أحمد عبد الله السيد: أفلامي تطرح أسئلة ولا تقدم رسائل

المخرج المصري قال إن «19 ب» أثار تعاطفاً مع «كلاب الشوارع»

المخرج أحمد عبدالله
المخرج أحمد عبدالله
TT

أحمد عبد الله السيد: أفلامي تطرح أسئلة ولا تقدم رسائل

المخرج أحمد عبدالله
المخرج أحمد عبدالله

قال المخرج المصري أحمد عبد الله السيد، إن فوز فيلمه «19 ب» بـ3 جوائز في مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته الـ44، يعكس تجاوب الجمهور ولجنة التحكيم مع الفيلم خلال عرضه الأول، معبراً عن شعوره بالسعادة لأنه استطاع أن يجتذب جمهوراً خاض لأجله معارك منذ أول أفلامه «هليوبوليس»، وأكد السيد في حواره لـ«الشرق الأوسط» أن الفيلم استغرق وقتاً طويلاً في تصويره بسبب مشاركة الحيوانات في أغلب مشاهده.
يروي الفيلم قصة حارس عجوز لعقار مهجور، يتداعى عالمه الصغير الذي لا يشغله سوى بعض حيوانات الشوارع التي يؤويها، يخترق سائس المنطقة المجاورة العقار ويفرض عليه سطوته، ويجد العجوز نفسه مضطراً للدفاع عن حيواناته والعقار، في مواجهة صعبة قد تفقده حياته.
وحصل الفيلم على جائزة تحكيم النقاد «فيبرسي»، وجائزة أفضل إسهام فني لمدير التصوير مصطفى الكاشف، وتُوِّج بجائزة أفضل فيلم عربي بالمهرجان، ويعد أحمد عبد الله السيد أحد أبرز مخرجي السينما المستقلة التي قدمها عبر عدد من أفلامه ومن بينها، «ميكرفون»، و«ليل خارجي»، و«ديكور».
ويثير الفيلم تعاطفاً كبيراً مع حيوانات وكلاب الشوارع التي يرعاها البطل، لذلك استغرق التصوير وقتاً أطول: «التصوير مع الحيوانات كان صعباً للغاية، لأنه فجأة يتوقف لرغبة الكلب في النوم، كما كنا أحياناً نصوّر لقطة أو اثنتين، وفجأة لا يريد أن يواصل، فنضطر لتغيير جدول المشاهد، وهذا شيء صعب في السينما لأن المشاهد تكون محضّرة مسبقاً والممثلون على علم بها، لكننا استطعنا تجاوزها، والحيوانات التي تمت الاستعانة بها من الشارع أوجدنا لها بيوتاً بعد انتهاء التصوير».
وأثارت نهاية الفيلم تساؤلات حول مدى وجود حلول أخرى، وعن ذلك يقول المخرج: «أردت بهذه النهاية أن أدفع المتفرج ليسأل نفسه: هل يمكن أن تنتهي العلاقة بهذا الشكل؟ ألم يكن هناك وسيلة أخرى تمكّنهما من العيش معاً؟ وقد تعمدت الإيحاء بهذا التوتر لكي يظل الجهور يترقب اللحظة دون أن يتوقعها».
ويضيف المخرج: «إن فكرة التعايش السلمي لم تتحقق، ليس بسبب الواقع وعقليات الناس فقط، لكن لأنهما مختلفان على كل المستويات، وكان باستطاعتهما ذلك لكنهما لم يحاولا».
وبينما يختار المخرج عادةً الممثل الذي يراه ملائماً للدور، فإن أحمد عبد الله يختار ممثليه الذين يستطيع التعامل معهم بشكل شخصي قائلاً: «يجب أن نكون متفقين على المستوى الإنساني قبل أي شيء، لنحقق تواصلاً إنسانياً وروحياً أولاً، لأنني لا أدخل بسيناريو نهائي بل أحب أن يشاركوني وجهة النظر لنعدل ونحذف ونضيف، وكثير من الجمل في الفيلم جاءت مرتجلة لكنّ هناك أفلاماً أخرى يرتجل فيها الممثلون الحوار كاملاً، مثل (ميكرفون)، إذ يكون السيناريو عُرضة للتبديل طوال الوقت حتى بعد التصوير والمونتاج، وأبطال هذا الفيلم كلهم توافقوا معي، سيد رجب وناهد السباعي وأحمد خالد صالح وفدوى عابد».
لا يقوم السيد بتوجيه الممثل بالشكل المعتاد موضحاً: «لا أسميه توجيهاً لكنه بناء العلاقة أو تعاون، لا أقول للممثل مثلاً (ستنظر له وتقول كذا)، نحن نراجع ما سيحدث بالمشهد ويكون لديّ ثقة كاملة أن كل منهم قد فهم الشخصية ليضيف من رؤيته».
ويتوافق أحمد عبد الله السيد مع المخرج العالمي بيلا تار الذي أدار ندوته بمهرجان القاهرة السينمائي، الذي أعلن عن وفاة السيناريو بشكله التقليدي، ويعلق قائلاً: «الحقيقة هذا توجه موجود في تاريخ السينما منذ زمن، وأشهر من قام به المخرج الإيطالي فيلليني، فقد كان يدخل التصوير بأربع ورقات فقط، ويظل لكل مخرج طريقته، فهناك عمل يستدعي تدخلاً أكثر من المخرج وآخر يستدعي أن يبعد المخرج ويترك فريق العمل يمارس اللعبة بنفسه».
لا يقدم أحمد عبد الله أفلامه بمنطق «الفن للفن» بل يؤمن بالجمهور ضلعاً أساسياً للفيلم حسبما يؤكد: «مستحيل في السينما أن يصنع مخرج أفلامه من أجل الفن فقط، لأن صناعة الفيلم مكلفة جداً، ولكي تستمر لا بد أن يحقق الفيلم قدراً معيناً من الإيرادات، الحقيقة منذ بداية أفلامي حتى الآن في كل مرة نأخذ مساحة أكبر في دور العرض، وعدد أسابيع عرض أكبر، وحجماً أكبر في عدد التذاكر المبيعة، وهذا يعد مؤشراً على أن الجمهور تواق لهذا النوع من السينما، قد لا يكون في حجم جمهور أفلام العيد بالطبع، لكن مساحته تزيد فيلماً بعد آخر».
ويرفض المخرج السينمائي مبدأ استسهال المشاهدة: «أغضب لو سألني مشاهد عمّا أريد أن أقوله بالفيلم لأنه ينطوي على استسهال منه، هذا مشاهد يريد أن ينتهي الفيلم بنصيحة على غرار الأفلام العربية القديمة، لا أفضّل ذلك خصوصاً أنه ليست لديَّ رسالة واضحة بل أسئلة أطرحها من خلال قصص الناس، يهمني أكثر أن يخرج الجمهور بأسئلة بعد مشاهدة الفيلم، وقد خضت رحلة شاقة ومتعبة جداً لكسب ثقة الجمهور الذي بات مدركاً أنه لو دخل فيلماً لي فإنه سيحترمه سواء أعجبه أو لا».
يرى السيد نفسه محظوظاً بتكرار تعاونه مع المنتج محمد حفظي، لأنه يمتلك وعياً سينمائياً ويدرك ككاتب معنى السيناريو الجيد واختيار طاقم العمل، كما أن علاقاته بالمهرجانات جيدة.


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».