متحور «كورونا» الصيني... هل يعيد العالم للمربع الأول في العام الجديد؟

دول العالم بدأت تضع قيوداً على الرحالات القادمة من الصين (رويترز)
دول العالم بدأت تضع قيوداً على الرحالات القادمة من الصين (رويترز)
TT

متحور «كورونا» الصيني... هل يعيد العالم للمربع الأول في العام الجديد؟

دول العالم بدأت تضع قيوداً على الرحالات القادمة من الصين (رويترز)
دول العالم بدأت تضع قيوداً على الرحالات القادمة من الصين (رويترز)

بعد ثلاث سنوات من تفشي وباء «كوفيد - 19» يبدو المشهد الوبائي عالمياً وكأنه لم يغادر اللحظة الأولى، في إشارة لمخاوف من العودة إلى «المربع الأول»، مع اتخاذ دول العالم إجراءات استثنائية، مدفوعة بالخوف من المتحور «BF.7» المنتشر في الصين. وكما فعلت دول العالم في عام 2019 لمنع انتقال فيروس «كورونا المستجد» لأراضيها، عادت لتفعل الأمر نفسه مع نهايات 2022 وبدايات 2023، خشية المتحور الذي يُسمى إعلامياً «المتحور الصيني».
وأعلنت الولايات المتحدة ودول أخرى، بينها إيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وأخيراً فرنسا، أنها ستلزم المسافرين القادمين من الصين بتقديم نتيجة سلبية لاختبار «كوفيد - 19» قبل أقل من 48 ساعة من السفر، وأعلن المغرب السبت، إجراءً أكثر تشدداً، وهو حظر دخول المسافرين القادمين من الصين إلى أراضيه اعتباراً من 3 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وأثارت هذه الخطوات حالة من القلق والتساؤلات حول مسار وباء «كوفيد - 19»، وهل أصبح العالم مهدداً بخسارة النجاحات التي تحققت خلال الأعوام الماضية، ليعود إلى المربع الأول من جديد.
وعلى الرغم من أن تصريحات مسؤولي منظمة الصحة العالمية لا تبالغ في تقييم خطر المتحور الجديد، باعتباره أحد متحورات عائلة «أوميكرون» التي تتميز بشكل عام بسرعة انتشارها، لكنها لا تسبب مرضاً حاداً يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، فإنها في الوقت نفسه تخشى ما هو أبعد من المتحور «BF.7»، وهو ظهور متحور جديد تماماً خارج عائلة «أوميكرون» تكون له سمات مثيرة للقلق. ويقول أمجد الخولي، رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع في الصين مرشح لظهور متحور جديد؛ لأن كل إصابة جديدة بالفيروس تزيد من فرص ظهور متحور جديد، ومع العدد الكبير من الإصابات في الصين - حالياً - يصبح ظهور متحور جديد، احتمالاً قائماً». وبسبب هذا الاحتمال القائم نتيجة ارتفاع أعداد الإصابات، أعلن رئيس «منظمة الصحة العالمية»، تيدروس أدهانوم، تفهمه للإجراءات التي اتخذتها دول العالم المختلفة تجاه المسافرين القادمين من الصين، لا سيما أن هناك نقصاً في المعلومات عن الوضع في الصين.
وقال في تغريدة على «تويتر»، الخميس: «في ظل عدم وجود معلومات شاملة من الصين، من المفهوم أن الدول في أنحاء العالم جميعاً تتصرف بطرق تعتقد بأنها قد تحمي شعوبها». ولكن ما لم يشر إليه رئيس المنظمة أن الوباء «انتشر في أواخر عام 2019 وبدايات عام 2020، رغم اتخاذ كل الدول إجراءات متشددة تشبه ما فعله المغرب، ذلك لأن العالم صار قرية صغيرة».
«إذا كنت تستطيع أن تضع قيوداً على مواطن قادم من الصين، فلن تستطيع أن تضعها على مواطن قادم من أي بلد آخر، بعد أن زار الصين فترة من الزمن، وحصل على العدوى هناك، ولا تظهر عليه أعراضها، أو أنها غير قابلة للاكتشاف في الاختبارات التي يتم إجراؤها، وهذه من سمات فيروس كورونا المستجد»، كما يؤكد خالد القناوي، مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بجامعة المنصورة المصرية.
ويقول القناوي لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب تكثيف إجراء تسلسل الجينوم الذي يسمح للعلماء بتحديد سلالات جديدة، على ألا يكون ذلك قاصراً على القادمين من الصين»، مشيراً إلى أن «بعض الدول مثل الهند اتخذت قراراً بإجراء التسلسل العشوائي للجينوم لـ2 في المائة من المسافرين الدوليين، وهذه نسبة كافية لالتقاط أي متغير جديد».
ويضيف أن «تنفيذ مثل هذه الاختبارات يجعل الأنظمة الصحية مستعدة لمواجهة الأسوأ، لكنه حتى لو ظهر متحور جديد، فلن يكون الوضع بالحال نفسها مع بدايات الوباء؛ لأن هناك خبرة مناعية تشكلت، ستساعد في مواجهة الفيروس».
ويتفق هلال فؤاد حته، أستاذ مساعد الميكروبيولوجيا الطبية والمناعة بكلية الطب جامعة أسيوط في جنوب مصر مع الرأي السابق، في «أن الخبرة المناعية قد تساعد في تجاوز أي مخاطر لمتحور جديد»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «جدار المناعة الهجين، الذي تم بناؤه بجرعات اللقاحات والمناعة الطبيعية نتيجة الإصابة بالمرض في وقت سابق، قد يعين في مواجهة أي متحور جديد».
ويضيف: «إلى جانب ذلك، فإن العالم كان يجرب في بدايات الوباء تقنية (الرنا مرسال) لإنتاج اللقاحات، لكن إتقان تلك التقنية الآن يسمح بتعديل سريع في تركيبة اللقاحات، كي تتلاءم مع أي متحور جديد».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».