مقتل 7 مسلحين من «داعش» في اشتباكات داخلية في الموصل

قوات بيشمركة تدمر بالتنسيق مع الطيران الدولي عددًا من مواقع التنظيم

مقتل 7 مسلحين من «داعش» في اشتباكات داخلية في الموصل
TT

مقتل 7 مسلحين من «داعش» في اشتباكات داخلية في الموصل

مقتل 7 مسلحين من «داعش» في اشتباكات داخلية في الموصل

مع زيادة الضغط على مسلحي «داعش» في العراق من خلال الضربات الجوية والعمليات العسكرية في الأنبار، يصعد التنظيم الإرهابي من عملياته الإجرامية داخل المدن والبلدات التي يسيطر عليها في العراق. كما يواجه التنظيم تحديات مع الخلافات الداخلية التي نادرا ما تكشف تفاصيلها.
وشرح سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أعدم تنظيم داعش أمس الصحافي الموصلي جلاء العبادي رميا بالرصاص في معسكر السلامية (جنوب الموصل) بتهمة التجسس لصالح الحكومة العراقية، وجاءت عملية إعدامه بعد أن هاجم عشرة مسلحين من التنظيم منزله في وقت سابق أمس واعتقلوه بعد الاستيلاء على حاسوبه الشخصي». وأضاف مموزيني: «اندلعت أمس اشتباكات عنيفة بين مجموعتين من مسلحي (داعش)، هما مجموعة أبو خلدون ومجموعة أبو كاروان الكردي في حي سومر (شرق الموصل)، وأسفرت المعركة عن مقتل أكثر من سبعة مسلحين من التنظيم من بينهم أبو كاروان الكردي أحد قياديي (داعش) البارزين». وأوضح أن الاشتباكات حدثت إثر شجار بين المجموعتين حول تقاسم الأموال.
وتتجدد الاشتباكات بين الآونة والأخرى بين صفوف مسلحي «داعش» العراقيين والعرب غير العراقيين والأجانب داخل التنظيم، وتندلع هذه المعارك والاشتباكات بين مجموعات من مسلحيه بسبب خلافات على توزيع المناصب العسكرية والإدارية داخل التنظيم وتقاسم الأموال والنساء، وقد فقد التنظيم حتى الآن في هذه الصراعات، بحسب مصادر أمنية، العشرات من مسلحيه.
من جهة أخرى، كشف هاوكار جاف، عضو مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط»: «استهدفت طائرات التحالف الدولي مساء أول من أمس في غارة لها سيارة تابعة لـ(داعش) كانت تقل ثلاثا من أبرز قيادات التنظيم في ولاية دجلة (المناطق الجنوبية من الموصل) في قرية خربردان بين قضاء مخمور وناحية القيارة، وأسفرت الغارة عن مقتل أبو مالك نائب والي دجلة، وأبو تقوى المسؤول الأمني في الولاية، وعبد العزيز المسؤول العسكري للولاية».
وتؤكد المصادر الأمنية الكردية أن التنظيم المتطرف فقد المئات من نخبة مسلحيه في المعارك مع قوات البيشمركة، ونقل العشرات من مسلحيه الآخرين إلى جبهات القتال في الأنبار وصلاح الدين، وبدأ بالاعتماد على مسلحيه الأطفال والمراهقين داخل الموصل، فيما أكد مسؤول في وزارة البيشمركة أن الحكومة العراقية لا تستطيع البدء بعملية الموصل إلا بعد تطهير محافظة الأنبار من «داعش».
وقال اللواء صلاح فيلي، المسؤول في وزارة البيشمركة، لـ«الشرق الأوسط»: «عمليا تم تأجيل عملية تحرير الموصل إلى ما بعد عملية الأنبار، لأن وجود (داعش) في الفلوجة والرمادي يشكل خطرا على بغداد، فإن لم تطهر القوات العراقية هذه المحافظة فإنها لن تستطيع بدء عملية الموصل، لأن العراق لا يمتلك القوة الكافية لخوض عدة معارك في وقت واحد». وأضاف: «الآن وبعد مرور عدة أيام على بدء المعركة لتحرير الفلوجة والرمادي لم نر أي تقدم ملحوظ للقوات العراقية، وهذه المعارك تؤثر على مستوى القوات العراقية، بالإضافة إلى أن هناك حاجة إلى قوات كبيرة لتأمين المناطق المحررة وتوفير الحماية لها».
وبدورها، أعلنت قوات «بيشمركة الزيرفاني» (النخبة) الكردية أمس أنها دمرت وبالتنسيق مع طائرات التحالف الدولي عددا من مواقع «داعش» في مناطق مختلفة من محافظة نينوى، بينما قتل أكثر من سبعة مسلحين من بينهم قيادي بارز في التنظيم إثر تجدد الاشتباكات بين مسلحيه حول تقاسم الأموال والمناصب.
وقال العقيد دلشاد مولود، الناطق الرسمي لقيادة قوات بيشمركة الزيرفاني، لـ«الشرق الأوسط»: «قصفت طائرات التحالف الدولي أمس وبالتنسيق مع قواتنا موقعا لتنظيم داعش في منطقة الشلالات (شمال الموصل)، وأسفر القصف عن مقتل أكثر من عشرة مسلحين وإصابة عدد آخر بجروح، ودُمر الموقع بالكامل». وأضاف: «بالتزامن مع هذه الغارة، دمر الطيران الدولي عجلة تابعة لـ(داعش) كانت تحمل مدفعا رشاشا في قرية العاشق المقابلة لمفرق الكسك (غرب الموصل)، وبحسب معلوماتنا الاستخباراتية قتل في الهجوم مسلحان كانا برفقة العجلة».
وأوضح أنه قتل عدد آخر من مسلحي التنظيم في غارة أخرى لطيران التحالف استهدفت إحدى تجمعاتهم في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية في مرتفعات قرية تل العصفور التابعة لناحية وانة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.