البرلمان المصري يدخل على خط أزمة «مستشفى سرطان الأطفال»

نائب تقدم بطلب إحاطة بشأن أوجه صرف إدارتها

مستشفى سرطان الأطفال في مصر (الصفحة الرسمية للمستشفى على فيسبوك)
مستشفى سرطان الأطفال في مصر (الصفحة الرسمية للمستشفى على فيسبوك)
TT
20

البرلمان المصري يدخل على خط أزمة «مستشفى سرطان الأطفال»

مستشفى سرطان الأطفال في مصر (الصفحة الرسمية للمستشفى على فيسبوك)
مستشفى سرطان الأطفال في مصر (الصفحة الرسمية للمستشفى على فيسبوك)

في تطور جديد للجدل المثار حول مستشفى سرطان الأطفال (57357)، دخل البرلمان المصري على خط الأزمة التي شغلت قطاعات واسعة من المصريين خلال الأيام الماضية منذ إعلان المستشفى «تراجع التبرعات المالية»، وتقدم عضو بمجلس النواب بطلب إحاطة عاجل للتحقق مما يثار في وسائل الإعلام بشأن ميزانية المستشفى وأوجه صرف التبرعات.
وطالب النائب سليمان وهدان عضو مجلس النواب «الغرفة الأولى بالبرلمان» في طلب إحاطة تقدم به اليوم، الأربعاء، بـ«تشكيل لجنة للوقوف على حقيقة ما يثار حول أوجه إنفاق التبرعات التي يتلقاها المستشفى». وقال وهدان في طلبه الذي وجهه إلى نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي: «هذا الصرح الكبير يخدم أطفال مصر والوطن العربي، لكن هناك التفاف حول المصروفات المبالغ فيها، والمجاملات بتعيين شخصيات عامة بمرتبات مبالغ فيها، يجب معرفة أين تذهب التبرعات التي تبلغ مليارات الجنيهات».
بدأت أزمة مستشفى سرطان الأطفال، التي تعتمد منذ افتتاحها عام 2007 بشكل كامل على التبرعات، عقب إعلان إدارتها عن احتمالات إغلاقها بسبب «نقص التبرعات»، وتباينت مواقف متابعي الأزمة ما بين تعاطف تحوّل إلى حملات مجتمعية شارك فيها فنانون وشخصيات عامة، وبين دعوات أخرى تطالب بالكشف عن ميزانية المستشفى وأوجه صرف التبرعات.
وتفاعلت قطاعات واسعة من المصريين مع حملات التضامن التي شارك فيها مشاهير المجتمع، بينهم الفنان عمرو يوسف، والفنان أحمد العوضي. غير أن تصريحات تلفزيونية أدلى بها الدكتور شريف أبو النجا المدير التنفيذي للمستشفى مطلع الأسبوع الحالي زادت حدة الجدل حول الأزمة. إذ قال أبو النجا خلال رده على سؤال حول آليات الرقابة على التبرعات.
وقال الدكتور محمد حسن خليل منسق «لجنة الحق في الصحة» بمصر لـ«الشرق الأوسط» إن «الحل الأمثل لأزمة مستشفى سرطان الأطفال هو أن تقوم إدارتها بنشر الميزانية كاملة بكل تفاصيلها التي تشمل التبرعات والإيرادات والمصروفات وأوجه الإنفاق كافة»، متابعاً: «كما يجب على إدارة المستشفى نشر توضيح للرأي العام بشأن اتهامات أخرى يتضمن تفنيداً لكل تفاصيلها. وعلى سبيل المثال، ما يثار بشأن تعيين أقارب، وحجم ما يُنفَق على الحملات الإعلانية».
وأشار خليل إلى أن «الرد على تساؤلات الرأي العام وتفنيدها سيجنب المستشفى مأزقاً كبيراً، إذ إن الجدل الحالي قد يُفقد الناس الثقة ويحجمون عن التبرع بشكل عام، كما أن نشر الميزانية هو مبدأ عام من مبادئ العمل الأهلي، فأي عمل خيري يعتمد على التبرعات يجب أن يخضع لرقابة على ميزانيته».
ولم يتوقف التباين في المواقف حول أزمة المستشفى على المتابعين والمراقبين، إذ شهدت الأيام الماضية تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة بعضها يطالب بالرد على ما يثار حول أوجه صرف التبرعات، فيما طالب نواب آخرون الحكومة بدعم المستشفى. ففي حين طالب النائب عبد المنعم إمام أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في طلب إحاطة، بـ«ضرورة رد وزيرة التضامن على ما يثار من لغط حول أوجه إنفاق التبرعات بالمستشفى»، طالب النائب محمود قاسم عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب في طلب الإحاطة، الحكومة بـ«سرعة التدخل لإنقاذ الأوضاع المالية بالمستشفى»، وهو نفسه ما طالبت به النائبة آيات الحداد في طلب إحاطة آخر.



اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية عمره 8 ملايين عام

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
TT
20

اكتشاف أطول سجل مناخي في السعودية عمره 8 ملايين عام

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

أعلنت «هيئة التراث السعودية» عن اكتشاف أطول سجل مناخي في الجزيرة العربية، وهو يبلغ أكثر من 8 ملايين عام، ويعدّ أطول السجلات المناخية عالمياً، وفق نتائج دراسة علمية حديثة، أجرتها في منطقة شمال شرقي مدينة الرياض، وأثبتت نتائجها أن أراضي السعودية كانت واحة خضراء قبل ملايين السنين.

وحددت نتائج الدراسة العلمية؛ الأولى من نوعها، التاريخ المناخي للجزيرة العربية على مدى 8 ملايين عام مضت، وأثبتت وجود مراحل مطيرة كثيرة ازدهرت فيها بيئة الجزيرة العربية وزادت كثافة غطائها النباتي وتنوعت الكائنات الحية فيها بشكل كبير، بخلاف طبيعة بيئة الجزيرة العربية في الوقت الراهن.

وخلال مؤتمر صحافي، عقد الأربعاء بمدينة الرياض، أعلن الدكتور عجب العتيبي مدير «الآثار» في «الهيئة»، عن نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة «نيتشر (Nature)» العلمية تحت عنوان: «الحقب الرطبة المتكررة في شبه الجزيرة العربية خلال الـ8 ملايين عام الماضية»، وذلك بالتعاون مع مجموعة جهات محلية ودولية تحت مظلة مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»؛ الذي يهدف إلى استكشاف التاريخ الطبيعي والبيئي للمنطقة.

د. عجب العتيبي مدير «الآثار» في «هيئة التراث» لدى إعلانه الاكتشاف المهم (تصوير: تركي العقيلي)
د. عجب العتيبي مدير «الآثار» في «هيئة التراث» لدى إعلانه الاكتشاف المهم (تصوير: تركي العقيلي)

وكشفت الدراسة العلمية عن سجل دقيق للمناخ القديم على أرض السعودية، عبر تحليل 22 متكوناً كهفياً تُعرف علمياً باسم «الهوابط والصواعد»، استخرجت من 7 دحول تقع شمال شرقي مدينة الرياض بالقرب من مركز شوية في محافظة رماح، وتعرف هذه الكهوف محلياً باسم «دحول الصِّمَان». ويُشير هذا السجل إلى تعاقب مراحل رطبة متعددة أدت إلى جعل أراضي السعودية بيئة خصبة وصالحة للحياة، على عكس طبيعتها الجافة الحالية.

ووفقاً للنتائج، فقد كانت صحراء السعودية، التي تُعدُّ اليوم من أكبر الحواجز الجغرافية الجافة على وجه الأرض، حلقة وصل طبيعية للهجرات الحيوانية والبشرية بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا. وأوضحت الدراسة أن هذه الحقب الرطبة لعبت دوراً أساسياً في تسهيل تنقل وانتشار الكائنات الحية والثدييات عبر القارات المجاورة.

وتدعم نتائج هذه الدراسة، التي تتلخص في توفر الدليل على وجود مراحل رطبة متعاقبة عبر الـ8 ملايين عام الماضية، نتائج الدراسات الأحفورية السابقة في الحاجز الصحراوي العربي، التي تشير إلى وجود أنواع حيوانية تعتمد على المياه في المنطقة؛ منها التماسيح والخيل وأفراس النهر، فقد كان وجودها يزدهر في بيئات غنية بالأنهار والبحيرات، وهي بيئات لم تعد موجودة في السياق الجاف الحالي للصحراء.

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

وتكمن أهمية الدراسة في فهم أعمق وأدق للتغيرات البيئية التي مرت بها الجزيرة العربية، وتوفر الظروف المناسبة لانتشار الثدييات بالجزيرة العربية عبر العصور.

وتعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها، وقد شارك في فيها 30 باحثاً من 27 جهة مختلفة محلية ودولية؛ من أبرزها «هيئة التراث» و«هيئة المساحة الجيولوجية» السعوديتان، وجامعة الملك سعود، و«معهد ماكس بلانك» الألماني، وجامعة غريفيث الأسترالية، وجامعات ومراكز بحثية عدة من دول مختلفة؛ منها ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية.

واستخدم الباحثون أساليب علمية مختلفة لتحديد المراحل، وذلك عبر تحليل دقيق للترسبات الكيميائية في المتكونات الكهفية، شمل تحليل نظائر الأكسجين والكربون لتبيان مؤشرات تغيرات نسبة الأمطار والغطاء النباتي عبر الزمن؛ مما ساعد في الكشف عن الحقب المطيرة وتقلباتها الرطبة على مدى ملايين السنين.

وأجرى الباحثون تحليلاً لترسبات كربونات الكالسيوم باستخدام تقنيتَي «اليورانيوم - الثوريوم (U-Th)» و«اليورانيوم - الرصاص (U-Pb)» لتحديد تاريخ هذه المتكونات وكشف الحقب الرطبة بدقة، عبر تحديد مراحل رطبة عدة تميزت بغزارة هطول الأمطار؛ يعود أقدمها إلى أواخر عصر الميوسين منذ نحو 8 ملايين عام، مروراً بعصر البليوسن، حتى أواخر عصر البليستوسين.

جانب من مؤتمر إعلان نتائج الدراسة العلمية (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من مؤتمر إعلان نتائج الدراسة العلمية (تصوير: تركي العقيلي)

مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»

وجاءت الدراسة ضمن مخرجات مشروع «الجزيرة العربية الخضراء»، وهو أحد المشروعات الرائدة لتعزيز البحث العلمي، وتوثيق التاريخ الطبيعي والثقافي لشبه الجزيرة.

ويهدف المشروع إلى الكشف عن الأبعاد البيئية والتغيرات المناخية التي أثرت على المنطقة عبر العصور، ودورها في تشكيل الجغرافيا والبيئة الطبيعية؛ مما يعزز فهمنا للتاريخ الطبيعي للسعودية.

ومشروع «الجزيرة العربية الخضراء»، مشروع علمي سعودي مشترك مع فريق بحثي عالمي يهدف إلى دراسة دلالات الوجود البشري في السعودية على مدى عصور ما قبل التاريخ، ويتميز بتطبيق مناهج علمية متعددة التخصصات؛ لاستخلاص أدق النتائج بشأن التراث الحضاري والبيئة القديمة للسعودية، وذلك بالشراكة مع جهات وقطاعات محلية ودولية عدة.

من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)
من أعمال الفريق العلمي بمواقع الاكتشاف (هيئة التراث)

واستطاعت أعمال المشروع أن توثق، لأول مرة، التاريخ المناخي للجزيرة العربية منذ أواخر عصر الميوسين وحتى الوقت الحاضر، والكشف عن ازدهار بيئة الجزيرة العربية وكثافة غطائها النباتي خلال مراحل زمنية مختلفة؛ مما ساهم في انتشار الثدييات بالعالم.

وأكدت «الهيئة» على التزامها بدعم البحوث العلمية وتوسيع نطاق التعاون الدولي في هذا المجال، مع تسليط الضوء على أهمية استدامة الإرث الطبيعي والثقافي، وأنهما قيد الاستكشاف، مع وجود دراسات جديدة مقبلة ستسهم في إثراء المعرفة بشأن هذه الموضوعات.

ورغم هذه الاكتشافات المهمة، فإن الكهوف في السعودية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات والاستكشافات العلمية؛ إذ تمثل هذه النتائج مجرد بداية لفهم أعمق لتاريخها الطبيعي وثرائها البيئي.