خلال عام 2022، أجرت كوريا الشمالية اختبارات لأسلحة تضمّنت صواريخ باليستية عابرة للقارات أكثر من أي وقت مضى، في خرق للعقوبات المفروضة على البلاد.
وخلال العام المنصرم أيضاً، أعلن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، أن بلاده تسعى لامتلاك أكبر قوة نووية في العالم، معلناً كوريا الشمالية دولة نووية «بلا رجعة».
ووفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية، فقد أدى ذلك إلى ارتفاع التوترات في شبه الجزيرة الكورية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2017، عندما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب كوريا الشمالية بـ«النار والغضب» في حال استمرت في تهديد الولايات المتحدة على خلفية تطوير ترسانتها النووية.
إذن، ما الأفعال المتوقعة من زعيم كوريا الشمالية في عام 2023؟
* تطوير الأسلحة النووية:
مع اقتراب عام 2022 من نهايته، جمع كيم أعضاء حزب «العمال» الحاكم، ليخبرهم بالأهداف التي يطمح لتحقيقها في 2023.
وجاء على رأس قائمة كيم «الزيادة المطردة» في إنتاج الأسلحة النووية؛ حيث قال الزعيم الكوري الشمالي إن «هذا يجب أن يشمل الإنتاج الضخم للأسلحة النووية التكتيكية الأصغر»، والتي يمكن استخدامها لخوض حرب ضد كوريا الجنوبية.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1608058970710622208?s=20&t=Ifa2Frq3zDY6lExC_jWn-A
هذا هو التطور الأكثر خطورة، وفقاً لأنكيت باندا، خبير الأسلحة النووية في مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي.
ولصنع أسلحة نووية تكتيكية، يجب على كوريا الشمالية أولاً أن تنتج قنبلة نووية مصغرة يمكن تحميلها على صاروخ صغير. ويترقب الخبراء ما إذا كانت بيونغ يانغ قادرة على القيام بذلك.
أما الأهداف الأخرى المدرجة في قائمة كيم للعام الجديد فهي إطلاق قمر صناعي للتجسس، وصاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب.
لذلك يتوقع الخبراء استمرار اختبار بيونغ يانغ لترسانتها النووية وتحسينها وتوسيعها بقوة في 2023، في تحدٍّ أكبر لعقوبات الأمم المتحدة.
وفي الواقع، وبعد أقل من 3 ساعات من بدء العام الجديد، أجرت بيونغ يانغ بالفعل أول تجربة صاروخية لها في 2023.
لكن، كما يقول باندا: «قد لا تكون معظم عمليات إطلاق الصواريخ في العام المقبل اختبارات؛ بل تدريبات؛ حيث تستعد كوريا الشمالية حالياً لاستخدام صواريخها في صراع محتمل».
* لا نية للمحادثات:
من غير المرجح أن يختار الزعيم الكوري الشمالي هذا العام العودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة. فقد انهارت الجولة الأخيرة من مفاوضات نزع السلاح النووي في عام 2019، ومنذ ذلك الحين لم يُظهر كيم أي علامة على رغبته في إجراء أي محادثات في هذا الشأن.
لكن على الرغم من ذلك، يرى بعض الخبراء أن كيم قد يعود لطاولة المحادثات بعد تقوية نفوذه، وإثبات بما لا يدع مجالاً للشك أن كوريا الشمالية قادرة على إلحاق الدمار بالولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، حتى يتمكن من التفاوض بشروطه.
وخلال العام الماضي، اقتربت كوريا الشمالية من الصين وروسيا. وقالت راشيل مينيونغ لي التي عملت محللة في شؤون كوريا الشمالية لدى الحكومة الأميركية لمدة 20 عاماً، إن هذا الأمر يدل على أن كوريا الشمالية لم تعد تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها ضرورية لأمنها وبقائها، مشيرة إلى أن ذلك سيكون له تأثير عميق على شكل المفاوضات النووية المستقبلية.
* التوترات في شبه الجزيرة الكورية:
خلال العام الماضي، ارتفعت التوترات في شبه الجزيرة الكورية إلى أعلى مستوياتها.
وأمام كل «استفزاز» من قبل كوريا الشمالية، تسعى كوريا الجنوبية -وأحياناً الولايات المتحدة- للرد والانتقام.
بدأ هذا في مايو (أيار) 2022، مع تولي رئيس كوريا الجنوبية الجديد يون سوك يول منصبه؛ حيث وعد بأن يكون أكثر صرامة في التعامل مع كوريا الشمالية.
ولفت يول إلى أن أفضل طريقة لوقف تهديدات كوريا الشمالية هي الرد بقوة عسكرية.
وقام رئيس كوريا الجنوبية بمناورات عسكرية مشتركة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة، احتج عليها الشمال، وأطلق مزيداً من الصواريخ. أدى ذلك إلى قيام كلا الجانبين بإرسال طائرات حربية للتحليق بالقرب من حدودهما، وإطلاق قذائف مدفعية في البحر.
وفي الأسبوع الماضي، تصاعد الموقف عندما اقتحمت 5 طائرات من دون طيار كورية شمالية المجال الجوي لكوريا الجنوبية، وفشل الجنوب في إسقاطها، ما كشف نقطة ضعف في دفاعاته، وأثار القلق بين الكوريين الجنوبيين العاديين الذين عادة ما يكونون غير منزعجين من أنشطة كوريا الشمالية.
وتعهد الرئيس الكوري الجنوبي بأن يعاقب الشمال على كل استفزازاته.
ويتوقع تشاد أوكارول، الرئيس التنفيذي لمجموعة «كوريا ريسك» التي تحلل وتراقب شؤون كوريا الشمالية، أن تؤدي هذه التوترات إلى مواجهة مباشرة بين الكوريتين في عام 2023، لافتاً إلى أن هذه المواجهة قد تؤدي إلى وقوع وفيات في صفوف الجانبين.
وأوضح قائلاً: «ردود الشمال أو الجنوب يمكن أن تتصاعد لدرجة نشهد فيها تبادل إطلاق نار فعلي، سواء كان ذلك متعمداً أو غير متعمد. خطأ واحد أو سوء تقدير يمكن أن يفاقم الوضع».
* الوضع الاقتصادي داخل كوريا الشمالية:
لقد عانى شعب كوريا الشمالية قيود إغلاق صارمة لثلاث سنوات، بسبب تفشي «كورونا». وقد أثر ذلك بالسلب على التجارة والاقتصاد، وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء.
وفي مايو 2022، اعترفت كوريا الشمالية أول مرة بظهور للفيروس على أراضيها؛ لكنها بعد أشهر فقط ادعت أنها هزمته.
فهل سيكون عام 2023 هو العام الذي تعيد فيه أخيراً فتح حدودها مع الصين، وتسمح بدخول الأشخاص والإمدادات؟
تقول راشيل مينيونغ لي: «إن إعادة فتح الحدود مع الصين تجلب الأمل في تعافي اقتصاد البلاد. ويقال إن بيونغ يانغ تقوم بتلقيح الأشخاص الذين يعيشون على طول الحدود استعداداً لهذا الأمر، ولكن الأمر ما زال غير مضمون».