هل باتت مفاعلات الاندماج النووي الآمنة والنظيفة قاب قوسين أو أدنى؟

إنجاز علمي باهر لأغراض عسكرية ومدنية

هل باتت مفاعلات الاندماج النووي الآمنة والنظيفة قاب قوسين أو أدنى؟
TT

هل باتت مفاعلات الاندماج النووي الآمنة والنظيفة قاب قوسين أو أدنى؟

هل باتت مفاعلات الاندماج النووي الآمنة والنظيفة قاب قوسين أو أدنى؟

منذ إعلان وزيرة الطاقة الأميركية الشهر الماضي عن نجاح علماء في مختبرات «لورنس ليفرمور الوطنية» بولاية كاليفورنيا، التابعة للوزارة، في تحقيق إنجاز علمي فائق يمثل «اختراقاً كبيراً» في تكنولوجيا الاندماج النووي، ومعظم عناوين وسائل الإعلام تبشر - بشكل غير دقيق ومضلل أحياناً - بمستقبل من الطاقة النظيفة الوفيرة التي تنتجها محطات الطاقة النووية الاندماجية.
لكن ما هو هذا الإنجاز العلمي الباهر؟ وهل حقاً يمثل علامة فارقة في مسار تطوير تقنية الاندماج النووي؟ وهل باتت مفاعلات الاندماج النووي الآمنة والنظيفة وبأسعار معقولة قاب قوسين أو أدنى، بحيث تشكل مكوناً رئيسياً – إن لم يكن المكون الرئيسي - من مزيج الطاقة النظيفة الخالية من الكربون بحلول منتصف هذا القرن، وهو المتطلب الضروري لتحقيق أهداف اتفاق باريس المناخية؟

اندماج نووي
بدايةً، من المفيد العودة للوراء والتذكير بأن العلماء اكتشفوا قبل نحو قرن أن تفاعلات اندماج أنوية ذرات خفيفة مثل الهيدروجين مع بعضها بعضاً ينتج منها أنوية ذرات أثقل مثل الهيليوم، كما أن تفاعلات انشطار أنوية ذرات عناصر ثقيلة مثل نظير اليورانيوم ينتج منها أنوية ذرات عنصرين أخف. ويصاحب كلا النوعين من التفاعلات النووية إطلاق كميات هائلة من الطاقة تعادل نحو مليون ضعف ما يطلق أثناء حرق الكميات نفسها من الوقود الأحفوري. وقبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية تمكن العلماء والمهندسون من التحكم في تفاعلات الانشطار النووي، ونجحوا في تطوير تقنياتها في البداية لغرض تصميم وصنع القنابل النووية الانشطارية. وقد استخدمت أميركا اثنتين منها لتدمير مدينتي هيروشيما وناغازاكي؛ مما عجّل في استسلام اليابان وإنهاء الحرب. ثم نجحوا في تصميم وتشييد المئات من مفاعلات الانشطار النووي لتوليد الكهرباء.
بيد أن التحكم في تفاعلات الاندماج النووي كان أكثر صعوبة. وتلك التفاعلات هي المسؤولة عن ديمومة تشغيل الشمس والنجوم لبلايين السنين داخل المجرات الكثيرة في هذا الكون العظيم. وتمكن العلماء عام 1952 - رغم الصعوبات التي واجهتهم - من تصميم وصنع قنابل نووية حرارية (تعرف بالقنابل الهيدروجينية نسبة إلى وقودها) ذات قوة تفجيرية هائلة. لكن التحدي التكنولوجي غير المسبوق الذي ما فتئ يواجه العلماء والمهندسين منذ ذلك الحين هو كيفية تطويع هذه التفاعلات على سطح الأرض في مفاعلات يتم التحكم فيها بحيث يمكن تسخيرها في توليد الكهرباء أو الحرارة وبتكلفة زهيدة للمساعدة على تلبية احتياجات العالم من الطاقة النظيفة.
ورغم جهود آلاف العلماء في عشرات المختبرات حول العالم لنحو سبعة عقود وتخطي العديد من العتبات التكنولوجية بنجاح، لكن بعض «العقبات الرئيسية» لا تزال قائمة أمام الاندماج النووي. ولم تتمكن أي تقنية حتى الآن من إنتاج قدر أكبر من الطاقة اللازمة لتشغيل مثل هذه المفاعلات.
وهناك نهجان رئيسيان تم اللجوء إليهما لمواجهة تحدي الاندماج «الاندماج المغناطيسي»، باستخدام قفص من المجالات المغناطيسية القوية لحصر وقود الاندماج المكون من بلازما الهيدروجين ونظائره الساخنة لدرجات حرارة عالية جداً (لأكثر من مائة مليون درجة مئوية كما هي في قلب النجوم)؛ أو «اندماج الحبس بالقصور الذاتي»، باستخدام أشعة الليزر النبضية القوية أو حزم الجسيمات لضغط وتسخين كريات الوقود الصغيرة على الفور.
إن إنجاز الاندماج النووي الذي أعلنته وزارة الطاقة الأميركية مهم جداً من الناحيتين العلمية والتقنية، بل وباهر حقاً؛ ففي الخامس شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي نجح فريق علماء في مرفق الإشعال الوطني (NIF) بمختبر «ليفرمور» في إحداث ما يعرف «بالاشتعال» لأول مرة في العالم في تجربة اندماج خاضعة للتحكم؛ مما يعني أنه تم إنتاج طاقة من تفاعلات الاندماج النووي في الوقود أكثر من طاقة الليزر المستخدمة لإحداث الاشتعال وإطلاق التفاعلات الاندماجية ذاتياً إلى أن تتطاير وتتلاشى بقايا الوقود.

إنجاز علمي
لكن أهمية الإنجاز لا تتعلق إلا قليلاً بفرص توليد الكهرباء تجارياً من تقنية الاندماج النووي على نطاق واسع - بعكس ما هيأت لذلك معظم وسائل الإعلام. وللتدليل على ذلك يكفي التذكير بأن إحداث انفجار صغير واحد (أو ما يسمى «بالطلقة») في هذه التجربة تم باستخدام أقوى نظام ليزر في العالم، تبلغ مساحة منشأته أكبر من ثلاثة ملاعب لكرة القدم، حيث أسفر عن إنتاج طاقة اندماج أكثر قليلاً من طاقة الليزر الذي أصاب الهدف (تكفي لتسخين كوبين من الشاي تقريباً). وكان عائد الاندماج هذا أصغر بنحو 250 مرة من كمية الطاقة الكهربائية التي احتاج إليها نظام الليزر من أجل إشعال «الطلقة». وسيحتاج مفاعل الاندماج العملي القائم على هذا النهج إلى عائد اندماج أكثر 10 - 20 مرة لكل طلقة من الكهرباء الموردة إلى الليزر، وبالتالي 2500 - 5000 ضعف عائد تجربة «ليفرمور»، وسيحتاج إلى العمل بمعدل نحو 10 طلقات في الثانية – أي ما لا يقل عن مليون طلقة في اليوم، في حين يمكن لجهاز ليفرمور الحالي إدارة طلقتين في اليوم الواحد فقط.
للتعرف إذن على حقيقة الأهمية التي يمثلها هذا الإنجاز العلمي؛ ينبغي التمعن في قول وزيرة الطاقة الأميركية بحفل الإعلان – بما معناه - إن هذا الإنجاز العلمي يمثل تقدماً مهماً للولايات المتحدة في مجالي الدفاع والطاقة. وتقديم الوزيرة الإشارة إلى الدفاع قبل الطاقة لم يأت اعتباطاً. ويعضد ذلك أن كبار المسؤولين الحكوميين الموجودين إلى جانبها في الحفل كانوا من وزارة الدفاع وليسوا من مسؤولي وزارة الطاقة. على أن الطريقة التي قدم بها هذا الاختراق والتغطية الإعلامية التي تبعته حجبت إلى حد كبير، أو أخفت عن قصد، الأثر الرئيسي لهذا الإنجاز العلمي المتمثل فيما سيوفره من دعم لبرنامج الإشراف على مخزون الأسلحة النووية الحرارية التابع للإدارة الوطنية للأمن النووي بالولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، ركزت وسائل الإعلام - حتى بعض الجادة منها - على ما ذكرته الوزارة بأن هذا الإنجاز «سيوفر رؤى لا تقدر بثمن حول آفاق طاقة الاندماج النظيف، والتي من شأنها أن تغير قواعد اللعبة للجهود المبذولة لتحقيق هدف اقتصاد خال من الكربون -» رغم أن علاقته بإنتاج الطاقة بعيدة وعرضية فقط.
وما ذكرته الوزيرة في معرض حديثها، أن هذا الإنجاز يمثل خطوة تمكن من الوصول إلى مفاعلات الاندماج النووي تجارياً «خلال سنوات» كان مضللاً، إلا أن رئيسة المختبر التي حضرت المؤتمر الصحافي أوضحت، أن الإفادة منه في تطوير تقنية الاندماج النووي وصولاً إلى مفاعلات تجارية يحتاج إلى جهود كبيرة للتغلب على عقبات فنية ‏ستستغرق نحو عقدين.
لذا؛ وبينما تمثل «تجربة ليفرمور» تقدماً حقيقياً، فإنها أقل بكثير من الأداء اللازم لمفاعل اندماج عملي. إضافة إلى ذلك، فإن فجوة الطاقة الهائلة المذكورة آنفاً لا تأخذ في الاعتبار مشكلات لم تحل بعد، مثل تلك المتعلقة بالأضرار الهيكلية الناجمة عن نيوترونات الاندماج، وتوليد وإعادة تدوير التريتيوم المشع بكفاءة وأمان.
وفي المقابل، فإن نظام الاندماج بالليزر الموجود حالياً في إحدى منشآت «مختبرات ليفرمور» مفيد جداً لوظيفة الدفاع الوطني الأقل لفتا للانتباه؛ ألا وهي دراسة فيزياء التفجيرات النووية الحرارية دون تفجير قنابل حقيقية. ومن المعروف أن تطوير الأسلحة (وخاصة النووية) يحتاج عادة إلى إجراء تجارب متعددة للتعرف على مدى فاعلية التصاميم أو التحسينات التي يدخلها المصممون، أو للتأكد من صلاحية وفعالية المخزون منها. ولأن إجراء التجارب على الأسلحة النووية أصبح محظوراً، وفقاً للقانون الأميركي منذ عام 1996 (ووفقاً لمعاهدة حظر التجارب الشاملة التي وقّعتها 196 دولة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد)، فقد لجأ العلماء إلى اختبار مدى صلاحية وفاعلية مخزون الأسلحة النووية بعمليات محاكاة في نماذج رياضية معقدة باستخدام حواسيب فائقة السرعة. لكن مهما بلغت فاعلية تلك النماذج، فإنها تبقى أقل مما يمكن التحقق منه في تجربة عملية في الطبيعة. ومن هنا جاء اهتمام وزارة الدفاع الأميركية بإمكانية استخدام تقنية الاندماج النووي باستخدام الليزر لهذا الغرض. وقامت الوزارة بدعم وتمويل تطوير هذه التقنية الباهظة التكاليف عبر نحو ثلاثة عقود رغم أنها أقل واعدية للطاقة من تقنية النهج المغناطيسي للاندماج.
وفي الواقع تم الإعلان عن عدد من الاختراقات الفيزيائية والتكنولوجية المهمة في تجارب النهج المغناطيسي للاندماج في الأشهر الأخيرة، وهو النهج الذي لجأت إليه معظم الدول المتقدمة لكونه أقرب بكثير من نهج الاندماج بالليزر لتحقيق هدف توليد الكهرباء. ويجري حالياً تشييد المفاعل النمطي العالمي الذي تساهم فيه دول كثيرة منها الولايات المتحدة. ‏ومن المتوقع بناء مفاعل نمطي شبه تجاري باستخدام هذه التقنية في العقد المقبل. وهناك شركات خاصة أنشئت بهدف تطوير تصاميم متعددة لمفاعلات الاندماج النووي بنهجيها والاستفادة منها تجارياً، حيث حصلت هذه الشركات على تمويل بمليارات الدولارات من كبار المستثمرين وصناديق المخاطرة. وقد ينجح بعضها في إنتاج الكهرباء تجارياً قبل منتصف القرن، إلا أن العقبات الإضافية التي يجب التغلب عليها من أجل الوصول إلى مفاعل اندماج مغناطيسي عملي ما زالت هائلة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.