انتقادات برلمانية بشأن نقص السلع التموينية في مصر

وسط جهود حكومية لتشديد الرقابة على الأسواق

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع اليوم (الثلاثاء) لمتابعة معدلات الإفراج الجمركي عن السلع (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع اليوم (الثلاثاء) لمتابعة معدلات الإفراج الجمركي عن السلع (رئاسة الجمهورية)
TT

انتقادات برلمانية بشأن نقص السلع التموينية في مصر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع اليوم (الثلاثاء) لمتابعة معدلات الإفراج الجمركي عن السلع (رئاسة الجمهورية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع اليوم (الثلاثاء) لمتابعة معدلات الإفراج الجمركي عن السلع (رئاسة الجمهورية)

فيما تترقب سحر عبد الله، ربة منزل أربعينية، تراجع أسعار السلع الاستهلاكية، وعودة «الانضباط» للأسواق المصرية استجابة لتعهدات حكومية، شهدت ساحة مجلس النواب المصري (البرلمان)، اليوم (الثلاثاء)، مناقشات حادة، وانتقادات لأداء الحكومة، وخاصة وزارة التجارة والتموين، في إدارة ملف الأسعار والسيطرة على الأسواق، وأشارت الانتقادات إلى «نقص السلع التموينية»، وعودة «طوابير الخبز».
وتحاول سحر، وهي أم لثلاثة أطفال، تدبير احتياجات أسرتها، في ظل موجة غلاء تجتاح الأسواق منذ أشهر عدة، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنها «باتت تحتاج إلى نحو 3 أضعاف الميزانية التي اعتادت إنفاقها شهرياً لتلبية الاحتياجات نفسها»، لافتة إلى «نقص بعض السلع في الأسواق، ما دفع بعض مراكز التسوق إلى تحديد عدد معين يمكن للمواطن شراؤه من بعض السلع كالأرُز والزيت».
وفي إطار الجهود الحكومية لتوفير السلع في الأسواق، وجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بـ«الإسراع في استكمال خروج جميع البضائع التي وردت إلى الموانئ إلى الأسواق، فضلاً عن الانتهاء من جميع الإجراءات المرتبطة بحوكمة منظومة الإفراج الجمركي». وتابع السيسي، خلال اجتماع اليوم، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط وزير المالية، «معدلات الإفراج الجمركي الحالية والمستقبلية عن البضائع من الموانئ على مستوى الجمهورية وخروجها إلى الأسواق» بحسب إفادة رسمية.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي، في بيان صحافي، إن «الاجتماع تناول متابعة مؤشرات الأداء المالي، ونشاط قطاعي الجمارك والضرائب لوزارة المالية، كما استعرض سير تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني، والمدعوم من قبل صندوق النقد الدولي». وأضاف أن «السيسي وجَّه بالاستمرار في العمل على صياغة المنظومة الضريبية بشكل يساعد على تخفيض حجم الاقتصاد غير الرسمي وإدماجه في الاقتصاد الوطني، بهدف تحقيق العدالة الضريبية ومنع التلاعب الضريبي، وتبسيط الإجراءات ذات الصلة».
وكان السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، قال في تصريحات تلفزيونية مساء السبت الماضي، إن «الفترة المقبلة ستشهد انضباطاً في الأسواق، ولا سيما مع اتخاذ خطوات فعلية للإفراج عن السلع المكدسة في الموانئ منذ الأزمة الروسية الأوكرانية». وأوضح أنه «جرى الإفراج عن سلع بقيمة 6 مليارات جنيه (الدولار بـ24.6 جنيه)، منذ 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي».
وتعرض الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، لانتقادات برلمانية «حادة»، اليوم (الثلاثاء). وأشار النائب كريم السادات، في طلب إحاطة للوزير، إلى «عدم توفر بعض السلع الأساسية في الأسواق»، منتقداً سياسة الحكومة في إدارة الأزمة الاقتصادية جراء تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية، التي أدت إلى «نقص السلع، وارتفاع الأسعار».
وقال النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، إن «الأسعار ارتفعت بنسبة 100 في المائة، في حين لم يرتفع دخل المواطن بما يتناسب مع الأسعار الجديدة». واتهم الحكومة ووزارة التموين بـ«البعد عن أرض الواقع».
وانتقد النائب أحمد بلال، عودة طوابير الخبز في عدد من المحافظات والمدن في مصر، ودعا النائب أحمد العرجاوي الحكومة، إلى التدخل في أزمة ارتفاع الأسعار.
بدوره، قال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، إن «الدستور والقانون، يحظران عودة التسعيرة الجبرية»، مشيراً، في تصريحاته أمام مجلس النواب، إلى أنه «عندما حاولت الحكومة فرض سعر محدد للأرز، واجه السوق مشكلات».
وعلى مدار الأشهر الماضية، عانى السوق المصري من أزمة نقص الأرُز، وسط محاولات حكومية لتشجيع مضارب الأرُز على توريده، تزامن مع مساع لتوفير السلعة «الاستراتيجية» بحسب توصيف الحكومة، في الأسواق.
وأكد المصيلحي أن «الحكومة تقف مع المواطن في مواجهة أزمة ارتفاع الأسعار. اتخذت (الحكومة) عدداً من الإجراءات في هذا الصدد». وأشار إلى «قانون منع الممارسات الاحتكارية كوسيلة لتنظيم وضبط السوق»، لافتًا إلى «المادة التي تجيز للحكومة تسعير سلعة معينة في ظروف معينة لمدة محددة، عن طريق وزير التموين، بالعرض على مجلس الوزراء. وفي هذه الحالة، يصدر قرار من مجلس الوزراء بالتسعير، وهو ما لم يُستخدم سوى عام 2017 لمواجهة أزمة السُّكَّر».
وشدد وزير التموين على أن «اختصاص الوزارة هو الرقابة التموينية، أما الأسواق والمخازن فمن اختصاص المحليات». وقال إنه «تم تشكيل لجنة فنية ممثل بها الاتحاد العام للغرف التجارية، وممثلون عن حماية المستهلك لدراسة المدى السعري لـ15 سلعة رئيسية، تشمل (السُّكَّر والزيت والسمنة والصلصة وغيرها)». وأشار إلى أنه «يجري العمل على إعداد مشروع قانون لتنظيم الأسواق العشوائية».
لكن سحر التي باتت تتابع بكثافة أخبار الأسعار، وحركة السوق، تنتظر أن ترى انعكاساً فعلياً للتعهدات والوعود الحكومية على الأرض.


مقالات ذات صلة

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

الاقتصاد امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة، كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة يوقع مذكرة تفاهم مع وكالة ترويج الاستثمار الفرنسية بحضور حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية (هيئة الاستثمار المصرية)

شركات فرنسية لضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية

تعهدت شركات فرنسية عدة بضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية، خلال الفترة المقبلة، وذلك في قطاعات متنوعة أبرزها النقل والأغذية والدواء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أبراج وفنادق وشركات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المركزي المصري»: عجز حساب المعاملات الجارية يتسع إلى 20.8 مليار دولار

قال البنك المركزي المصري إن العجز في حساب المعاملات الجارية لمصر اتسع إلى 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023 – 2024 من 4.7 مليار دولار في العام المالي السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تحمل رضيعها تمر بجانب تاجر فواكه في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

التضخم وارتفاع أسعار الطاقة... أكبر المعوقات أمام الشركات في مصر

أظهرت نتائج استبيان اقتصادي، انخفاض مؤشر أداء الأعمال في مصر خلال الربع الثاني من العام الجاري، من أبريل إلى يونيو الماضي، بمقدار 5 نقاط عن المستوى المحايد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بطرس غالي (رويترز)

بطرس غالي من «الدفاتر القديمة» إلى المشهد الاقتصادي المصري

أثارت عودة يوسف بطرس غالي، وزير المالية في حقبة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وتعيينه ضمن هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، جدلاً واسعاً في مصر.

عصام فضل (القاهرة)

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحقق انتصاراً في «جبل موية»

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة «جبيت» العسكرية في شرق السودان 31 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني تحقيق انتصارات في منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، بعدما كان قد فقد السيطرة عليها لصالح «قوات الدعم السريع» في أواخر يونيو (حزيران) الماضي. كما التحم الجيش مع قواته في ولاية سنار وولاية النيل الأبيض، منهياً بذلك عزلة هاتين الولايتين التي كانت مفروضة عليهما لنحو 3 أشهر. وقال مؤيدون للجيش ومواطنون إن قوات الجيش استعادت المنطقة، وسيروا مواكب احتفالية لإنهاء الحصار الذي كان مفروضاً عليهم.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على منطقة «جبل موية» في 25 يونيو الماضي، بعد معارك شرسة دارت بينها وبين الجيش، ما مكنها من قطع الطرق الرابطة بين ثلاث ولايات، وعزل قواعد الجيش هناك.

وتقع منطقة «جبل موية» على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الخرطوم، وتعد موقعاً استراتيجياً تتداخل فيه ثلاث ولايات هي: الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض.

و«جبل موية» عبارة عن ثلاثة تلال جبلية هي «جبل موية، وجبل دود، وجبل بيوت»، وتتحكم المنطقة في الطريق البري الرابط بين مدينتي ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وسنار أكبر مدن ولاية سنار، كما تتحكم في الطريق الذي يربط منطقة المناقل بمدينة سنار. وتحيط بجبل موية عدة مناطق عسكرية تابعة للجيش هي «الفرقة 17 سنجة» بولاية سنار، و«الفرقة 18 مشاة» بولاية النيل الأبيض، و«اللواء جوي 265 سنار»، وقاعدة «كنانة الجوية».

وحولت سيطرة «قوات الدعم السريع» على جبل موية تلك المناطق العسكرية إلى جزر معزولة عن بعضها، وعزلت الولايات الثلاث عن بقية أنحاء البلاد.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (مواقع التواصل)

وقال إعلام مجلس السيادة الانتقالي في نشرة إن نائب القائد العام للجيش الفريق شمس الدين الكباشي قدم التهاني للجيش بانتصاراته، وتعهد بـ«مواصلة الزحف حتى تطهير آخر شبر من هذا البلد، من دنس الميليشيا الإرهابية المتمردة» في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». ونقلت صفحة الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي أن مدينة كوستى في ولاية النيل الأبيض شهدت مسيرات جماهيرية عفوية، احتفالاً بانتصارات الجيش في محور جبل موية ومحور طريق ربك - سنار، والتقاء «قوات الفرقة ١٨ مشاة» مع قوات متقدمة ولاية سنار.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم ولايتي سنار والجزيرة وأجزاء من شمال ولاية النيل الأبيض، التي سيطرت عليها بعد إحكام السيطرة على «جبل موية»، بالتفاف على قوات الجيش الموجودة في مدينة سنار، وسيطرت على مقر الفرقة في مدينة سنجة بجانب مدينتي الدندر، والسوكي وعدد آخر من البلدات المهمة في الولاية.

وفيما يشبه الاعتراف بفقدان المنطقة الاستراتيجية تساءل مستشار قائد «قوات الدعم السريع» الباشا طبيق، في تغريدة ساخرة على صفحته بمنصة (إكس)، من جيش عمره أكثر من 100 عام، ويملك مشاة وطيراناً ومهندسين وبحرية ومظلات واستراتيجية وسلاح أسلحة وغيرها، وتسانده في القتال «كتائب الإسلاميين الإرهابية، وأكثر من 15 حركة مسلحة مرتزقة... وأصبح حُلمه كله عبور جسر وفتح شارع فقط»، وذلك في إشارة لخسارته لمنطقة جبل موية وفتح الطريق الرابط بين سنار وكوستى، وعبور قوات الجيش جسر «الحلفايا» في شمال الخرطوم الأسبوع الماضي.