الجامعة العربية: الاتفاق النووي الإيراني خطوة لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل

الشارع المصري يتخوف من أن يشجع طهران على زيادة دعمها للمتطرفين

الجامعة العربية: الاتفاق النووي الإيراني خطوة لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل
TT

الجامعة العربية: الاتفاق النووي الإيراني خطوة لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل

الجامعة العربية: الاتفاق النووي الإيراني خطوة لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل

في وقت عدت فيه الجامعة العربية على لسان أمينها العام الدكتور نبيل العربي، الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى، خطوة لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، أعرب مراقبون في الشارع المصري عن خشيتهم من أن يتسبب الاتفاق في تشجيع طهران على زيادة دعمها للجماعات المتطرفة.
وبينما أكدت السلطات المصرية أنها تتابع الأمر باهتمام، حذر عمرو موسى، المرشح الرئاسي المصري السابق، من أن يتسبب الاتفاق في إطلاق سباق للنفوذ والسيطرة على العواصم العربية، وقال إنه لا بد من العمل أيضا على إبعاد شبح الصدام الديني والمذهبي.
من جهته، أكد الدكتور العربي على أهمية الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران والدول الكبرى (5+1) حول برنامجها النووي، باعتباره خطوة أولى نحو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية. وأشار في هذا الصدد إلى أنه حان الوقت لأن يتعامل المجتمع الدولي بمعيار واحد في هذه القضية، وأن يتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، وأن يتحمل مسؤولياته بالضغط على إسرائيل لتنضم إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كدولة غير نووية، وأن تخضع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل، التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأعرب الأمين العام عن أمله في أن يسهم هذا الاتفاق المهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة على اتساعها، وبما يتيح معالجة الأزمات والتوترات القائمة في العلاقات الإقليمية والدولية.
من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية المصرية التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني تطورًا مهمًا، وقالت إنها «تتطلع إلى أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام على المستويين الإقليمي والدولي»، مضيفة أنها «تتابع باهتمام ما تم التوصل إليه من اتفاق، وتعكف حاليًا على دراسة بنوده فور الحصول على نص كامل له لدراسته، وتقييم مضمونه بدقة».
وأعرب السفير بدر عبد العاطي، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، عن الأمل في أن يكون الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين شاملا متكاملا، وأن يؤدي إلى منع نشوب سباق للتسلح في منطقة الشرق الأوسط، وإخلائها بشكل كامل من جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، وبما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، ويتفق مع بنود معاهدة منع الانتشار النووي. وفي الشارع المصري سادت أجواء من الترقب، حيث تحفظ عدد من المحللين السياسيين على الاتفاق بقولهم إن «الأمر يتطلب المراقبة والمتابعة والتنفيذ من قبل إيران، وكذلك التأكد من مدى التزامها بإطلاق سياسة جديدة في المنطقة، بعيدة عن أطماعها التوسعية والتدخل في الشأن العربي الداخلي، وتصدير المذهبية والأفكار المتطرفة التي تغذي الجماعات المتشددة».
في هذا السياق، قال السياسي المصري المخضرم عمرو موسى، الذي شغل في السابق موقع الأمين العام للجامعة العربية، إن «المعنى الاستراتيجي للاتفاق النووي الإيراني يجعل من الضرورة اعتباره خطوة أولى نحو ترتيبات إزالة كل الأسلحة والبرامج النووية العسكرية بالمنطقة، دون استثناء، بما فيها البرامج النووية الإسرائيلية، ومن هنا يكون الاتفاق مع إيران أساسيا للمنطقة كلها، وليس مجرد اتفاق ثنائي له إطار زمني لا يتجاوز عددا قليلا من السنوات ثم ينتهي بعده».
وأضاف موسى أن التهنئة واجبة للأطراف التي وقعت على الاتفاق وخصوصا إيران، وقال في هذا الشأن «هنا يجدر بنا الإشارة إلى أن المعنى الاستراتيجي لهذا الاتفاق، يجعل من الضرورة اعتباره خطوة أولى نحو ترتيبات إزالة كل الأسلحة والبرامج النووية العسكرية بالمنطقة دون استثناء»، مشيرا إلى أنه من المفترض أن يشكل هذا النجاح الدبلوماسي الإيراني انطلاقة لسياسة إيجابية وعلاقات سلمية مع الدول العربية بالمنطقة، محذرا في الوقت نفسه من أن يتسبب الاتفاق في إطلاق سباق للنفوذ والسيطرة، و«من ثمَّ إلى ظهور أفعال وردود أفعال تؤثر في سلام المنطقة واستقرارها».
وأكد موسى على أن إبعاد شبح السباق النووي الإقليمي، ولو إلى حين، يتطلب كذلك إبعاد شبح الصدام الديني والمذهبي، وكذلك محاولات السيطرة على العواصم العربية «إذا أردنا أن يكون الاتفاق النووي فاتحة لمرحلة إيجابية في المنطقة كلها»، حسب تعبيره.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».