حادثة اعتداء جنسي تهز الشارع السوداني

ضحيتها ابنة مسؤول رفيع في لجنة تصفية نظام البشير

والد الضحية العميد شرطة (متقاعد) الطيب عثمان (وسائل التواصل)
والد الضحية العميد شرطة (متقاعد) الطيب عثمان (وسائل التواصل)
TT

حادثة اعتداء جنسي تهز الشارع السوداني

والد الضحية العميد شرطة (متقاعد) الطيب عثمان (وسائل التواصل)
والد الضحية العميد شرطة (متقاعد) الطيب عثمان (وسائل التواصل)

صدم السودانيون بحادثة اعتداء جنسي تعرضت لها ابنة مسؤول رفيع في لجنة تصفية وتفكيك آثار نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وسادت حالة من الغضب والاستنكار وسائل التواصل الاجتماعي، فيما لم يستبعد مراقبون أن تكون الحادثة «تصفية حسابات» تقف وراءها جهات من النظام المعزول.
ويرى المراقبون أن عناصر النظام المعزول هم المتضرر الأول من عودة اللجنة إلى العمل، وهي التي جردت نافذين سابقين وشبكة المصالح المرتبطة بهم من أموال وثروات ضخمة، استولوا عليها إبان فترة حكم البشير التي استمرت ثلاثين عاماً، قبل سقوطه بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019.
ولم يصدر أي تعليق أو بيان من الشرطة بخصوص الحادثة، أو تقرير طبي يكشف ملابسات الاعتداء.
وبحسب رواية والد الضحية، الطيب عثمان، أمين عام اللجنة، وهو ضابط شرطة متقاعد برتبة «عميد»، فإن ابنته (15 عاماً) اختطفت بواسطة عناصر يستقلون سيارة سوداء، بعد وقت قصير من افتراقها عنه، متوجهة لحضور حصة تقوية مدرسية، بينما كان هو في طريقه للمشاركة في ورشة عمل للجنة تفكيك نظام البشير؛ لتقييم وتقويم عملها. وحسب روايات على وسائل التواصل الاجتماعي (لم يتم التأكد منها بعد)، أن المعتدين طلبوا من الضحية بعد الاعتداء عليها، إبلاغ والدها بأنهم قادرون على الوصول إليه، وهو ما يؤكد أن الحادثة ارتكبت بدوافع سياسية. وسيتم التأكد من هذا الادعاء بعد استجواب الضحية التي تتلقى العلاج حالياً في أحد المستشفيات في الخرطوم.
وجرت حادثة الاختطاف صباح أول من أمس، بالقرب من موقف للمواصلات العامة بضاحية «المعمورة» في العاصمة الخرطوم. وذكر والد الضحية أن المختطفين ألقوا بابنته بالقرب من جسر «المنشية» شرقي الخرطوم.
وقال محامون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ويتابعون القضية، إنه تم تدوين بلاغات جنائية تحت المواد «149 اغتصاب» و«163 اختطاف» من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، مشيرين إلى أن الجهات المختصة باشرت التحريات بأخذ أقوال والد الضحية، وسيتم التحري مع الفتاة بعد الانتهاء من عملية التأهيل والدعم النفسي.
وأضافوا أنه تم أخذ عينات من الفتاة للأدلة الجنائية، يتوقع أن تستغرق نتائج فحصها بعض الوقت، بينما توقع محامٍ ثانٍ أن يتم التقدم بطلب لإعادة الفحص من قبل طبيب شرعي.
وقال والد الضحية في تصريحات لوسائل إعلام، إن ما حدث هو محاولة واضحة لاعتداء جنسي أكدها الفحص الطبي، كما أشار إلى تعرض ابنته إلى عنف شديد جداً، تظهر آثاره في الجسد والملابس، على حد قوله.
وتزامنت حادثة الاعتداء والخطف لابنة المسؤول في لجنة تصفية النظام المعزول، مع انطلاقة أول ورشة تحضيرية للجنة لاستئناف مهامها في إزالة وتفكيك نظام الإسلامويين بعد التوقيع على الاتفاق النهائي بين أطراف الأزمة السودانية، المتوقع حدوثه خلال أيام.
وكانت اللجنة استردت خلال فترة حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، من قادة النظام المعزول، شركات وعقارات وأصولاً وأراضي زراعية وأموالاً نقدية تقدر بتريليونات الجنيهات السودانية، إلا أن إجراءات الجيش في 25 أكتوبر (تشرين الأول) حالت دون إكمال مهمتها في تفكيك وإزالة آثار سلطة الإسلامويين.
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قد اعتقل قادة اللجنة عقب إجراءات أكتوبر، وهم الرئيس المناوب للجنة عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي سليمان، والمقرر وجدي صالح، وآخرون، كما أعاد تشكيل اللجنة بعد حلها، ومهد ذلك لعودة عناصر النظام المعزول مرة أخرى للسيطرة على مؤسسات الدولة.
كما ألغت المحكمة العليا التي يقودها قاض محسوب على نظام البشير، المئات من قرارات لجنة التفكيك التي قضت باسترداد أموال ضخمة تم الاستيلاء عليها بطرق المحسوبية والانتماء للإسلاميين.
وبدورها، اعتبرت القوى السياسية والمدنية والمنظمات النسوية المدافعة عن حقوق الإنسان والمناهضة للعنف ضد المرأة، الحادثة استمراراً للحملات المسعورة لجماعات نظام البشير والمحسوبين عليه، التي عملت في السابق على تعطيل اللجنة، وتسعى حالياً لقطع الطريق أمام عودتها مرة أخرى.
ودان «حزب الأمة» و«حزب المؤتمر» حادثة الاعتداء، التي وصفاها بالبشعة والمروعة، وتعبر عن حالة الانحطاط الأخلاقي والقيمي لمرتكبيها.
واستنكر «حزب الأمة» الاعتداء على النساء واستخدامهن كأدوات في الصراع السياسي، واعتبره أسلوباً دخيلاً على المجتمع السوداني.
وطالبت القوى السياسية والمدنية الأجهزة الأمنية بملاحقة مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم للمحاكمة العاجلة، محذرة من تزايد حالات الاعتداء على النساء والفتيات.
من جانبها، دانت منظمة «لا لقهر النساء» حادثة الاعتداء، مستنكرة استغلال النساء في ساحات المعارك والتصفيات السياسية، ومشددة على الوصول للعدالة وتقديم الجناة في قضايا الاغتصاب للمحاكمات العاجلة بواسطة المدعي العام.
ومنذ إجراءات الجيش في 25 أكتوبر 2021، تزايدت حوادث الاعتداء الجنسي على النساء بكافة أشكاله؛ من اغتصاب وتحرش وضرب، وسجلت محاضر الشرطة السودانية بلاغات اغتصاب لفتيات موثقة بالتقارير الطبية، تمت خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى العشرات من الحالات الموثقة للاعتداء الجسدي والضرب في مواجهة النساء.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
TT

قوى سياسية وعسكرية سودانية تبحث «اليوم الأول» بعد الحرب

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)
اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

شهدت العاصمة المصرية القاهرة اجتماعاً لأكثر من 15 حزباً وتنظيماً، بالإضافة إلى تنظيم العسكريين المتقاعدين المعروف باسم «تضامن»، تناول بشكل أساسي خطة «اليوم الأول» بعد وقف الحرب، وهو أول اجتماع بين قوى سياسية كانت ترفض الجلوس مع بعضها البعض. كما بحث الاجتماع دور القوى المدنية في إيقاف الحرب، وتقريب المواقف وإغاثة الضحايا وبناء مركز مدني موحد في مواجهة خطاب الكراهية.

وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب التي شاركت في الاجتماع هي: حزب «الأمة القومي» ومثّله أحمد المهدي وعبد الجليل الباشا، والحزب الشيوعي ومثّله صديق يوسف ومسعود الحسن، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة عبد العزيز الحلو، و«المؤتمر الشعبي» مثّله عبد القادر عز الدين، و«المؤتمر السوداني» ومثّله بكري يوسف، وحزب «البعث القومي» ومثّله كمال بولاد، و«الحركة الاتحادية» ومثّلها أحمد حضرة.

كما حضر الاجتماع «التحالف السوداني» ومثّله ماهر أبو الجوخ، والحزب «الوحدوي الناصري» ومثلته انتصار العقلي، والحزب «الوطني الاتحادي» محمد الهادي، و«القومي السوداني» ميرغني إدريس، و«تيار الوسط للتغيير» محمد نور كركساوي، و«التيار الاتحادي الحر» معاوية الشاذلي، وحزب «البعث السوري» بابكر محجوب، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري»، بالإضافة إلى ممثلين عن قيادة «تضامن» الذي مثّله اللواء متقاعد كمال إسماعيل، والعقيد متقاعد بجهاز أمن الدولة هاشم أبو رنات.

وأشار المصدر إلى أن أهمية الاجتماع تكمن في أنه «كسر الحواجز» بين القوى السياسية والمدنية، بما يمكّن من التحاور بينها من أجل وقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي. وأضاف أن المجتمعين أقروا عقد اجتماع آخر في وقت قريب من أجل صياغة «دليل عمل» يتضمن موقف القوى المدنية من المحاور الأساسية.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل (نيسان) 2023، ظلت قوى مدنية وسياسية تعمل من أجل تكوين «مركز مدني موحد»، يضغط على القادة العسكريين في الجانبين المتحاربين من أجل وقف الحرب، واستعادة التحول المدني الديمقراطي، و«تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018» التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وأدت مساعي هذه القوى إلى تكوين تحالف باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» المعروف اختصاراً بـ«تقدم»، ويقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك الذي عزله انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قام به قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان مع قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حينما كانا متعاونين قبل أن يتحاربا.

وعلى الرغم من أن تحالف «تقدم» يعد أوسع تحالف مدني تكوّن بعد اندلاع الحرب، فإنه لم يشمل قوى سياسية يسارية، أبرزها «الحزب الشيوعي» الذي كوّن تحالفاً آخر تحت مسمى «تحالف قوى التغيير الجذري»، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» الذي كوّن تحالفاً آخر باسم «الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير».