لولا يبدأ ولاية جديدة رئيساً للبرازيل بتحديات الفقر والاقتصاد

أم تقف في مدخل منزلها وهي تحمل طفلها الرضيع وحولها أطفالها الستة في برازيلينديا أحد أفقر أحياء ساو باولو في البرازيل (أ.ب)
أم تقف في مدخل منزلها وهي تحمل طفلها الرضيع وحولها أطفالها الستة في برازيلينديا أحد أفقر أحياء ساو باولو في البرازيل (أ.ب)
TT

لولا يبدأ ولاية جديدة رئيساً للبرازيل بتحديات الفقر والاقتصاد

أم تقف في مدخل منزلها وهي تحمل طفلها الرضيع وحولها أطفالها الستة في برازيلينديا أحد أفقر أحياء ساو باولو في البرازيل (أ.ب)
أم تقف في مدخل منزلها وهي تحمل طفلها الرضيع وحولها أطفالها الستة في برازيلينديا أحد أفقر أحياء ساو باولو في البرازيل (أ.ب)

يبدأ الرئيس البرازيلي اليساري لولا، الأحد، ولاية ثالثة مليئة بالتحديات تتمثل بجمع بلد مقسوم وإعادته إلى تجمعات الأمم ومحاربة الفقر والجوع باقتصاد منهك، بعدما أصبحت حكومته جاهزة لبدء العمل.
«مهمة جبارة» تنتظر لويز إيناسيو لولا دا سيلفا على رأس دولة كبرى ناشئة تعد 215 مليون نسمة، كما قال نائبه جيرالدو ألكمين.
بحسب فريق لولا الانتقالي، فإن أربع سنوات من «الإدارة غير المسؤولة» تحت قيادة جاير بولسونارو تركت البرازيل في حالة يرثى لها: «نقص» في المواد و«عودة إلى الوراء» في العديد من القطاعات: السياسية والاجتماعية والتعليم والصحة والبيئة.
تعهد لولا بأن يجعل «البرازيل سعيدة مجدداً»، وهو يستعد لتولّي الحكم في بلاد يتعيّن عليه أن يرضي 58 مليوناً من ناخبيها الذين لم يقترعوا لصالحه.
إدانته بتهم الفساد، التي تمت تبرئته منها في مرحلة لاحقة، جعلت منه منبوذاً من قبل قسم كبير من البرازيليين، وأبقت الانتخابات تنافسية حتى الرمق الأخير. ففي حين يحتفظ الكثير من البرازيليين بذكريات طيبة عن الازدهار الاقتصادي في الولايتين الأوليين للولا 2003 و2010، اختار غيرهم التصويت لصالحه لمجرد إخراج بولسونارو من الحكم.
وانتهت الانتخابات بفارق ضئيل بين الرجلين؛ إذ نال لولا 50.9 في المائة من الأصوات، مقابل 49.1 في المائة للرئيس المنتهية ولايته.
في حال أخذ بنصيحة فريقه الانتقالي، ستتصدر أولويات لولا قضايا مثل وضع حد للتدمير البيئي الذي ازدهر في عهد سلفه ذي التوجهات القريبة من عالم الأعمال، وتحسين نظام التعليم الذي يعاني من نقص التمويل، ومواجهة غياب العدالة العرقية.
ويرى الفريق الانتقالي للولا أن البلاد «فقدت ألقها» دولياً خلال الأعوام الأربعة الماضية. وتدين برازيليا بزهاء مليار دولار كمساهمات غير مدفوعة لمنظمات منها الأمم المتحدة.
ويمكن للولا أن يعوّل على «كاريزما» شخصية على الصعيد الدولي، إذ يحظى بتقدير واسع النطاق، ووصفه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بأنه «السياسي الأكثر شعبية على وجه الأرض». يتوقع المجتمع الدولي من لولا خطوات جدية في مجال المناخ والبيئة؛ أولاها تعزيز حماية غابات الأمازون.
وتعهد الرئيس الجديد في مؤتمر الأطراف للمناخ «كوب 27» في نوفمبر (تشرين الثاني) بالقيام «بكل ما يجب» لتصفير نسبة التصحر ووضع حد لتدهور النظام البيئي بحلول عام 2030.
إلا أنه يحتاج من أجل تحقيق ذلك إلى تنشيط هيئات الرقابة التي تراجع دورها في عهد بولسونارو، ووقف القطع غير القانوني للأشجار ونشاطات التعدين، بشكل لا يثير حفيظة اللوبي الداعم للأعمال الزراعية، وهو حليف رئيسي لسلفه.
وسيكون الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبرازيل تحدياً أساسياً للولا الذي أكد أن أولويته هي «الاهتمام بالأكثر فقراً».
وفي خطوة أولى قوبلت بالترحيب، وافق الكونغرس مؤخراً على تعديل دستوري يتيح للولا تمويل وعوده الانتخابية، على الأقل لفترة عام.
وعلى الرغم من السقوف المفروضة على الإنفاق العام، تتيح الخطوة للولا زيادة ما يعرف باسم «بولسا فاميليا»، وهي عبارة عن مساعدة اجتماعية للأسر الأكثر فقراً، إضافة إلى الحد الأدنى للأجور.
ويعاني نحو 125 مليون برازيلي غياب الأمن الغذائي، بينما يعاني 30 مليوناً الجوع، علماً بأن الرقم الأخير يوازي عدد أولئك الذين ينسب إلى لولا فضل انتشالهم من الفقر خلال ولايتيه.
ويقول الباحث في مؤسسة جيتوليو فارغاس جولسون سامبايو، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، إن قيود الميزانية «ستكون التحدي الأكبر للولا خلال السنوات المقبلة»، إذ يتعيّن عليه «زيادة الإنفاق دون أمل (بزيادة) الإيرادات الموازية والسعي لعدم رفع الضرائب».
وتخشى الأسواق أن يخرج الدين العام عن السيطرة في عهد الرئيس اليساري، والذي يمثّل حالياً 77 في المائة من الناتج المحلي.
ويرى أليكس أغوستيني، كبير الاقتصاديين لدى شركة أوستن للتصنيف، أن «على الإدارة الجديدة أن تقترح إطار عمل ناجعاً لضبط الميزانية»، بهدف «تفادي فقدان الثقة الذي سينعكس تأثيره على الاقتصاد».
كما سيكون على لولا، العامل السابق في مجال الحديد وبطل الطبقة العاملة في نظر كثيرين، الإبقاء على النسق التراجعي لنسبة البطالة البالغة حالياً 8.3 في المائة، وهي الأدنى منذ 2015.
كما يتعيّن على مَن شكّلت المخاوف الاقتصادية دافعاً أساسياً لانتخابه، إبقاء التضخم تحت السيطرة حتى في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وفق أغوستيني.


مقالات ذات صلة

الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

الرئيس البرازيلي ينتقد {صندوق النقد} وهيمنة الدولار

التقى الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، نظيره الصيني شي جينبينغ، في بكين، الجمعة، على أمل تعزيز العلاقات بينهما، بعد أن انتقد بشدة صندوق النقد الدولي وهيمنة الدولار الأميركي. وكان الرئيس اليساري لولا (77 عاماً) صرح في شنغهاي، الخميس، بأن البرازيل «عادت إلى الساحة الدولية»، مؤكداً بذلك سعيه إلى طي صفحة العزلة في عهد سلفه اليميني المتطرف جايير بولسونارو. وبدأ لولا رحلته في شنغهاي لحضور حفل تنصيب الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف (2011 - 2016) على رأس «بنك بريكس»، حيث يوجد مقره.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أميركا اللاتينية أبقار في إحدى المزارع بولاية ماتو غروسو وسط البرازيل (رويترز)

البرازيل تعلن أن حالة جنون البقر المكتشفة لديها «غير نمطية»

قالت وزارة الزراعة البرازيلية يوم الخميس إن حالة إصابة مؤكدة بمرض جنون البقر اكتُشفت في البلاد الشهر الماضي «غير نمطية»، مضيفة أنها ستعمل على رفع تعليق استيراد لحوم الأبقار الذي سارعت عدة دول في آسيا بفرضه. ويشكل تعليق الصادرات خطرا كبيرا على قطاع الثروة الحيوانية المهم في البرازيل، وهو أحد أكبر القطاعات في العالم. وأشارت وزارة الزراعة في بيان إلى تحليل أجرته المنظمة العالمية لصحة الحيوان وأكد الحالة غير العادية للإصابة. وأضافت الوزارة أنها ستحدد موعدا لعقد اجتماع عبر الإنترنت مع المسؤولين الصينيين لمناقشة استئناف صادرات لحم البقر لبلدهم.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)
أميركا اللاتينية البرازيل أوقفت صادرات لحوم البقر إلى الصين للوفاء بشروط اتفاقية تجارة (رويترز)

بسبب «جنون البقر»... عدة دول تحظر لحوم الأبقار البرازيلية

قالت وزارة الزراعة البرازيلية، أمس (الخميس)، إن إيران والأردن وتايلاند أوقفت مؤقتاً استيراد لحوم الأبقار من البلاد، بينما تحقق السلطات في حالة إصابة بجنون البقر من ولاية بارا، وفقاً لبيان أرسل إلى وكالة «رويترز». كما أكدت الوزارة أن روسيا أوقفت الواردات من ولاية بارا، بعد اكتشاف حالة الإصابة بمرض جنون البقر هناك. وقالت الوزارة إن إيران والأردن وتايلاند «أوقفت مؤقتاً واردات لحوم البقر من جميع أنحاء البرازيل، وفرضت روسيا حظراً على لحوم البقر المصدرة من بارا». وبالإضافة إلى ذلك، أوقفت البرازيل صادرات لحوم البقر إلى الصين للوفاء بشروط اتفاقية تجارة. وذكرت الوزارة أنه لا يوجد سوى مصنع واحد لتعليب ا

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية شرطي يجمع بعض الحطام من مبنى المحكمة العليا في برازيليا (أ.ف.ب)

البرازيل بعد «هجوم برازيليا» والمهمة الصعبة للرئيس الجديد - القديم

<div class="rtejustify">ليس مفاجئاً على الإطلاق عقد مقارنات بين ما حصل في البرازيل من اقتحام لمقرات الحكم الفدرالي في العاصمة برازيليا يوم الثامن من يناير (كانون الثاني) 2023 واقتحام الكونغرس الأميركي في واشنطن يوم السادس من يناير 2021، فالطيف الطاغي في الحدثَين واحد: رئيس مثير للجدل يرفض التسليم بخسارته الانتخابات وترك خلفه يحكم وفق الأصول الديمقراطية ومبدأ تداول السلطة... ولعل الفرق بين الواقعتين هو أن المقتحمين في الأولى كانوا مجموعة من «المحترفين» المنتمين بشكل أساسي إلى مجموعة «براود بويز» (وتعني الأولاد الفخورين) اليمينية المتطرفة المقتصرة عضويتها على الذكور والمؤمنة بالتفوق العرقي، فيما كان المقتحمون البرازيلي</div>

أنطوان الحاج
أميركا اللاتينية تعتزم البرازيل شراء أكبر كمية ممكنة من الديزل من روسيا (رويترز)

البرازيل «تنهل» من الديزل الروسي رغم العقوبات

تعتزم البرازيل شراء أكبر كمية ممكنة من الديزل من روسيا، على ما أعلن وزير خارجيتها كارلوس ألبرتو فرنكو مساء الثلاثاء، رغم العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. ويأتي هذا التصريح عقب إعلان الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو عن اتفاق «يكاد أن يكون» وشيكاً مع روسيا بهذا الصدد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
TT

ريو دي جانيرو تحت تدابير أمنية مشددة بمناسبة «قمة العشرين»

جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)
جنود برازيليون يقفون أمام مدرعة قرب مكان انعقاد قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (رويترز)

بمناسبة انعقاد قمّة «مجموعة العشرين»، تحوّلت ريو دي جانيرو القلب النابض بالسياحة وعذوبة الحياة في البرازيل إلى حصن خاضع لحماية مشدّدة في ظلّ انتشار الشرطيين والعسكريين بكثرة وكاميرات المراقبة بالآلاف.

وتستقبل «المدينة الرائعة» قادة العالم الذين يجتمعون الاثنين والثلاثاء في مقرّ متحف الفنون الحديثة في قلب واحة خضراء تطلّ على جبل باو دي أسوكار الشهير. لكن ريو المعروفة بشواطئها ومناظرها الطبيعية الخلّابة بين المحيط والجبل، لم تسلم من شرّ أعمال العنف. وخلال النصف الأوّل من العام، شهدت ثاني المدن البرازيلية الأكثر تعداداً للسكان 1790 جريمة قتل على الأقلّ، أي ما يعادل جريمة واحدة كلّ ساعتين ونصف الساعة، بحسب معطيات مجموعة «مونيتور دا فيولنسيا».

ويعدّ تنظيم حدث من هذا القبيل في قلب ريو «تحدّيا بالفعل»، حسبما أقرّ رئيس اللجنة البلدية المنظمة لقمّة العشرين لوكاس باديليا.

واستند الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى مرسوم حول ضمان إنفاذ القانون والنظام الذي يسمح بحشد الجيش في ظروف أمنية استثنائية. ونشر نحو 25 ألف جندي وشرطي في أنحاء المدينة كافة، بما في ذلك في الموانئ والمطارات. وتمركزت مركبات عسكرية مدرّعة في محيط متحف الفنون الحديثة على مقربة من وسط المدينة. ويقع المتحف بالقرب من مطار سانتوس دومونت المستخدم عادة للرحلات الداخلية الذي أغلق خلال القمّة الممتدّة على يومين.

ونُشر أكثر من 5 آلاف كاميرا لمراقبة الشوارع، فضلاً عن مسيرّات ومروحيات. وتبرز هذه الآلية الأمنية بشدّة بالقرب من الفنادق، حيث تقيم الوفود المقدّر عددها بنحو خمسين، التي تنطلق منها المواكب الرسمية. ويتألّف موكب الوفد الصيني الذي نزل في فندق عند سفح تلّة مطلّة على المحيط من 25 مركبة على الأقلّ. وتتولّى سفن تابعة للقوّات البحرية مراقبة الشاطئين الأكثر شهرة في ريو؛ كوباكابانا وإيبانيما، اللذين قُيّد النفاذ إليهما.

وبغية تيسير حركة السير في المدينة التي تضمّ 6 ملايين نسمة، أعلنت البلدية يومي انعقاد القمّة، الاثنين والثلاثاء، عطلة رسمية.

وبات للسكان ستة أيام عطلة على التوالي، إذ إن الجمعة 15 والأربعاء 20 نوفمبر (تشرين الثاني) هما أصلاً من العطل الرسمية. وأغلقت المؤسسات الإدارية والمصارف والمدارس أبوابها، في حين تبقى الحانات والمطاعم مفتوحة بمناسبة الحدث. وحذّر رئيس البلدية إدواردو باييس من أن «ريو لن تشهد فترة طبيعية»، داعياً السكان إلى «التعاون».