في إطار سعي الحكومة المصرية لتنمية مواردها المالية وتنويع مصادرها، بدأت «وزارة الثقافة المصرية» إجراء دراسات للاستفادة من «الحرف التراثية» استثمارياً. وأعلنت عزمها توسيع نطاق المبادرة الرئاسية «صنايعية مصر»، لتشمل تدريب المزيد من المواطنين على إنتاج الحرف التقليدية، بالتزامن مع إعداد خطط تسويقية للمنتجات محلياً وعالمياً.
وفي هذا الإطار، بدأ «صندوق التنمية الثقافية» أحد القطاعات التابعة لوزارة الثقافة المصرية، تلقي طلبات المشاركين في الدفعة الرابعة من المبادرة الرئاسية «صنايعية مصر»، والتي تستهدف «إعادة الحرف التقليدية والتراثية إلى مكانتها وصون الهوية المصرية كمحور مهم من محاور التنمية المستدامة»، حسب إفادة رسمية من صندوق التنمية الثقافية، اليوم (الأربعاء).
وتعود مبادرة «صنايعية مصر» إلى منتصف عام 2019، وتستهدف تدريب الشباب على إنتاج الحرف التقليدية والتراثية، لحمايتها من الاندثار. وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، قد أكد في تصريحات سابقة أن «المبادرة تستهدف تأصيل الهوية المصرية والحفاظ على ملامحها»، معتبراً أنها «أهم مبادرة ثقافية أطلقتها الدولة المصرية في الآونة الأخيرة».
وعقدت لجنة مبادرة «صنايعية مصر 4» أول اجتماعاتها لـ«بحث سبل تطوير العمل، والتوسع في نوعيات الحرف التراثية، وتسويقها واستغلالها استثمارياً». وأشار هاني أبو الحسن، رئيس صندوق التنمية الثقافية، في بيان صحافي (الأربعاء) إلى أن «الدورة الرابعة من المبادرة ستشهد زيادة في عدد المستفيدين منها، وتوسعاً في الحرف التقليدية المستهدفة، بالتزامن مع إنشاء خط إنتاج استثماري للمنتجات الحرفية، لفتح آفاق جديدة في سوق العمل لخريجي المبادرة». وأعلن «بدء الإعداد لعرض أزياء عصري مستوحى من مفردات التراث المصري».
وأوضح أبو الحسن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المبادرة تسعى للارتقاء بالحرف والصناعات الثقافية، وإضافة بُعد جديد للمنتج الثقافي، بوصفه من وسائل توفير فرص العمل، وتحقيق عائدات استثمارية للبلاد»، مشيراً إلى أن «وزارة الثقافة تعمل على وضع خطط تسويقية للحرف التقليدية لنشرها محلياً وعالمياً».
وخلال زيارة لمركز الحرف اليدوية والتقليدية بالفسطاط منتصف الشهر الجاري، طالبت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، بـ«عمل دراسة لإنشاء خطوط إنتاج تمزج بين ما هو تراثي وما هو حديث، ما يتيح تسويق المنتجات التراثية استثمارياً»، وأكدت أن «الحرف اليدوية إحدى الصناعات الإبداعية التي تمثل مصدراً مهماً من مصادر الدخل». وفي تصريحات سابقة لفتت الكيلاني إلى أن «وزارة الثقافة تبنّت مبادرة (صنايعية مصر) انطلاقاً من دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتدريب الشباب على الحرف التقليدية».
ودعا الرئيس المصري في يونيو (حزيران) عام 2017 إلى «تشكيل مجموعة من الشباب ليتولوا مهمة الاهتمام بالصناعات اليدوية والتراثية بمختلف المحافظات، وليكونوا نقطة اتصال بين الدولة والمصنعين بهدف إقامة المعارض وتسويق تلك المنتجات والترويج لها خارج مصر»، حسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات بمصر.
وقال الدكتور أشرف رضا، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة ومدير مجمع الفنون بجامعة حلوان ورئيس لجنة «صنايعية مصر 4»، إن «المبادرة تنطلق هذا العام واضعة في اعتبارها التوسع في نوعية الحرف التراثية، وزيادة عدد المتدربين، بالتزامن مع تطوير آليات تسويق الحرف التراثية في السوق المحلية والعالمية».
وفي هذا الإطار أشار رئيس صندوق التنمية الثقافية، إلى «اتجاه المبادرة إلى تغيير آليات تسويق الحرف التراثية، بإنتاج أدوات قابلة للاستخدام اليومي، وليس مجرد منتجات للزينة»، مشيراً إلى «الاستفادة من البروتوكول الموقَّع مع (بيت جميل) ومدرسة مؤسسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية (ملك بريطانيا حالياً)، في تطوير وتنسيق الحرف التراثية المصرية».
وناقشت لجنة مبادرة «صنايعية مصر 4» خلال اجتماعها الأول، «سبل تطوير مفهوم العمل بالمبادرة ليتعدى تنمية المواهب، إلى تخريج صناع محترفين، باعتماد مناهج وأساليب تدريب مختلفة، ليصبحوا قادرين على تطوير الحرفة وتدريب جيل جديد من الحرفيين قادرين على المشاركة الإيجابية في سوق العمل»، يأتي ذلك بالتزامن مع «تدريب الشباب على أساليب التسويق والعرض والبيع، إضافةً إلى تطوير شكل المنتج لتوظيفه في الاستعمالات اليومية، وتخصيص برنامج للكفاءات للفئات العمرية فوق 45 عاماً»، حسب البيان الصحافي.