واشنطن تعبر عن خيبة أملها إزاء انهيار الهدنة في اليمن

المبعوث الأممي لليمن: انتهاك وقف النار سببه سوء التفاهم بين أطراف الأزمة

يمني يعاين أضرارًا لحقت بمبنى طاله القصف في العاصمة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني يعاين أضرارًا لحقت بمبنى طاله القصف في العاصمة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تعبر عن خيبة أملها إزاء انهيار الهدنة في اليمن

يمني يعاين أضرارًا لحقت بمبنى طاله القصف في العاصمة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني يعاين أضرارًا لحقت بمبنى طاله القصف في العاصمة صنعاء أمس (إ.ب.أ)

عبرت وزارة الخارجية الأميركية عن خيبة أملها إزاء انهيار الهدنة الأخيرة في اليمن، وعبرت عن أملها في وقف مؤقت لإطلاق النار، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية للسكان خصوصا في المناطق المنكوبة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، في مؤتمره الصحافي اليومي: «لقد أصبنا بخيبة أمل لكون هذه الهدنة الإنسانية لم تنفذ». وأضاف: «لكن حسب معلوماتنا، فإن بعض المساعدات الإنسانية وصلت إلى المحتاجين لها». وتابع: «هذا أمر جيد، لكن الكمية التي أرسلت تقل عن الكمية المطلوبة».
وكانت الأمم المتحدة عبر المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك للصحافيين، قد عبرت عن موقف مماثل أول من أمس، وجددت الدعوة إلى إبرام هدنة إنسانية «غير مشروطة». وقال دوجاريك إن «الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يشعر بخيبة أمل كبيرة حيال عدم صمود الهدنة الإنسانية خلال نهاية الأسبوع، لكنه لم يفقد الأمل بخصوص التوصل إلى وقف لإطلاق النار». وصنفت المنظمة الدولية الوضع الإنساني في اليمن بأنه بات «أزمة من الدرجة الثالثة»، أي الأكثر صعوبة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن بدء الهدنة اعتبارا من ليلة الجمعة الماضية وكان يفترض أن تستمر حتى نهاية شهر رمضان للسماح بإيصال المساعدات إلى المتضررين.
من جانبه، قال المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في تصريح لـ«راديو سوا» إن «سبب الخروقات التي طالت الهدنة هو سوء التفاهم بين أطراف النزاع»، لكنه أكد أنه سيسعى لتثبيت التهدئة. وأضاف المبعوث الأممي أن «الحل الحقيقي للأزمة اليمنية لا يقتصر على هدنة إنسانية مدتها أربعة أو خمسة أيام، بل هو الحل السياسي على أساس المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن». وأوضح أنه كثف من مساعيه لتحقيق ذلك.
وحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فإن ولد الشيخ يتواصل مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي أكد أنه سيقبل الهدنة وسيبلغ أعضاء التحالف بذلك. إلا أنه لم يحدد الوقت لذلك بعد. وكانت الرياض قد أعلت في وقت سابق أنها لم تتلق طلبا من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بوقف الغارات وأنها مستمرة في محاربة الحوثيين.
ولا يزال الغموض يخيم على مصير الهدنة الإنسانية خاصة بعدما استبعد المبعوث الأممي ولد الشيخ الدعوة إلى مشاورات جديدة بخصوص الأزمة اليمنية. وأضاف دوجاريك للصحافيين «نواصل اتصالاتنا على مستويات مختلفة ونجدد دعوتنا إلى هدنة إنسانية غير مشروطة».
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل، عن مقتل 142 مدنيا في اليمن بين الثالث من يوليو (تموز) الحالي إلى الاثنين الماضي، وعن إصابة 224 آخرين بجروح. بدورها، حذرت منظمة «أوكسفام الدولية» من نقص الماء والوقود في اليمن، مشيرة إلى أن الأزمة الحالية جعلت نحو 80 في المائة من السكان اليمنيين دون ماء صالح للشرب.
وفي شأن آخر حول الأزمة اليمنية، قال ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في اليمن يوهانس فان دير كلوو، في مؤتمر صحفي عقده أمس، إن «نحو 10 آلاف و500 وافد جديد دخلوا اليمن عن طريق البحر منذ بداية النزاع في 26 مارس (آذار) الماضي، معظمهم من إثيوبيا والصومال وجنسيات أخرى». وأضاف الممثل الأممي أنه «وفقا لأرقام المفوضية فإن أكثر من 37 ألف مهاجر ولاجئ وصلوا اليمن عن طريق البحر منذ بداية العام الحالي، وأن المهربين يخدعون الكثيرين من هؤلاء بإبلاغهم أن الوضع في اليمن آمن وأن الحرب انتهت».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.