اعتداءات الحوثيين على المحامين تفتح جولة من المواجهة بين الطرفين

جانب من اجتماع المحامين اليمنيين في صنعاء قبل أن تفضه الميليشيات الحوثية (تويتر)
جانب من اجتماع المحامين اليمنيين في صنعاء قبل أن تفضه الميليشيات الحوثية (تويتر)
TT

اعتداءات الحوثيين على المحامين تفتح جولة من المواجهة بين الطرفين

جانب من اجتماع المحامين اليمنيين في صنعاء قبل أن تفضه الميليشيات الحوثية (تويتر)
جانب من اجتماع المحامين اليمنيين في صنعاء قبل أن تفضه الميليشيات الحوثية (تويتر)

فتحت الاعتداءات الحوثية على المحامين اليمنيين إلى جانب الفساد في السلطة القضائية التابعة للجماعة جولة جديدة من المواجهات بين الطرفين، زادت من حدتها مداهمة عناصر مخابرات الميليشيات اجتماعاً موسعاً لأعضاء النقابة وإغلاق مقرها واعتقال بعض منتسبيها وفض الاجتماع الذي كان مكرساً لمناقشة كيفية التعامل مع الانتهاكات التي يتعرض لها المحامون.
وذكر ثلاثة من المحامين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه قبل الاجتماع الموسع لأعضاء النقابة قبل يومين، قام اثنان من المحامين المنتسبين إلى السلالة الحوثية وهم أكرم الجيلاني وعبد الإله المهدي، مسنودين بعناصر مخابراتية مسلحة بإغلاق مقر النقابة في وجوه المحامين جميعاً، وعندما حضر نقيب المحامين عبد الله راجح ووجّه بفتح النقابة سرعان ما تمت محاصرة المكان من قبل العربات الأمنية التي كانت موجودة قرب المكان وقاموا باعتقال مجموعة من أعضاء النقابة ونقلهم إلى جهة غير معروفة.
ووفق ما قاله المحامون، فإنه وبعد اتصالات جرت بين نقيب المحامين ورئيس مجلس القضاء الحوثي وكذلك رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط ومدير مكتبه أحمد حامد الحاكم الفعلي لحكومة الانقلابيين في صنعاء، اتفق الطرفان على رفع اللقاء الموسع وتأجيل انعقاده بعد تعهد رئيس مجلس القضاء الحوثي بإنصاف المحامين ومعالجة شكاواهم.
وفي كلمة قصيرة لنقيب المحامين أمام المجتمعين أكد على وجوب تطبيق القانون من القضاء والنيابة العامة في سبيل تحقيق العدالة بحيادية وبعيداً عن أي عمل سياسي، وأعلن تعليق اللقاء الموسع بانتظار ما سيسفر عنه الاجتماع مع مجلس القضاء، لكنه أكد على التصعيد في اعتصام مفتوح في حال عدم تنفيذ مطالب النقابة، كما طالب بإقالة النائب العام الحوثي ورئيس هيئة التفتيش القضائي التابع للجماعة «لعجزهما عن القيام بواجباتهما القانونية وتواطؤهما الصريح والواضح في استهداف المحامين ونقابتهم، وكونهم مظلة للفســاد والمفسدين».
ووزعت النقابة قائمة بالانتهاكات التي تعرض لها المحامون، وأكدت أن النيابة والمحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة «أصبحت سيفاً مصلتاً على المحامين» واعتبرت ذلك «مؤشراً ينم على إرهاب المحامين» بإحالتهم إلى الجزائية المتخصصة لمجرد اعتراض أحدهم على أي من إجراءات بعض القضاة أو أعضاء النيابة في إطار القانون.
ووفق ما جاء في تلك القائمة فإن غرور وشطحات بعض القضاة وصلت حد إحالة المحامين إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بزعم قيامه برفع صوته، ورأت النقابة في هذا التصرف توجهاً لمنع المحامين عن الكلام، وأنه إذا أراد أحدهم الحديث فإن عليه الهمس في أذن القاضي دون أن يسمعه أحد مع أن مهنته تفرض عليه أن يرفع صوته ليسمعه القاضي وكل من في القاعة.
ورأت النقابة أن ما يزيد الأمر «فساداً وإرهاباً للمحامين» هو «تواطؤ مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي (الخاضع للانقلابيين الحوثيين) مع الانتهاكات والاعتداءات التي تطول المحامين والمحاميات» رغم البيانات والخطابات التي تصدرها النقاب، مشيرة إلى أن عدم الاهتمام والتجاوب مع مطلبها يوحي كأن «الأمر ممنهج باستهداف شريحة المحامين».
وتناولت قائمة الانتهاكات عملية التفتيش «المهين للمحامين في بوابات النيابة والمحكمة الجزائية المتخصصة» والتعامل مع المحامين والمحاميات من قبل الشرطة القضائية بصورة سيئة، وتعنت، ومنعهم من حمل الهواتف الشخصية، مع أن الإداريين والأدنى درجة مسموح لهم الدخول بهواتفهم وأسلحتهم.
وذكرت نقابة المحامين في صنعاء أن المحكمة والنيابة الجزائية الحوثية تمنعان على المحامي حمل أكثر من قلم واحد، وتشترط أن يكون جافاً، كما تمنع عليهم حمل زجاجات المياه والنظارات الشمسية «وتسلك الكثير من التصرفات المستفزة والمقززة»، على حد تعبير النقابة.
وتحدثت النقابة عما سمتها ظاهرة جديدة تتعرض خلالها المحاميات للتفتيش وسوء المعاملة والإهانة من بعض عناصر الشرطة النسائية في بعض المحاكم والنيابات، وقالت إنها ناشدت في عدة بيانات بمنع تفتيش المحاميات أو الإساءة إليهن بالقول أو بالفعل «ولكن لا جدوى ولا مجيب ولا أخلاق».
وبحسب النقابة فإن المحامين يتعرضون للحبس، والطرد من القاعات، ويمنعون من الترافع، ويتعرض بعضهم للسب والشتم، والغرامات الجزافية خارج القانون.
وأوضح بيان النقابة أن الكثير من القضاة الحوثيين في المحاكم الابتدائية يتعمدون ترك إدارة قاعة الجلسات للشرطة القضائية التي كثيراً ما تحتك مع المحامين والمحاميات والمواطنين وأخذ هواتفهم، وابتزازهم تحت مسمى غرامات.
واتهمت النقابة بعض القضاة «بتوجيه الأطراف أو الإيعاز لهم بتغيير المحامي» خلافاً للقانون، وخلافاً لإرادة الموكل، ورجحت أن يكون ذلك مرتبطاً بـ«أسباب أو مصلحة شخصية»، وذكرت أن بعض القضاة ولأسباب عنصرية يمنعون المحامين من الترافع أمامهم في حال اختلف محامٍ مع أحد القضاة.
ومع تأكيد النقابة أن هناك «الكثير والكثير من الفساد والعبث والطغيان داخل المحاكم والنيابات»، فقد قالت إن بعض القضاة يعقدون أكثر من جلسة في نفس الوقت وبشكل عشوائي تاركين إدارة الجلسة لأمناء السر بما فيها تحديد القرارات» وأن هناك أمناء سر محاكم يعقدون جلسات ويستمعون لأطراف النزاع قبل حضور القاضي، كما أن بعض القضاة يشكلون «شلة» مع بعضهم البعض من خلال تبنيهم لبعض القضايا ومتابعتها لدى بعضهم البعض، وتكليف بعضهم البعض مثل قضايا القسمة والتركات.
واتهمت نقابة المحامين اليمنيين في صنعاء بعض القضاة بالاحتفاظ بمتعاونين من الخبراء كالمحاسبين والحراس القضائيين ويعتمدون عليهم دائماً كأنهم تابعون لهم في المهام كالبيع والتقييم، والمحاسبة، ووصفت النيابة الحوثية بأنها «أصبحت بؤرة للفساد والمفسدين، مع تراجع دورها بشكل ملحوظ وأنه لا ضمير في كثير من أعضاء النيابة الابتدائية، وأن بعضهم لا علم ولا كفاءة ولا أخلاق لهم.
وذكرت النقابة أن أماكن الاحتجاز في النيابات والمحاكم غير لائقة «وتمثل جريمة في حق المحبوسين والمجتمع بشكل عام»، وقالت إن منبع الفساد هو تأخير تسليم الأحكام القضائية إلى ستة أشهر وأكثر، بسبب وجود قضاة ضعفاء لا يستطيعون ضبط أمناء السر والعاملين معهم في سكرتارية المحاكم.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).