مظاهرات حاشدة احتجاجاً على التقارب بين أنقرة ودمشق

شهدت عشرات المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة المعارضة، في شمال غربي سوريا، أمس (الجمعة)، مظاهرات حاشدة تحت عنوان «نموت ولن نصالح»، شارك فيها الآلاف، احتجاجاً على التصريحات التركية حول التقارب بين تركيا والنظام السوري، ورفضاً للمصالحة التي تحاول أنقرة فرضها على السوريين مع النظام وفق خطوات ومباحثات.
وشهدت مدن إدلب وجسر الشغور وأريحا وبنش ومعرة مصرين وحارم وسلقين وسرمدا، وعدد من البلدات ومخيمات النازحين في محافظة إدلب، إلى جانب مدن الباب وجرابلس واعزاز وصوران ومارع وأخترين وعفرين وجنديرس والراعي وأتارب وبلدات أخرى بريف حلب الشمالي، خروج مظاهرات شعبية حاشدة إلى الساحات، ندد خلالها المتظاهرون بالتقارب بين تركيا والنظام السوري والاجتماعات الأخيرة بين مسؤولي البلدين، والتأكيد على إسقاط النظام ورفضهم لما سمّوها «المؤامرة» الحالية على الشعب السوري، أو التطبيع مع نظام الأسد.
ودعا خطباء المساجد في مناطق إدلب وريف حلب، أمس (الجمعة)، إلى عدم الاستكان أو السكوت عن ما يجري من محاولات دولية وإقليمية تقود إلى فرض مصالحة بين السوريين والنظام السوري، وطالب الخطباء بفتح الجبهات والمعارك ضد النظام السوري وحلفائه في أقرب وقت لقطع الطريق على من يحاول التفريط بحقوق الشعب السوري وثورته المباركة التي راح ضحيتها ما يقارب مليون شهيد ونزوح الملايين بالداخل والخارج.
وقال أبو عمر حريتان، وهو قيادي في «الفيلق الثالث» (المعارض)، إن «نظام الأسد الذي دمّر البلاد وهجر العباد وولدت من رحمه كل المنظمات الإرهابية، وحول سوريا إلى دولة الكبتاغون لا يمكن أن يكون شريكاً في إحلال السلام في المنطقة، فالموت ألف مرة أسهل لنا من أن نصالح على دماء شهداء الثورة السورية».
العقيد مصطفى بكور، وهو ضابط منشق، قال: «بعد أن تعددت مهام الثوار وتحول جهدهم إلى إنشاء حكومات وفتح معابر والقتال خارج الحدود السورية خدمة لأجندات دولية ضاعت البوصلة والهدف، والسبيل الوحيد للخروج من هذه الدوامة، هو إعادة تشكيل جيش فتح جديد بقيادة جديدة لم تنخرط بمسارات التفاوض والتنازلات، يشكل عامل جذب لكل الشباب المؤمن بالثورة ونعيدها سيرتها الأولى».
وكان «المجلس الإسلامي السوري» أكد، في بيان له، رفض المصالحة مع النظام السوري، مشيراً إلى أن «مصالحة تلك العصابة تعني أن يموت شعبنا ذُلاً وقهراً، وتعني بيع دماء الشهداء الذين مضوا وهم ينشدون كرامة سوريا وعزة أهلها، وطالب الدول المضيفة للشعب السوري المهاجر، بضمان حقوق المهاجرين وعلى رأس تلك الحقوق العودة الطوعية الحقيقية الآمنة التي لا تكون إلا بعد زوال عصابة الإجرام».
وكانت «هيئة تحرير الشام»، الفصيل ذو النفوذ العسكري الأكبر على الساحة في شمال غربي سوريا، قالت في بيان، أول من أمس (الخميس)، إن «الثورة أمام تحدٍّ سياسي جديد يتمثل بتنشيط التواصل مع النظام من قبل أبرز حلفاء الشعب السوري (الدولة التركية)؛ حيث تأتي هذه المباحثات لأجل إحراز تقدم في ملف اللاجئين قبيل الانتخابات التركية المقبلة من جهة، وممارسة مزيد من الضغط على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وأبرز مكوناته حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى».
وأشارت إلى أن «النظام السوري الحالي، ومن قبله حكم أبيه حافظ الأسد، هدد الأمن القومي التركي لعقود من خلال دعمه لحزب العمال الكردستاني، وإيواء كوادره وأبرز قادته عبد الله أوجلان، وهو لا يملك النوايا الحسنة للمشاركة بإزالة المخاوف والتهديدات الأمنية لصالح سلامة وأمن تركيا، فضلاً عن عدم قدرته على ذلك، إضافة إلى كونه السبب الرئيسي في دفع ملايين السوريين للجوء، فكيف سيكون هو الحل اليوم، أو يرضى السوريون بالعودة إلى مناطقه التي يسيطر عليها، وإلى هذه اللحظة لم يتغير سلوك النظام السوري أو يبدل نهجه ضد الشعب السوري من قتل وتشريد واعتقال، بل تجاوز ذلك بتحويل المناطق التي يسيطر عليها إلى معامل تصدير الكبتاغون، ورعاية تجارة المخدرات، وبذلك جمع النظام بين ظلمه لشعبه وانتقامه من شعوب المنطقة وحكوماتها مهدداً الأمن المجتمعي ومستقبل الأجيال».
«حركة سوريا الأم» التي يترأسها المعارض أحمد معاذ الخطيب عبرت عن رفضها بشدة «أي نهج من شأنه تعويم نظام متهالك غير قادر على تأمين الحاجات الأساسية للسوريين في المناطق التي تخضع لسيطرته أصلاً»، مذكرة «الصديقة تركيا» بأن نظام الأسد هو الأبُ الروحي للإرهاب، وبأن هذه الحركات خرجت من رحمه وهي صنيعة أجهزة استخباراته.
وأكد العقيد رياض الأسعد، وهو مؤسس «الجيش السوري الحر» الذي تشكل من آلاف الضباط السوريين المنشقين عن النظام السوري، بعد اندلاع الثورة في مارس (آذار) 2011، أن «المصالحة مع عصابة بشار القاتلة المجرمة هو انتحار رغم جميع الظروف التي نمر بها، فلا سلام ولا استقرار بوجود عصابة فاشية إرهابية واحتلال قاتل إرهابي بكل المقاييس الدولية، لما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب السوري من قتل وتعذيب وتهجير واستخدام الكيماوي والأسلحة المحرمة دولياً لقتل الشعب».