الزبداني تجرّ النظام السوري و«حزب الله» إلى حرب استنزاف

الطيران يقصف الغوطة وريف حلب بالبراميل.. والوحدات الكردية تتقدم في الحسكة

طفلة سورية من جوبر بريف دمشق تعبر لمقاتل من المعارضة عن بهجتها بملابس العيد (رويترز)
طفلة سورية من جوبر بريف دمشق تعبر لمقاتل من المعارضة عن بهجتها بملابس العيد (رويترز)
TT

الزبداني تجرّ النظام السوري و«حزب الله» إلى حرب استنزاف

طفلة سورية من جوبر بريف دمشق تعبر لمقاتل من المعارضة عن بهجتها بملابس العيد (رويترز)
طفلة سورية من جوبر بريف دمشق تعبر لمقاتل من المعارضة عن بهجتها بملابس العيد (رويترز)

تهدد معركة النظام السوري و«حزب الله» على مدينة الزبداني الواقعة في ريف دمشق الغربي، بالتحول من معركة حسم كان يريدها النظام إلى حرب استنزاف له وللقوى الداعمة له، بعد عجزه عن تحقيق أي اختراق على الأرض أو حتى عمليات قضم وفق ما كان يروّج إعلام «حزب الله» في لبنان. لكن العامل الثابت المستمر على نفس الوتيرة في هذه الحرب هو سلاح البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام على أحياء المدينة.
فقد ألقى طيران النظام المروحي، أمس، ما لا يقل عن 12 برميلا متفجرا على مناطق متعددة في الزبداني، إضافة إلى قصف مدفعي وصاروخي، وسط استمرار الاشتباكات بين فصائل المعارضة من جهة، والفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري و«حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، في محاولة من الأخير للسيطرة على المدينة.
وليس بعيدا عن الزبداني كانت مناطق في مزارع تل كردي بالغوطة الشرقية عرضة لقصف من قبل قوات النظام، حسبما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أشار إلى أن «الطيران الحربي نفذ غارتين على مناطق في محيط بلدة دير العصافير بالغوطة الشرقية، وغارات على مناطق في الأراضي الزراعية المحيطة ببلدة بيت سوى، مما أدى لإصابة عدد من المواطنين بجروح مختلفة، في وقت دارت فيه اشتباكات بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام في محور بلدة دير العصافير بالغوطة الشرقية، وتزامن ذلك مع قصف جوي طاول مناطق في أطراف بلدة حفير الفوقا ومناطق أخرى في جرود القلمون».
وفي الشمال السوري، تجددت الاشتباكات في مدينة الحسكة بين وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بجيش «الصناديد» التابع لحاكم مقاطعة الجزيرة حميدي دهام الهادي من جهة، ومقاتلي تنظيم داعش من جهة أخرى، في محيط سجن الأحداث وشركة الكهرباء، في المشارف الجنوبية للمدينة، وسط تقدم لمقاتلي وحدات الحماية في المنطقة. وتحدث ناشطون عن «سيطرة وحدات الحماية الكردية على مناطق واسعة في الحسكة، التي باتت تشكل طوقا أشبه بقوس يمتد من غرب الحسكة إلى شرقها، وتحاصر عناصر التنظيم داخل القسم الجنوبي للمدينة». وأكد الناشطون أن «قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني وعناصر الحرس الجمهوري والمسلحين العشائريين الموالين للنظام وكتائب البعث، فشلت في استعادة السيطرة على أحياء النشوة الغربية والشريعة وفيلات النشوة والملعب البلدي وحي الزهور وأجزاء من حيي غويران والليلية». أما الريف الغربي لتدمر فشهد أمس اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، أدت إلى خسائر بشرية في صفوف الطرفين، كما ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على مناطق في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، مما أدى لأضرار مادية.
ولم تكن مدينة حلب وريفها بمنأى عن العمليات العسكرية، إذ أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن «ستة مدنيين لقوا مصرعهم، وأصيب 12 آخرون بجروح، صباحا (أمس)، في قصف مروحي شنه الطيران النظامي على قرية عران بريف مدينة الباب، الخاضعة لسيطرة (داعش) في ريف حلب الشرقي»، مشيرا إلى أن «عددا من القتلى والجرحى المدنيين سقطوا أيضا، في القصف الذي شنه طيران التحالف الدولي على قريتي الشهدا وأم غربتين قرب مدينة صرين الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في ريف حلب الشرقي». فيما تحدثت مصادر عن «اشتباكات متقطعة دارت بين فصائل إسلامية معارضة من جهة، وقوات النظام و(حزب الله) اللبناني وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، في محيط مسجد الرسول الأعظم بحي جمعية الزهراء شمال غرب حلب، أدت إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها». وأكدت المصادر أن «خمسة مواطنين استشهدوا بينهم طفلة، جراء قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي والتي يسيطر عليها تنظيم داعش».
إلى ذلك، أفاد موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض بأن «طائرات التحالف الدولي شنت الخميس (أمس) غارات على أهداف تابعة لـ(داعش) في مدينة الرقة وريفها وأدت إلى سقوط قتلى». وقال «لقد أغار طيران التحالف على إحدى آليات الحفر التابعة للتنظيم المعدة لحفر السواتر في منطقة تل البيعة بريف الرقة، مما أدى لتدميرها ومقتل سائقها»، لافتا إلى أن «طيران التحالف كان شن عدة غارات مساء أمس (أول من أمس) استهدفت منطقة الدرعية والفرقة 17 بالرقة وسط انفجارات عنيفة تُسمع في أرجاء المدينة، كما نفذ عدة غارات على الريف الشمالي للرقة، ولم ترد معلومات عن حجم الخسائر».
وفي سياق متصل، أفاد ناشطون بأن «عبوة لاصقة انفجرت في سيارة القيادي في (فيلق الشام) مروان نحاس في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، مما أدى إلى إصابة ابنه ونجاته من عملية الاغتيال، دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.