جهاز صغير بنظام ذكاء صناعي لتصحيح وضعية الجلوس

«كاوست» تطوره لتجنب آلام الرقبة والظهر

باحثون في تطوير الجهاز الجديد
باحثون في تطوير الجهاز الجديد
TT

جهاز صغير بنظام ذكاء صناعي لتصحيح وضعية الجلوس

باحثون في تطوير الجهاز الجديد
باحثون في تطوير الجهاز الجديد

قد تداهمك آلام في الرقبة أو الظهر لدى الجلوس طويلاً إلى كومبيوترك أو عند تصفح هاتفك الشخصي، وقد تساعد أغطية الرأس الذكية التي تراقب وضعية الجلوس في تخفيف هذه الآلام.

آلام الرقبة والظهر
تقول الأبحاث إنّ عنق الشخص يكون مرفوعاً بزاوية 45 درجة في أثناء الكتابة على الهاتف، مما يمثل ضغطاً هائلاً على أربطة العمود الفقري والعضلات الأخرى. ونلاحظ عند موظفي المكاتب مثلاً أنهم، وبمجرد ظهور آلام الرقبة والظهر تدريجياً لديهم، يتنبهون إلى ضرورة تعديل وضعية الجلوس، وبسط العضلات.
في عام 2018 زار الدكتور علي مقبل، من «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)»، وعلى هامش لقاء قصير أجراه مع الدكتور طارق النافوري، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في «كاوست»، دار بين الاثنين حديث قصير حول الحلول المقترحة لجهاز يمكن ارتداؤه لمراقبة وضعية الجلوس.
يعقّب النافوري: «وضع الرأس يكشف الكثير عن وضعية جلوس الشخص، لذلك بدأنا في استكشاف جهاز يمكن ربطه بالعقال السعودي؛ كمثال».
ولتطوير الفكرة، انضم الدكتور أحمد بدر، وهو زميل أبحاث في «كاوست» والذي يمتلك سجلاً حافلاً في تسويق التقنيات الجديدة، إلى الدكتور مقبل والدكتور النافوري، بالإضافة لانضمام بعض المواهب الشابّة من جامعة الملك عبد العزيز في جدّة، الذين سبق أن تلّقوا تدريبهم في «كاوست».
يشرح بدر؛ الذي كان مشرفاً على المشروع ومراقباً له: «عندما تعمل في فريق صغير؛ فإن انضمام عضو واحد جديد يعد استثماراً كبيراً، خصوصاً أنّ الخريجين الثلاثة في جامعة الملك عبد العزيز أظهروا حماساً ومثابرة، وقدرة على التعلم؛ لذلك فهم إضافة عظيمة للمشروع».
حصد المشروع منحة «تسريع التأثير» من «كاوست» للبدء في العمل، وبمعونة من خبرة بدر التجارية، وخبرة النافوري في الإلكترونيات، نجح الفريق في تحويل الجهاز القديم الذي اتسم بكبر الحجم وتصميمه غير الجذاب، إلى جهاز صغير يمكن لصقه بشكل سريّ تماماً على أي غطاء رأس مثل العقال أو الوشاحات أو النظّارات أو سماعات الرأس.

توظيف الذكاء الصناعي
يعقّب بدر: «الفريق تمسّك تماماً بتصميمه الأصلي، لكنّه كان مُكلّفاً، وصعّب مهمة طرحه بالأسواق، لذلك كان عليهم كثير من العمل التقني الشاق لتقليص حجمه». وعن طريقة العمل؛ فإنه يوجد داخل الجهاز مستشعر يراقب زاوية ومدّة إمالة الرأس، ثم يرسل هذه البيانات لتطبيق إلكتروني يستخدم الذكاء الصناعي لتقييم وضعية جلوس المستخدم. وإذا كانت الوضعية غير سليمة، فان التطبيق يحذّره ، ويمدّه بتمارين مناسبة للمساعدة على تخفيف الألم، وتقليل مخاطر الإصابة في المستقبل.
وعمل محمد شكري الاستشاري الفني للفريق بعد انتهاء تدريبه في «كاوست» في عام 2020، على خوارزميات اكتشاف وضعية الجلوس والتطبيق الإلكتروني، أثناء دراسة تفاصيل تسويق المنتج التقني.
يقول شكري: «علّمتني بيئة الأعمال الناشئة في (كاوست) كيفية اجتياز عقبة التمويل والوصول إلى آفاقٍ تجاريّة جديدة، إلى جانب المساهمة في حلِّ التحديّات الهندسية».
وعدّت ماريا بامخرمة؛ أحد أعضاء الفريق البحثي، أنَّ إشراكها في المرحلة المبكّرة من تطوير المنتج منحها خبرة قيّمة وفريدة، وتقول: «العمل في (كاوست) أتاح لي الخروج من المنطقة الآمنة، حيث واجهنا العديد من العقبات الفنيّة أثناء إعداد المستشعر، ولكن العمل المشترك كان يولد حلولاً دائماً».
وواجه الفريق تحديّات إضافية أثناء محاولات الحصول على مكوّنات مناسبة بأسعار زهيدة، ولكن بمساعدة صفوان إبراهيم؛ طالب مرحلة الدكتوراه في «كاوست»، تمكن الفريق من الحصول على التمويلات والمصادر التي كانت صعبة المنال في السابق.

علاج طبيعي
ي غضون عامين قاد الشباب الثلاثة المشروع، وأسسوا شركتهم الناشئة باسم «قوام» في 2021 لتسويق منتجهم، والتي تشير إلى الاتزان الصحّي. ويختبر نحو 20 مستخدماً الجهاز، الذي صُمّم خصيصاً لموظّفي المكاتب، بشكل تطوعي لتقديم تقييم بشأنه، حيث يأمل الفريق إطلاقه في وقت قريب.
لم تنته رحلة «قوام» بعد، حيث لا تزال أمامهم أسواق محتملة لاكتشافها، مثل هواة الألعاب، والسائقين، والأطفال الصغار الذي يقضون غالبية أوقاتهم أمام الشاشات الصغيرة.
يعلّق بدر: «يمكننا خوض غمار المغامرة في التأهيل والعلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل الشخصي أيضاً. سيكون من الرائع رؤية التقنية توضع في مكانها الصحيح».
رغم إسهاماتهم الملحوظة، لم يكن بدر والنافوري أصحاب مصلحة في المشروع؛ إذ يتمثّل عائدهم الاستثماري في «الفخر بما يمكن لهؤلاء المهندسين الشباب تحقيقه حتى الآن، وما يمكنهم تحقيقه في المستقبل».
يختم النافوري بالقول: «لا يعدّ ذلك تطبيقاً آخر فقط؛ لكنّه مزوّد بملحق أيضاً، حيث إنّ تضافر الجهود لاختراع منتج مادّي يعدّ شيئاً رائعاً».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».