أوكرانيا تصف إعلان بوتين وقف إطلاق النار بأنه «نفاق»

الرئيس الروسي كرر احتفاظه بالمناطق الأوكرانية شرطاً للمفاوضات... وكييف جددت رفضها

بوتين مع أكسيونوف خلال مشاركتهما بعرض للدرجات النارية في سيفاستوبول (رويترز)
بوتين مع أكسيونوف خلال مشاركتهما بعرض للدرجات النارية في سيفاستوبول (رويترز)
TT

أوكرانيا تصف إعلان بوتين وقف إطلاق النار بأنه «نفاق»

بوتين مع أكسيونوف خلال مشاركتهما بعرض للدرجات النارية في سيفاستوبول (رويترز)
بوتين مع أكسيونوف خلال مشاركتهما بعرض للدرجات النارية في سيفاستوبول (رويترز)

وصفت كييف مقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف إطلاق النار لمدة 36 ساعة في أوكرانيا بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي بأنه «نفاق»، داعية القوات الروسية إلى مغادرة البلاد. وكتب المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على «تويتر»: «يتعين على روسيا الاتحادية مغادرة الأراضي المحتلة، وعندها فقط ستنال هدنة مؤقتة. لن ننخدع بنفاقكم». وذكر الكرملين، أمس (الخميس)، أن بوتين أوعز إلى وزارة الدفاع بوقف الأعمال القتالية في الدولة الجارة من ظهر اليوم (الجمعة) حتى منتصف ليل يوم الأحد، بمناسبة احتفالات المسيحيين الأرثوذكس بعيد الميلاد. وتأتي الدعوات إلى الهدنة بعد ضربة نفّذها الجيش الأوكراني ليلة رأس السنة، أدت إلى مقتل 89 عسكرياً روسياً على الأقل في ماكيفكا، شرق أوكرانيا.
وجاءت دعوة الرئيس الروسي أمس (الخميس) بعد مناشدة من رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وهي خطوة سبق أن رفضتها أوكرانيا، ووصفتها بأنها فخ. وسيبدأ وقف إطلاق النار اعتباراً من منتصف 6 يناير (كانون الثاني). ويحتفل كثير من المسيحيين الأرثوذكس، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في روسيا وأوكرانيا، بعيد الميلاد في 6 و7 يناير. لكن يُحتمل ألا تكون الرسالة مؤثرة في أوكرانيا التي أنشأت كنيسة مستقلة عن المرجعية الدينية الروسية في 2018 - 2019 حيث تراجع نفوذ بطريركية موسكو في السنوات الأخيرة. وقطعت الكنيسة علاقاتها مع روسيا في مايو (أيار)، على الرغم من أن عدداً من كبار المسؤولين فيها لا يزالون متهمين بالانحياز لروسيا.
ودعا بطريرك موسكو، البطريرك كيريل، الخميس، طرفي الحرب في أوكرانيا لإعلان هدنة بمناسبة عيد الميلاد. وجاء في الأمر الصادر عن بوتين: «بالنظر لدعوة قداسة البطريرك كيريل، وجهتُ وزير دفاع روسيا الاتحادية لوقف إطلاق النار على طول خطوط التماس في أوكرانيا من الساعة 12:00 يوم 6 يناير 2023 إلى الساعة 24:00 من 7 يناير 2023». وأضاف بوتين «وانطلاقاً من حقيقة أن عدداً كبيراً من معتنقي المذهب الأرثوذكسي يعيشون في مناطق القتال، فإننا ندعو الجانب الأوكراني إلى إعلان وقف لإطلاق النار والسماح لهم بحضور الصلوات في ليلة عيد الميلاد، وكذلك في يوم عيد الميلاد».
ووصف ميخايلو بودولياك المستشار البارز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بأنها «بوق دعاية للحرب» وبأنها حرضت على «القتل الجماعي» للأوكرانيين وعسكرة روسيا. وأضاف: «بيان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بشأن (هدنة عيد الميلاد) فخ، وإحدى أدوات الدعاية».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعا نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى «وقف إطلاق نار أحادي الجانب» في أوكرانيا. وقال إردوغان لبوتين خلال اتصال هاتفي، بحسب بيان نشرته الرئاسة التركية: «الدعوات إلى السلام والمفاوضات بين موسكو وكييف يجب أن تكون مدعومة بوقف إطلاق نار أحادي الجانب». وقال الكرملين، أمس (الخميس): «شدد فلاديمير بوتين مجدداً على استعداد روسيا للحوار الجاد، شريطة أن تفي السلطات في كييف بالمطالب العامة المعروفة والمتكررة، والأخذ في الحسبان الحقيقة الإقليمية الجديدة». وقال بوتين إنّ روسيا منفتحة على «حوار جاد» مع أوكرانيا شرط أن تقبل السلطات الأوكرانية «الوقائع الجديدة على الأرض». وأعلنت روسيا في سبتمبر (أيلول) ضمّ 4 مناطق أوكرانية تسيطر عليها جزئياً أو بالكامل، على غرار ما فعلت مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014. ويرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التفاوض مع بوتين، مشدداً على استعادة كييف كل الأراضي المحتلة بالوسائل العسكرية.
وكرر مسؤول أوكراني كبير، أمس (الخميس)، رفض كييف لأي اتفاق سلام مع موسكو من شأنه أن يسمح لروسيا بالإبقاء على الأراضي الأوكرانية التي تحتلها القوات الروسية. وكتب مستشار الرئاسة الأوكراني، ميخايلو بودولياك، على «تويتر»: «لماذا من المستحيل عقد اتفاق مع الاتحاد الروسي؟». وأضاف: «الاتحاد الروسي (بوتين) يعرض على أوكرانيا والعالم، تحت كلمة (محادثات)، الاعتراف بحقها في الاستيلاء على الأراضي الأجنبية... هذا غير مقبول تماماً».
وتشمل شروط موسكو لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا اعتراف كييف بأن القرم، التي تم ضمها بالفعل منذ 2014، روسية. وتشمل أيضاً «إزالة الصبغة النازية» و«إزالة الأسلحة» من أوكرانيا، وعلى وضع أوكرانيا الحيادي.
وبدورها، تريد أوكرانيا انسحاب القوات الروسية من كل أراضيها كشرط مسبق للمفاوضات. وانتقد بوتين مجدداً الغرب خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها مع إردوغان. واشتكى من أن الغرب يلعب «دوراً تدميرياً» بإمداد أوكرانيا بأسلحة ومعلومات مهمة عسكرية.
وحذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الخميس، من التقليل من شأن طموحات روسيا والرئيس فلاديمير بوتين وسط الحرب الدائرة في أوكرانيا. وقال ستولتنبرغ، في مؤتمر أعمال في النرويج: «لقد أظهروا استعداداً كبيراً لتحمل الخسائر والمعاناة. ليس لدينا ما يشير إلى أن الرئيس بوتين قد غيّر خططه وأهدافه في أوكرانيا. لذلك من الخطر التقليل من شأن روسيا».
وفي سياق متصل، أعلن قائد مجموعة فاغنر المسلحة، الخميس، الإفراج عن أول مجموعة سجناء روس حصلوا على عفو في مقابل قتالهم في أوكرانيا إلى جانب الجنود الروس. وظهر يفغيني بريغوجين، وهو رجل أعمال معروف بأنه مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويكثر من التصريحات منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، في فيديو إلى جانب رجال، وجوههم مموهة. وقال في الفيديو الذي نشرته وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء: «عملتم حتى نهاية عقدكم. عملتم بشرف وكرامة». ودعا المجتمع الروسي إلى «التعامل بأكبر قدر من الاحترام مع هؤلاء الرجال الذين حاربوا خلال 6 أشهر للحصول على الحرية». وأضاف: «لا تسرفوا بالشرب، لا تتعاطوا المخدرات، لا تغتصبوا نساء، لا ترتكبوا حماقات».
ومقاتلو مجموعة فاغنر منتشرون خصوصاً على خط المواجهة في المعركة من أجل السيطرة على مدينة باخموت التي تحاول القوات الروسية عبثاً الاستيلاء عليها منذ الصيف، والتي أصبحت موقعاً لخسائر فادحة ودمار للجانبين.
قبل بدء النزاع في أوكرانيا، رُصد مرتزقة «فاغنر» في سوريا وليبيا وفي كثير من البلدان الأفريقية. وفي سبتمبر، وانتشر فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي ظهر فيه رجل في باحة أحد السجون، يشبه يفغيني بريغوجين إلى حدّ كبير، ويقترح على السجناء القتال في أوكرانيا. وقال الرجل في ذاك الفيديو: «إذا وصلتم إلى أوكرانيا، وقررتم أن هذا القتال ليس لكم، سنعتبر ذلك فراراً، وسنطلق النار عليكم. هل لديكم أسئلة؟» وأمرهم بعدم الاستسلام، مشيراً إلى أن المجندين سيحملون معهم قنابل يدوية في حالة القبض عليهم، مضيفاً: «إذا توفيتم، فستُعاد جثتكم إلى المكان الذي اخترتموه في الطلب». ولم تؤكّد شركة «كونكورد» المملوكة لبريغوجين ما إذا كان الرجل في ذاك الفيديو هو صاحبها.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

قالت سلطات أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي اليوم (الأحد) إن «مئات الأشخاص بالتأكيد» قضوا في الإعصار شيدو القوي جداً، الذي ضرب المنطقة، السبت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق من اليوم، قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سببها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس - ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.