليبيا». ويرى سليمان البيوضي، المرشح الرئاسي، رئيس حزب «التجديد»، أن «الليبيين بحاجة إلى قاعدة دستورية، تعالج أزمة المراكز القانونية في باب نظام الحكم، رقم (1 و2) لسنة 2021. مع موعد نهائي لاستكمال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقفة، وليس أكثر من ذلك». واعتبر البيوضي الخلاف على مادتين في القاعدة الدستورية «عبثاً سياسياً واستخفافاً بالليبيين»، وقال إن «الانتخابات تعطلت بسبب أزمة المراكز القانونية، وعدم قدرة المفوضية على الدفاع عن قراراتها، وهو ما يجب أن تعالجه القاعدة الدستورية».
وبشأن حق العسكريين ومزدوجي الجنسية في الترشح للرئاسة، قال البيوضي إن «الفقرة (2) من المادة (10) من ذات القانون اشترطت ألا يحمل المترشح جنسية أخرى عند ترشحه، كما سمحت المادة (12) من القانون ذاته، بترشح العسكريين والمدنيين، شريطة تقديم ما يفيد بتوقفهم عن العمل قبل موعد الاستحقاق بـ3 أشهر». وذهب البيوضي إلى أن «ما يحصل من اختلاق للجدل، هدفه مزيد من الوقت المهدور وتعزيز الانقسام والاصطفاف؛ لذا فإن الحل واضح وبسيط، هو الاتفاق على قاعدة دستورية وموعد نهائي لاستكمال العملية الانتخابية».
ونوّه إلى أن «النخبة الليبية مطالبة بممارسة الضغط لتحقيق تطلعات المواطنين لاختيار ممثليهم ومؤسساتهم الوطنية وتحقيق إرادتهم عبر صناديق الاقتراع». ولم يُحدد بعد لقاء لجنتي مجلسي النواب و«الدولة»، ولا المدينة التي سيجتمعان بها، في وقت دعت أطراف ليبية مطلعة على ملف الأزمة الليبية إلى الإسراع في إنجاز قوانين الانتخابات سعياً لتحديد موعد محدد لإجراء الاستحقاق المنتظر. وقال السفارة الفرنسية لدى ليبيا، أمس (الأحد)، إنها «تدعم بشدة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى البلاد، في دعوته للمجلسين وضع اللمسات الأخيرة على (القاعدة الدستورية)؛ والتوصل إلى حل ليبي - ليبي للأزمة السياسية من خلال الانتخابات في إطار زمني محدد».
ويعتقد في ليبيا أن تحركات صالح والمشري باتجاه الاتفاق على «القاعدة الدستورية» جاءت مدفوعة بتلويح غربي بطرح «آلية بديلة»، إذا «لم تتمكن الأطراف الليبية من التوصل لاتفاق سريع بشأن خريطة طريق انتخابية نزيهة». وقال المركز الليبي للدراسات ورسم السياسات، في تقريره الأخير، إن الأطراف الدولية المعنية بالمسألة الليبية تجنح إلى منطق الحَذَر، ولم يُقابَل ما اتفق عليه رئيسا المجلسين في مؤتمرهما الصحافي بالقاهرة اليومين الماضيين بـ«استبشار»، مرجعاً السبب إلى «تحفظ مسبق على مضامين خريطة الطريق، وما قد يترتب عليها من تعثر المسار السياسي ودفع الانتخابات إلى المجهول».
وأضاف المركز أنه «ليس مستبعداً أن يكون إعلان المشري وصالح عن التوصل إلى اتفاق حول إجراء الانتخابات والتوافق على القاعدة الدستورية وتجاوز النقاط الخلافية محاولةً لتجاوز حالة الضغط الدولي ابتداء، والشعبي بدرجة أقل». وكان نائب رئيس حكومة «الوحدة» ووزير الصحة المُكلف، رمضان أبو جناح، بحث مع ليزلي أوردمان، القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، تكثيف الجهود نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في أقرب الآجال.
هل سيحل الاستفتاء الشعبي الليبي خلافات «القاعدة الدستورية»؟
وسط انقسام حول حق العسكريين ومزدوجي الجنسية في خوض الانتخابات الرئاسية
هل سيحل الاستفتاء الشعبي الليبي خلافات «القاعدة الدستورية»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة