واشنطن تسعى إلى الإفراج عن خمسة معتقلين بغوانتانامو

مقابل الإفراج عن جندي أميركي لدى طالبان

واشنطن تسعى إلى الإفراج عن خمسة معتقلين بغوانتانامو
TT

واشنطن تسعى إلى الإفراج عن خمسة معتقلين بغوانتانامو

واشنطن تسعى إلى الإفراج عن خمسة معتقلين بغوانتانامو

تسعى إدارة الرئيس أوباما إلى إحياء محادثات مع حركة طالبان الأفغانية لتبادل سجناء بين الجانبين. وتحاول الإدارة الأميركية خلال المحادثات الإفراج عن الجندي الأميركي بيوي بيرغدال (27 سنة) المعتقل لدى الحركة مقابل الإفراج عن خمسة سجناء من طالبان محتجزين في معتقل غوانتانامو بكوبا.
وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» أمس إلى أن مسؤولين كبارا من البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية، وغيرها من الوكالات، تباحثوا في اتخاذ خطوات خلال الشهر الماضي للإفراج عن السجناء الخمسة من حركة طالبان رغم أن عرض تبادل السجناء بين الجانبين لم يجرِ الإعلان عنه رسميا.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مفاوضات جرت العام الماضي بين طالبان والإدارة الأميركية حيث عرضت طالبان الإفراج عن الجندي الأميركي المعتقل لديها منذ أربع سنوات مقابل دفع مليون دولار والإفراج عن 21 من السجناء الأفغان في معتقل غوانتانامو، لكن إدارة أوباما رفضت الاقتراح وأعلنت أن سياسة الولايات المتحدة تعتمد منذ فترة طويلة على عدم التفاوض مع الإرهابيين. وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن إدارة أوباما تحولت من معارضة المفاوضات المباشرة مع حركة طالبان إلى السعي لعقد اجتماعات سرية كثيرة مع الحركة في مناطق بالشرق الأوسط وألمانيا، لكن تلك الاجتماعات لم تسفر عن إنجازات حقيقية. وأوضحت أن ممثل الولايات المتحدة الخاص لأفغانستان وباكستان جيمس دوبنز سيرأس وفد استئناف المفاوضات في حال أعلنت طالبان استعداها للتفاوض مرة أخرى. وقد بدأت المحادثات بين طالبان وإدارة الرئيس أوباما في عام 2012 في الدوحة بعدما افتتحت حركة طالبان مكتبا لها في قطر لكنها عادت وأغلقت المكتب بعد يومين من افتتاحه في يونيو (حزيران) 2012 بسبب خلافات حول العلم الذي ترفعه طالبان على المبنى.
وسيجري نقل السجناء الخمسة التابعين لحركة طالبان والمحتجزين في غوانتانامو منذ سنوات إلى سجن آخر في قطر مقابل إطلاق سراح بيرغدال الذي أسر في أفغانستان عام 2009، ويعتقد أن شبكة حقاني تحتجزه في باكستان. ولإضفاء مزيد من الفاعلية على العرض الأميركي المطروح على الطاولة منذ سنتين، عرض مسؤولون في البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية ووكالات أخرى الشهر الماضي بدء إطلاق سراح المعتقلين الخمسة دفعة واحدة. وكان ممثلو طالبان قد اعترضوا على الخطة السابقة للإفراج عن السجناء لكل واحد على حدة أو في مجموعات تتكون كل منها من سجينين، لاختبار قدرة الوسطاء القطريين على التأكد من عدم عودة المعتقلين إلى حمل السلاح. وقد أكد شخصان مطلعان على القرار أن طالبان هي التي أوقفت المفاوضات قبل سنتين تقريبا، وأن الباب الأميركي للمفاوضات مفتوح منذ ذلك الحين.
ونقلت الصحيفة، على لسان مسؤولين أميركيين على دراية بالقرار الأميركي، أن حركة طالبان رفضت التفاوض في الوقت الذي كانت فيه الإدارة الأميركية مستعدة لإجراء المحادثات، وأشارا إلى أن مساعي التفاوض لا تتضمن أي مفاوضات في قضايا أخرى تتعلق بمستقبل أفغانستان.
وتأتي المساعي الأميركي لإجراء محادثات مع حركة طالبان في أعقاب رفض الرئيس الأفغاني حميد كرزاي توقيع اتفاقية أمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة التي جرى الاتفاق عليها خلال العام الماضي. وتوفر الاتفاقية الأسس القانونية لبقاء قوات أميركية في أفغانستان في مهام لتدريب القوات الأفغانية وكمستشارين بعد انتهاء المهمة القتالية للقوات الدولية لحلف شمال الأطلسي التي تنهي عملها في ديسمبر (كانون الأول) 2014.
وكان المسؤولون الأميركيون يعلقون آمالا أن يجري استخدام محادثات تبادل الأسرى وسيلة لبناء جسور الثقة بشكل أكبر بين الطرفين، وأن تشارك فيها أيضا الحكومة الأفغانية، لكن يبدو أن الآمال الأميركية انحسرت في الإفراج عن الجندي المعتقل.
وأكد المتحدث باسم البنتاغون الأدميرال جون كيربي أن المسؤولين الأميركيين حريصون على تأمين الإفراج عن الجندي الأميركي بيرغدال الذي اعتقلته حركة طالبان قرب قاعدة أميركية في ولاية باكتيكا قرب الحدود مع باكستان التي تعد معقل حركة طالبان. وقال كيربي خلال المؤتمر الصحافي للبنتاغون: «نريد إعادته ولن نتوقف عن المحاولات لتحقيق ذلك».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي إنها لا تستطيع مناقشة تفاصيل جهود الولايات المتحدة واكتفت بالقول إنه «ينبغي ألا يكون هناك شك في أننا نعمل كل يوم من خلال الجيش والاستخبارات والأدوات الدبلوماسية لمحاولة إعادة الرقيب بيرغدال سالما».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.